الموضوع: نداء عاجل للتحرك الفوري للأمم المتحدة لمعالجة الأزمة في السودان: تأمين السلام والإستقرار المستدامين من خلال تحقيق العدالة وحفظ كرامة الإنسان.
إلى: السيد أنطونيو غوتيريش
الأمين العام للأمم المتحدة
نسخة إلى: أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
الموضوع: نداء عاجل للتحرك الفوري للأمم المتحدة لمعالجة الأزمة في السودان: تأمين السلام والإستقرار المستدامين من خلال تحقيق العدالة وحفظ كرامة الإنسان.
أصحاب السعادة،
نحن حملة السودان العلماني، نتوجه إليكم بمناسبة إنعقاد الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة لنناشدكم بضرورة إتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لمعالجة الأزمة المتفاقمة في السودان. إن الحرب الدائرة خلفت، كارثة إنسانية، وإنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتؤكد الحملة على ضرورة وفاء الأمم المتحدة بولايتها في حماية السلام، العدالة، وكرامة الإنسان.
الأزمة الحالية: كارثة إنسانية:
يشهد السودان حالياً إحدى أخطر الأزمات في تاريخه الحديث، التي تفاقمت نتيجة للصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. منذ إندلاع القتال في أبريل ٢٠٢٣، أفضى العنف إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة. ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد نزح أكثر من ٥.٣ مليون شخص داخل السودان، ولجأ أكثر من مليون شخص إلى الدول المجاورة مثل تشاد، مصر، وجنوب السودان. و فرض هذا النزوح الجماعي ضغوطاً هائلة على المناطق المضيفة التي تعاني بالفعل من نقص الموارد وتضاؤل قدرات الإستيعاب.
لقد أدى تدمير البنية التحتية الحيوية إلى تفاقم الأزمة. فقد إستهدفت المستشفيات والمدارس ومحطات المياه، مما حرم الملايين من الحصول على الخدمات الأساسية. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن أكثر من ٧٠٪ من المستشفيات في مناطق النزاع أصبحت غير صالحة للعمل، مما يقيد بشدة الوصول إلى الرعاية الطبية للجرحى والمرضى. كما أدى تعطيل سلاسل الإمداد إلى نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة، مما دفع ٢٥ مليون سوداني—أي أكثر من نصف السكان—إلى حافة الجوع الحاد، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي.
لقد أدت هذه الكارثة الإنسانية إلى دفع السودان إلى حالة من الفوضى، مما زاد من نقاط الضعف القائمة وأدى إلى خلق طبقات جديدة من المعاناة البشرية. وتفيد التقارير بأن ٣٠٠٠ مدني على الأقل قُتلوا، وأصيب الآلاف، مع إستمرار العنف في الإنتشار في جميع أنحاء البلاد. وقد ساهم هذا الصراع المتصاعد في زيادة العنف القائم على النوع الإجتماعي، حيث تتأثر النساء والأطفال بشكل غير متناسب. الوضع يتطلب إهتماماً دولياً عاجلاً وإتخاذ إجراءات فورية لوقف العنف وإستعادة الخدمات الأساسية وتلبية الإحتياجات الملحة للمتضررين.
دور الأمم المتحدة: العدالة، السلام، وكرامة الإنسان:
تلعب الأمم المتحدة دوراً فريداً ولا يمكن استبداله في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، كما هو منصوص عليه في ميثاقها. وجوهر هذه المهمة هو تعزيز وحماية حقوق الإنسان، كما هو موضح في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يؤكد على أن “جميع الناس يولدون أحراراًومتساوين في الكرامة والحقوق” (المادة ١). هذا المبدأ الأساسي يلزم الأمم المتحدة والدول الأعضاء بالتصرف بحسم عندما تكون كرامة الإنسان مهددة، كما هو الحال في السودان اليوم.
