بمناسبة الذكرَى (40) لتاسيس الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السُّودان – ليستمر النضال من أجل تحقيق السُّودان الجديد
هيئة التحرير : splmn.net
في يوم 16 مايو عام 1983 أُصدرت الأوامر من قيادة القوات المُّسلَّحة السُّودانية إلى الحامية (116) بجـوبا بمُهاجمة الكتيبة (105) في “بـور” بقيادة المُقدَّم/ كاربينو كوانين بول، والكتيبة (104) في “أيود” تحت قيادة المُقدَّم/ وليم نون بانج – وذلك بعد أن رصدت الخرطوم تحرُّكات للكتيبتين وإيقانها بنوايا من جانب الكتيبتين للثورة. فبدأت المعارك في يوم 16 مايـو 1983 مُعلنة عهداً جديد في تاريخ الشعب السُّوداني.
وفي يوم 18 مايو 1983 قرَّرت القوات الثائرة وبوجود العقيد الدكتور/ جون قرنق ديمبيور الإنسحاب إلى منطقة بلفام Bilpam العسكرية على الحدود السُّودانية الأثيوبية والتي كانت مقرَّاً لقوات الأنانيا (2). تحرَّكت كل القوة بالإضافة إلى الطلاب والموظَّفين نحو منطقة بلفام. وكان الرئد/ أروك طون أروك – والنقيب/ سلفاكير ميارديت – الذان كانا ضابطين في الإستخبارات – قد إنضمَّا إلى القوات المُنسحبة أيضاً.
في تلك الفترة كان الوضع ملائماً لقيام الثورة التي لم يكن ينقُصها إلَّا قيادة سليمة تقود الشعب إلى الإتجاه الصحيح، وقد كانت الخطة هي: إما أن تكون هنالك ثورة عامة بواسطة الحاميات العسكرية في جنوب السُّودان، أو اللجوء إلى خيار النضال المُسلَّح طويل الأمد. تلك الفترة التي بدأت تظهر في نظام (جعفر نميري) الكثير من علامات الضعف بإصدار قرارات تعسُّفية كثيرة منها حل مجلس الشعب الإقليمي وأخيراً قرار إعادة تقسيم الإقليم الجنوبي إلى ثلاثة أقاليم ممَّا أدَّى إلى إنهيار الثقة بين الشعب والنظام الحاكم. ولذا أصبح هنالك شعور عام بالحاجة إلى نظام جديد وبديل لتصحيح الوضع السِّياسي. هكذا تطوَّرت المقاومة إلى حركة ثورية حيث تولَّى المُقدَّم/ كاربينو كوانين الذي كان في منطقة بور قيادة المُهمَّة. كل هذه التحرُّكات وضعت حجر الأساس للثورة وبعد ذلك وصلت إلى ذروتها بتكوين الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السُّودان. كان العقيد الدكتور/ جون قرنق دي مبيور في مُقدِّمة هذه الأحداث حيث كان يقوم بالتنسيق مع وليم نون بانج وكاربينو كوانين بول من الخرطوم مُباشرةً. وقد تحرَّك فيما بعد شخصياً إلى منطقة (بور) لإدارة العمليات.
