النخبة السياسية السودانية أسيرة رؤاها الخاصة
✍🏿: نضال الطيب حامد
تابعنا تصريح المنصورة د. مريم الصادق المهدى فى قناة الجزيرة، والذى أكدت من خلاله على إتفاق سياسي وشيك بين قحت وجميع مكوناتها، بما فيها المؤتمر الشعبى والإنقلابيين الذين يقودهم المكون العسكرى. فيما يبدو أن اللأءات الثلاثة (لاتفاوض – لا شراكة – لا شرعية) قد ذهبت أدراج الرياح لدي النخبة السياسية المركزية فى السودان.
ويمكن للمرء أن يرى الكثير من قضايا المجتمع التى ظلت تتعامل معها النخبة السياسية بمنظورها الذاتى لا الوطني. ومن هنا يقودنا الحديث إلى من هم هؤلاء النخب، حتى يتلاشى الفهم المغلوط في ذهنية الكثير ممن يعتقدون أن حديثنا على الدوام عن النخبة السياسية المركزية السودانية هو وصف عنصري تجاه أبناء الشمال والوسط النيلى وهذا إعتقاد غير صحيح.
نحن في مقام تشخيص وتحليل سياسى ونقد يمكننا بالضرورة من توجيه أصابع الإتهام بشكل مباشر للنخبة Elites السودانية نفسها، كما تحدثنا عنها فى عدد من المقالات والنخبة تعني هنا الذين ظلوا يديرون العملية السياسية فى البلاد، حكاماً أو محكومين، أو كما فسرها عالم الإجتماع الإيطالى أليفريدو باريتَو، في كتابه الموسوم بعلم الإجتماع العام وعرفها بالجماعة الأكثر تميزاً وتفوقاً داخل المجتمع، وتحتل أعلى المراكز فيه، وقسمها إلى نخبة حكومية وغير حكومية….وإن كنا نميل إلى ما ذهب إليه” السيناتور “ غايتانو موسكا فى كتابه، « المسمى بعناصر العلم السياسى» وقال : إنها تشمل المجال غير السياسى ونعنى هذا المفهوم تحديداً لنسقطه على المتخاذلين من النخب الثقافية والفكرية السودانية. وعموماً هى لا تعنى في مفهومنا من سنعرفهم لا حقاً بمصطلح الإنتلجنسيا inteiigencia أي الطليعة أو الفئة المنتقاة، أو الصفوة بدعوى إننا افترضنا فيهم مناصرة الحرية والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. وعليه، وفق هذا التوصيف يمكن القول أن النخبة السودانية المركزية، فشلت فشلاً ذريعاً، في المواءمة بين، التحول الديمقراطى، وبين، الأجندة الحزبية والشخصية لذاتها، وهذا ما إعترف به إبراهيم الشيخ القيادي بحزب المؤتمر السوداني في مقالاته، وطالب القويدى السياسية، والعسكرية بتقديم التنازلات، وقبول بعضهم البعض، ومع إننا نعلم جميعأ أنه ليس بالضرورة أن نستنسخ تجارب الشعوب المتقدمة بالحرف الواحد، فما بالك والبون شاسع في الأصل بين المجتمعات المتقدمة والمجتمعات النامية ومنها السودان. ولكن هذا لا يعنى ما يروج له البعض عدم تهيؤ الدولة لذلك فى الوقت الحالى، وإنما يجب أن يعنى تطبيق الديمقراطية نفسها فى إطار دولة ذات نظام حكم مدنى.
وفى الواقع السودانى أثبتت لنا التجارب السابقة، وإتضح لنا بشكل جلى سمات القصور فى الفوارق الكبيرة، بين النظرية والتطبيق. فالديمقراطية المعنية فى السودان إما غائبة غياباً كاملاً فى ظل الأنظمة الشمولية، أو مطبقة تطبيقاً مشوهاً في عهود الحكومات البرلمانية السابقة، ولما كانت الحالة” الأول تعد تحايلاً متعمداً، فإن” الثانية تعتبر تجسيدا فعليا للكسل الذهنى الذى إستمراته النخبة السودانية وتقاصر فى المصالحة بين التنظير والتدبير، ومن المهم جدأ التذكير بأن الشعب السودانى، قد ذاق الأمرين وهو يرى الديمقراطية تذبح بدم بارد أمامه، والثورات تسرق من قبل اليمين واليسار تحت مسميات مختلفة من نوع الديمقراطية الشعبية، والديمقراطية الثورية، والديمقراطية الجديدة، والشورى الإسلامية، وكلها مسميات لمسى وأحد هو المحاصصات السلطوية والطغيان الذي ينتهى الأمر فيه بنهاية نظام دكتاتورى عسكرى.