النخب والتخاذل في القضايا المصيرية والمحافظة على الامتيازات التاريخية
محمد تندي أوباما
من المعلوم أن السودان مر بعدة حكومات بعد خروج المستعمر الخارجي التي سميت جزافآ حكومات وطنية، والتي تقلبت ما بين العسكرية والمدنية في أشكال صورية سميت بإنقلابات، إلا أنها تبديل نخبوي صاحب إمتيازات بنخبوي آخر، فعندما يصل الشعب السوداني مرحلة الوعي بالثورة ويكاد أن يقلبو الطاولة علي أصحاب الإمتيازات فيسلمون السلطة للعسكريين، في شكل ترميز تضليلي بأنهم حماة الثورة، إلا أن سرعان ما تنقلب الموازين وتعود الأوضاع كما هي بل أسوأ من ذالك، مثال لذلك ثورة ٦٤، ٨٥، وانتفاضة ديسمبر ٢٠١٨
فالسودان محتاج إلي مبادئ فوق دستورية ودستور دائم محمي بجيش وطني موحد، ونحتاج إلي تغيير حقيقي في القوانين التي تخاطب جذور الازمة السودانية التي تركها المستعمر وطبقتها حكومات النخب وأصحاب الامتيازات التاريخية.
فأن تاريخ نضال الحركات المسلحة طويلة ومر بعدة محطات للجلوس في طاولة الحوار والنقاش بهدف الوصول للحلول الجذرية التي تعالج قضايا ومشاكل السودان التي تركها المستعمر، منذ انانيا ون و تو إلي يومنا هذا، إلا أن معظمها لم تتم بصورة جيدة وتضع نهاية منطقية للحروب والاقتتال بين أبناء الوطن الواحد والمحافظة علي وحدة تراب الوطن.
فإن مشكلة السودان في المفاوضات هي غياب الإرادة الحقيقة والنية الصادقة للوصول لحل جذري يعالج قضايا ومشاكل السودان التي تركها المستعمر. فعندما تتردد حكومة الثورة بتكوين جيش وطني موحد، ويستمر في المحافظة علي القوانين التي تفرق بين مكونات الشعب السوداني الواحد في الحقوق ويتم تنميطهم حسب اللون والعرق والدين، فأعلم بأن الإرادة قاصرة في وضع حلول أبدية لمشاكل البلاد.
فإن المشكلة الحقيقية تكمن فى “عزم النخب علي جعل العنوان جازبا ومثيرآ وتضع في التفاصيل ما تريد تحقيقه” لأن هنالك تقليد متبع من الجلابة والحكومات المتعاقبة علي حكم البلاد أن يجعلو العنوان مباشر ومبشرا بحقوق تردد، ولكن تكون الخدعة في التفاصيل، كما يقال “أن الشيطان في التفاصيل” حيث تتحايل النخب المسيطرة علي الحفاظ بامتيازاتهم وسلب الشعب الحقوق التي وعد بها في العنوان، وهذا ما نخشاه ونعتبره مهدد خطير لوحدة تراب الوطن وديمومة الحرب.