بعد إنسحاب الثوَّار إلى منطقة (بلفام) قرَّروا تنظيم الحركة والقوات في الميدان. وكانت قوات حركة أنانيا (تـو) تحت قيادة (القائد/أكوت أتيم دي ميان – والقائد/ قاي توت) موجودة مُسبقاً في بلفام. لذلك أصبح موضوع كيفية توحيد القوتين من المواضيع العاجلة لكي يتم تكوين جيش الثورة تحت قيادة عسكرية ورؤية سياسية واحدة. وقد عقدت مجموعة العقيد الدكتور/ جون قرنق عِدَّة إجتماعات مع مُمثِّلي حركة أنانيا (2) في بلفام بهدف توحيد القيادة والرؤية، ولكن جهودِها باءت بالفشل. فقد إختلفت المجموعتان حول الرؤية والإستراتيجية العسكرية. وقد أدَّت هذه الخلافات إلى مواجهة بين المجموعتين في 3 سبتمبر 1983 وهذا كان يُعد بداية صراع جديد، وبين الثوَّار أنفسهم. أما فيما يخص الإختلاف حول الرؤية بالنسبة للسُّودان، فقد كانت مجموعة العقيد الدكتور/ جون قرنق تُريد النضال من أجل: (سودان علماني، إشتراكي، موحَّد)، بينما كانت المجموعة الأخرى تُريد أن تُناضل من أجل (إنفصال جنوب السُّودان عن الشمال)، وقد كانت هذه المُفاوضات محكومة بالفشل منذ بدايتها بإعتبارها بين طرفين نقيضين يصعُب التوفيق بينهما. أصرَّت مجموعة أنيانيا (2) على موقفها، لذلك تعرَّضت لهجوم مُشترك بواسطة الكتيبة (104) والكتيبة (105) حيث تم طردهما تماماً من منطقة (بلفام) وبعدها أصبحت المنطقة رئاسة للحركة الشعبية والجيش الشَّعبي لتحرير السُّودان.
هكذا تم تأسيس الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السُّودان كحركة ثورية للتحرير في عام 1983م بعد أن أعلنت بيانها التأسيسي في 31 يوليو 1983م. ويُعتبر هذا اليوم هو التاريخ الرَّسمي لتأسيس الحركة الشعبية.
بعدها تم تكوين القيادة السِّياسية والعسكرية العليا على النحو التالي:
1/ العقـيد الـدكتور/ جـون قـرنـق دي مبيور: القائـد الأعلى.
2/ المُقدَّم/ كاربينو كوانيين بول: نائباً للقائد الأعلى.
3/ المُقدَّم/ وليم نيون بانج: رئيـس هيـئـة الأركـان.
4/ الرائد/ أروك طون أروك: نائباً لرئيس هيئة الأركان للإدارة والتموين.
5/ النقيب/ سلفاكير ميارديت: نائباً لرئيس هيئة الأركان للأمن والعمليات.
إن الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – كتنظيم – لم تظهر إلى الوجود من العدم أو بالصدفة. إنها لبنة لرؤية تُعبِّر عن بُعد نظر ثوَّار من أبناء جنوب السُّودان بصفة خاصة والسُّودان بصفة عامة. إنها وليدة تخطيط واعي وتنسيق وعزيمة لرموز سياسية وعسكرية. لقد كانت إستجابة لنداء عام في نظام سياسي أصبح يحتضر، وإستجابة لظلم الناس بدأ مظاهره واضحة في الإضطرابات العسكرية والمدنية وخاصة في جنوب السُّودان.
كانت تلك هي بداية ثورة التحرير ورؤية السُّودان الجديد. وقد حُظيت رؤية السُّودان الجديد وأهداف الثورة بقبول وتأييد كبير في شمال السُّودان. فكان المد الثوري الذي قاد بدوره إلى تمدُّد الحركة الشعبية والجيش الشعبي شمالاً إلى (جبال النوبة، الفونج ودارفور وشرق السُّودان). والجيش الشعبي هو جيش ثوري يخوض حرباً طويلة الأمد لتحرير السُّودان من الظلم والبطش والقهر والتهميش، ومن أجل بناء سودان جديد بأسُس جديدة ترتكز على: (الحرية .. العدالة .. والمُساواة – سودان جديد علماني ديمقراطي لا مركزي قائم على الوحدة الطوعية).
ستظل الحركة الشعبية لتحرير السُّودان بـ(أهدافها ورؤيتها ومشروعها السِّياسي) موجودة في السُّودان، وستواصل الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال النضال من أجل ذات القضايا التي تأسَّست الحركة من أجلها – والتي لا زالت قائمة – ولن تُحَل إلى بمُخاطبة الأزمات المُزمنة من جِذورها.