إن الأزمة الحالية ليست مجرد صراع سياسي؛ بل هي تجسيد لمشكلات عميقة الجذور ناتجة عن عقود من عدم المساواة والتمييز والحرمان المنهجي من الحقوق الأساسية. يجب على المجتمع الدولي أن يعترف بأن السلام المستدام في السودان لا يمكن تحقيقه إلا من خلال معالجة هذه الأسباب الجذرية. وهذا يتماشى مع المادة ٢٨ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن “لكل فرد حق التمتع بنظام إجتماعي ودولي يمكن فيه إعمال الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان إعمالاً تاماً”
رؤية السودان العلماني الديمقراطي، مسار نحو السلام المستدام:
إن حملة السودان العلماني تتطلع إلى مستقبل سودان ديمقراطي، شامل، وعلماني—حيث تُبنى الحوكمة على مبادئ المساواة وحقوق الإنسان وسيادة القانون. إن دولة علمانية، خالية من التمييز الديني والعرقي، ضرورية لضمان كرامة وحقوق جميع السودانيين، بغض النظر عن دينهم أو جنسهم أو عرقهم أو معتقداتهم السياسية. ونؤمن بأن عملية السلام المستدامة يجب أن تشمل:
١/ دستور علماني ديمقراطي: وضع دستور يضمن فصل الدين عن الدولة، ويكرس مبادئ عدم التمييز، ويحمي حقوق جميع المواطنين على قدم المساواة.
٢/ حوار سياسي شامل: عملية سياسية شاملة تضم جميع الأطراف، بما في ذلك المجتمعات المهمشة والنساء والشباب، لضمان أن تُسمع أصوات المتضررين من النزاع وتحترم ارادتهم.
٣/ آليات العدالة التاريخية: تنفيذ تدابير العدالة الانتقالية، بما في ذلك محاسبة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتعويضات للضحايا، وإصلاحات مؤسسية لمنع تكرار العنف.
٤/ حماية حقوق الإنسان: تعزيز حماية حقوق الإنسان من خلال أطر قانونية قوية ومؤسسات مستقلة تضمن مساءلة من هم في السلطة أمام سيادة القانون.
٥/ المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار: ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المتضررة، ودعم دولي لإعادة بناء الخدمات الأساسية والبنية التحتية، مع التركيز على الفئات الأكثر ضعفاً
توصيات لعملية سياسية مستدامة في السودان:
نحث الأمم المتحدة ومجلس الأمن على إعتماد نهج شامل للأزمة في السودان، مع التركيز على الإجراءات التالية
١/ الالتزام الفوري علي إنشاء ممرات إنسانية لضمان تسليم المساعدات بأمان إلى جميع المحتاجين. يجب أن يشمل ذلك آلية مراقبة دولية لضمان إمتثال جميع أطراف النزاع.
٢/ دعم عملية سلام شاملة: تسهيل عملية سلام شاملة وشفافة تشمل جميع الأطراف السودانية، بما في ذلك المجتمع المدني والنساء وممثلي الفئات المهمشة. يجب أن تلعب الأمم المتحدة دوراً ريادياً في التوسط ودعم المفاوضات التي تسترشد بمعايير حقوق الإنسان الدولية.
٣/ الترويج لإطار دولة علمانية ديمقراطية: الدعوة إلى إطار دولة علمانية في السودان يحترم حقوق جميع المواطنين ويزيل التحيزات الدينية والعرقية من الهياكل الحكومية. يجب أن يكون هذا الإطار أساس أي تسوية سياسية مستقبلية.
٤/ المساءلة عن الفظائع: إنشاء لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والانتهاكات الخطيرة الأخرى للقانون الدولي المرتكبة أثناء النزاع. المساءلة ضرورية للمصالحة ومنع الفظائع المستقبلية.
٥/ الإستثمار في بناء السلام وإعادة الإعمار: تعبئة الموارد الدولية لدعم إعادة بناء البنية التحتية المدمرة في السودان وتقديم دعم طويل الأجل لمبادرات بناء السلام، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية والتنمية الاقتصادية.
ختاماً، نداء للتحرك:
أصحاب السعادة، إن الأزمة في السودان لا تمثل فقط فشلاً في الحكم، بل هي إختبار لإلتزام المجتمع الدولي بالعدالة والسلام وكرامة الإنسان. يجب على الأمم المتحدة أن تغتنم هذه اللحظة للتحرك بحسم ودعم رؤية السودان القائمة على العلمانية وحقوق الإنسان وسيادة القانون. فقط من خلال معالجة الأسباب الجذرية للصراع يمكننا أن نأمل في تحقيق سلام مستدام يلبي تطلعات الشعب السوداني.
نحثكم على إعطاء الأولوية للسودان في مداولاتكم خلال هذه الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة ودعم عملية سياسية شاملة تضع الأساس لمستقبل عادل ومنصف وسلمي لجميع السودانيين.
مع فائق الإحترام،
أماني جعفر السنهوري
رئيسة حملة السودان العلماني الديمقراطي
نسخة إلى: أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة
مرفقات: التقارير والدراسات ذات الصلة بالأزمة في السودا