النسوية السودانية من منظور أفريقي  (٣)

بقلم/ بدرية سعيد الطاهر 

 

باحثة اجتماعيه ومهتمة بشئون المرأة

مواصلة في كتابات النسوية السودانية من منظور افريقي … نبدأ بماهية المرأة الكمبرادورة أي النسوية الكمبرادورية.

بخصوص العلاقة بين الحركات النسوية و الدولة القومية نقدم مفهوم (النسوية الكمبرادورية)  باعتبارها المقابل للنسوية الليبرالية التي أخفقت في إدراك أوجه القمع التي تواجه النساء السوداوات وهكذا النسوية التقليدية التي وقعت في فخ استعمار العقل بتبنيها اللانقدي لنظريات تأسست على دراسة قضايا ومشكلات مختلفة لذا عندما نتحدث عن النسوية الكمبرادورية نعني بها: أنشطة وممارسة الحركات النسوية في الدولة القومية الحديثة فى العالم الثالث كنسخة مشوهة لنظيرتها  فى العالم الأول فهذه الحركات كمبرادورية في إنها تفتقد الى الأدوات والمناهج البحثية التي تربط قضايا المرأة في العالم الثالث بالاستعمار والعنصرية وفي الغالب تتبني نظريات ومفاهيم المستعمر لتناول تلك القضايا مما يؤدي الى ما يطلق عليه انغوغى واثنقو ( استعمار العقل).

لان هذه الحركات تقوم بأنشطة في الأساس تعمل على تنفيذ مخططات وبرامج الامبريالية والاستعمار الجديد.

نجد إن النساء اللاتي يتبنين النسوية المصدرة إليهن جاهزة، هن في الغالب النساء ذوات الارتباط بالسلطة وبالتالي يطرحن قضايا النساء ليس لمعالجة إشكالات النساء البحته وإنما للمحافظة على إمتيازات مادية ورمزية مستمدة من هذه الوضعية المختلة.

فالنسوية السودانية ليست إستثناء فهي كمبرادورية ايضاً لانها ناقشت قضايا المرأة من واقع النساء الاسلاموعروبيات أي الجلابيات لذلك عجزت النسوية السودانية من إدراك أوجه القمع الذي  تتعرض له النساء في الهامش بل عملت على بلورة خطاب إقصائي بما يتماشي مع إيدولوجيتهن، ويتضح ذلك جلياً في نظرتهن للأعمال التي تقوم بها النساء في هامش السودان مثل ( العمل، الزراعة، المنازل،. الرعي، ..الخ)، باعتبارها قهر واضطهاد  ولكن في الواقع النساء اللاتي يقمن بهذه الاعمال هن اكثر حرية واستقلال ويتمتعن بإحترام وتقدير في مجتمعاتهن أكثر بكثير من النساء اللاتي يعتبرن أنفسهن متحضرات ( يورد ـ فردريك أنجلس ) في كتابه: (اصل العائلة والملكية الخاصة والدولة) أن الشعوب التي يجب عندها أن تشتغل النساء أكثر بكثير مما يترتب عليهن بحسب تصوراتنا، تبدي في غالب الأحيان من الاحترام الحقيقي للنساء أكثر بكثير مما يبديه أوربيونا. فسيدة عصر الحضارة المحاطة بالتقدير والاجلال الظاهرين والغريبة عن كل عمل حقيقي تشغل وضعاً إجتماعيا أدني الى ما لا حد  له من وضع المرأة  في عصر البربرية التي كانت تقوم بعمل مرهق والتي كانت تعتبر بنظر  شعبها سيدة حقيقية والتي كانت كذلك حقاً وفعلاً وبحكم وضعها.

نجد هذه الوضعية تنطبق على واقعنا السوداني، النساء في الهامش يقمن باعمال تعتبر مرهقة ووضيعة من وجه نظر المركز ولكنها ليس كذلك من منظور ثقافتهن الأصلية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.