النساء في قلب الصراع ٣ العنف الجنسي

منال إبراهيم حسين

بمنأى عن المعاهدات و المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، يجب الاعتراف بأن العنف الجنسي ضد المرأة يمثل انتهاكا لحقوقها الإنسانية كما يمثل انتهاكا للحقوق الإنجابية للمرأة و حقها في السلامة الجسدية و النفسية و الإنجابية و الجنسية كلها عوامل تعتبر عواقب سلبية يترتب عن العنف ضد المرأة و الفتيات، إذ يجب القضاء عليه في جميع أنحاء العالم و إتاحة أوسع الفرص لمناقشة التحديات و الحلول و وضع الأولويات لعدم الافلات من العقاب. كما هو المشهد القائم في السودان بدءا من حادثة الاغتصاب الجماعي لمائتي امرأة و فتيات قصر بقرية تابت بشمال دارفور في مساء الجمعة، الثلاثون من أكتوبر ٢٠١٤م مع سبق الاصرار و الترصد بعد أن أقر قائد المنطقة العسكرية او حامية تابت في ابشع جريمة ضد الانسانية في التاريخ تاركا ضحاياه في العراء، رافضا للبعثة الاممية انذاك و المنظمات الحقوقية و الانسانية التوجه الي موقع الحادث إذ سارع النظام الحاكم بإخفاء الجريمة البشعة كما هو الحال في اي بقعة في البلاد. و تتكرر الاعتداءات الجنسية بمختلف المواقع الجغرافية في السودان و يبقى هو السلاح الذي يقهر النساء و يضعهن في قلب الصراع.
نحن النساء نعيش في فترة إستثنائية غير مسبوقة من التاريخ ولا بد أن تكون لدينا حلول حقيقية لمعالجة بعض من أكبر المشاكل في السودان، (الاغتصابات) نموذجا و نعلم ان الاهتمام بالمصالح الخاصة على حساب المصالح العامة، قلل من القيم و الأخلاق في المجتمعات في غياب دولة القانون و غياب الرؤية و انسداد الافق السياسي ولا نرى نقطة للضوء في النفق وسط الفوضى الضاربة الاطناب و الحروبات و السيولة الأمنية و الوضع الاقتصادي المزري.
الاعتداءات الجنسية الاغتصاب هي في الأصل ليست حوادث فردية بل يعد من الأمور التي تقع في سياق أوسع من الممارسة الاجتماعية و السياسية، و الأفكار التمييزية ضربا من ضروب التاريخ يصعب فيه جبر الضرر، نحن النساء عانينا من ويلات الحروب و العيش في قلب الصراع تحولت أجسادنا لساحات معارك ينتصر فيها المنتهك و تنهزم و تنكسر فيها إرادتنا إن نجونا من القتل فلن ننجو من أشكال الإساءات و التعبيرات الجنسية الخادشة للحياء و الاستعباد الجنسي و الاكراه على البغاء و الحمل و التعقيم القسري كلها، تمثل جرائم ضد الانسانية و جرائم حرب التي تحد من تمتع المرأة بحقوقها و بالحريات الإنسانية.
استمرار ممارسات العنف الجنسي تتفاقم كل يوم و تتضاعف ضحاياه و وجود الحقوق على شاكلة نصوص قانونية لا يعني ان اصحابها يمارسونها و يعملون على أساسها، فقط تبقى مجرد نصوص معدومة الفعالية ، معظم دول العالم تنشئ خطوط هاتف مجاني يعمل على مدار اليوم خدمة لضحايا العنف (الخطوط الهاتفية السخنة) ، اليوم الأمر يستدعي توفير هذه الخطوط في جميع أنحاء السودان و الإعلان عنها على أوسع نطاق .
التغيير ليس حدثا معزولا بل كمية من المظالم التاريخية و عملية تراكمية للتاريخ المظلم متععدة المستويات فقط مزيدا من الإرادة السياسية و الضغط الشعبي المتواصل يستقيم صراط التغيير..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.