المسكوت عنه في تاريخ السودان .. أكذوبة الثورة المهدية.

 

نضال الطيب حامد.

لم أجد عنوان يناسب هذا المقال أو وصف يناسب الثورة المهدية، أفضل من هذا العنوان، على الرغم من أنه قد سبقني إليه عدد من الكتاب، بذات العنوان.. ولكن تبقى الفائدة والعبرة في مضمون فحوى المقال نفسه ومتن الحديث.

حسرتنا حسرة أمانة علمية في كتابة التاريخ.

درسنا في المرحلة الابتدائية، ثم الوسطى والثانوي، ومنذ الصف الثالث والرابع، عن تاريخ الثورة المهدية في التاريخ السوداني المحرف ومزيف، السؤال الذي يجول بخاطري : لماذا أخفي عننا القائمون على أمر المناهج تلك الصفحات السوداء من تاريخ المهدية.. عندما يكتب المؤرخين التاريخ، يجب ألا يحرف ولا يزيف ولا يعدل التاريخ، بل يكتب بكل أمانة علمية لأخذ العبر لتأسيس عقود إجتماعية أو أنظمة سياسية جديدة، بأسس يتدارك فيها أخطاء الماضي، ولكن هناك من يحرف التاريخ لمصلحة مجموعة أو جهة معينة، وإخفاء الحقائق المريرة المؤلمة، وهذا ما يتنافى مع التاريخ وما يجعل الكاتب فاقد للأمانة العلمية.

في تاريخ السودان الذي يبدأ بالدولة المهدية من عام ٨١_١٨٨٥م بداية الثورة المهدية صمت المؤرخين عن حقائق تاريخية تستحق التعرف عليها والوقوف عندها، تلك الفترة في ذاك السفر الملئ بالانتهاكات التي لم يفتح الله عليهم بحقيقة واحدة عنها… وفي الحقيقة نجد أن جرائم المهدية في حق النوبة في ذاك الوقت أو في حق عموم أهل السودان، هي مسألة لا يستطيع أحد أن يتجرأ للحديث عنها، لأن الكثيرون يعتبرون الثورة المهدية عبارة عن شيء من المقدسات، فالكتاب الوحيد الذي صور المهدية على حقيقتها هو كتاب ( السيف والنار) لسلاطين باشا، وهو الكتاب الذي ظل ال بيت المهدي في مطاردته ومطاردة إصداراته بشرائها ومن ثم ابادتها وحرقها.

فالثورة المهدية كانت عبارة عن إنتكاسة إنسانية متكاملة الأركان، لكل ماهو سوداني أصيل.. فالدراسة التاريخية المحايدة تشير بوضوح إلى أن الوضع السياسي والثقافي والإجتماعي تردي إلى الأسوأ، فأساس الفكرة الطائفية كانت تقوم على الكذب، وأسلوب القيادة كان يعتمد على استقلال السذاجة العامة للناس وجهلهم بالحقائق، كما البطش والتنكيل بالطبقة الواعية وإجبارهم جبراً على القناعة بالمهدية على علاتها المعروفة من الكذب والتضليل… وكانت الثورة المهدية تقوم على استقلال الوازع الديني بشكل غاية في الميكافيلية.

هناك أمر مهم من المسكوت عنه يجب التطرق له بشجاعة من السودانيين _ وهو أن المهدية لم تقم كحركة مقاومة تجاه المستعمر، ولكنها قامت على أساس استغلال فكرة إيمان الناس بخروج المهدي المنتظر في آخر الزمان، فيملأ الأرض عدلاً، وتبقى المشكلة دوماً هي في العقلية السودانية الفطيرة، تلك العقلية التي تحكم على الأحداث والأمور من خلال أشخاص وأفراد وتتناسي المنهج الذي ينطلقون منه… فإن قدسية الرجل هي أهم أركان العقلية السودانية، لذلك عندما يطرح مشروع السودان الجديد مفهوم التحرير، فإنه يستهدف نوع هذه العقلية المستلبة فكرياً _ في الإجابة على التحرير من ماذا وليس من من… فالمهدية أجرمت في حق الإنسان السوداني، ولم تعطيه أي قيمة بل جعلت منه مجرد أداة لتحقيق أطماع وأحلام نرجسية فقط.. أعلم بأن البعض من الناس قد لا يروق له مثل هذا الكلام، ولكن هل ستتغير حقائق التاريخ ؟؟؟ الحقيقة ستظل هي الحقيقة، والكذب سينكشف سواءً طال الزمن أو قصر… كل الدلائل التي نشير إليها هنا في هذا المقال هي ذات حقائق تاريخية، كما جاءت في رواية { شوق الدرويش} للكاتب السوداني حمور زيادة، أو كتابات الباحث ذو الفقار على ذو الفقار في بحثه { التوظيف السياسي لعقيدة المهدي} قال إن محمد أحمد المهدي قد أعتكف في مغارة بجزيرة (أبا) أي يعني الجزيرة أبا عام ١٨٨١م، وذلك لأربعون يوماً خرج بعدها وقد أتته البشارة إذ أعلن للمشايخ والفقهاء والأعيان أنه { المهدي المنتظر } الذي جاء ليملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً.. لننظر مدى التضليل والدجل الباين والذي يشبه فيه المهدي نفسه بالرسول (ص) وإلى أي مدى توارثت عقول السودانيين أكذوبة الثورة المهدية.

2 تعليقات
  1. كني بيل يقول

    More insights of That history would be appreciated it!!
    Thanks

  2. محمد مختار يقول

    كلام جميل..
    ياريت يكون في نقاش اوسع ليعرف السودانيين الحقيقه لأنهم كانو مغيبين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.