المسكوت عنه في العالم (السودان علي وجه الخصوص). الرق 

محمد تندي أوباما

 

إن تاريخ البشرية مليئة بالمصائب والمحن ما ظهر منها وما بطن. تعتبر ظاهرة الرق من الظواهر الحديثة في العالم، قديمآ لم يعرف الإنسان الاستعباد والاسترقاق والطبقات، فكلاهما يعتبران من أنواع العبودية ويختلف كل واحد منهم في الدرجة، فالإنسان الأول عاش علي الطبيعة حرآ متحررآ من كل قيود الحياة يمارس اشياءه بالعقل والفطنة، ويعتمد علي الطبيعة التي من حوله لمأكل ومشرب وملبس، عبر الوسائل المتاحة له.

بعد أن تطور الإنسان وظهرت أنانية الامتلاك للارض ومن ثم للآلة، ومن هناك بدأت السيطرة والرأسمالية، ومنها توسع إلي أن بلغ ما يسمي بالثورة الصناعية في أوربا الإمبريالية القابضة. يري جان جاك روسو صاحب كتاب العقد الإجتماعي “أن الإنسان الطبيعي لا هو بالخير ولا هو بالشر، وأن المساواة بين الناس زالت أي إنتهت بظهور الزراعة والصناعة” بعد ذالك بدأ الإمبريالين يفكرون مليآ عن إيجاد مواد خام وعمال لمصانعهم، وكذالك إيجاد أسواق لشراء منتجاتهم.

فكر الغربيين الإمبريالين عن البحث وإكتشاف أماكن جديدة لإيجاد ما ذكرنا سالفآ، فما كان لهم إلا أن يأتو إلي إفريقيا الحرة الفتية ويستعمروها بقوة السلاح وينهبو ويدمرو الثروات الخام، ويأخذو الرجال عنوة إلي أوربا وأمريكا ليستعملوهم كعبيد ليخدمو لهم في مزارعهم ومصانعهم بأجر الأكل والشرب، أي يعملون بإقتصاد الريع العشائري.

لم يأتي المستعمر عنوة إلي إفريقيا بل عن طريق التجارة والتبشير كما يسمونه، كما قال موغابي “عندما جاء المستعمر قالو لنا لنصلي، عندما بدأنا نصلي قفلنا أعيننا ورفعنا أيدينا وجدنا انجليهم في أيدينا وأرضنا في أيديهم” هكذا تم خداعنا بالدين،  ويقول آخر “خلال الإستعمار لم يعطونا تعليم جيد، ولا أكل جيد، ولا شراب جيد ولا ملبس جيد، ولا منزل جيد، هل تعتقد أن يعطونا دين جيد؟؟؟!!!!”.

لقد قاوم أجدادنا الأفارقة شر المقاومة وهزمو المستعمر شر الهزيمة في عدة معارك، إلا أن وجود الفلنقياات من أبناء جلدتنا معهم مهدو لهم الطريق وأصبحوا جنود للمستعمر لقد هزمونا وهزم أجدادنا الأحرار بقوة سلاح المستعمر والفلنقاياات من أجدادنا. وما أكثرهم اليوم!!!!!

من المؤسف جدآ أن من كبار العلماء الغربيين نظرو وبررو للمستعمرين الغازيين أن يغزونا منهم أفلاطون عندما قال “حاجة طبيعية، ولكن اليوناني يولد حر، اما البرابرة هم وحوش”، ووافق أرسطو أستاذه وتكلم عن الرق من ناحية إقتصادية.

أما الأديان، فأن اليهودية يري أن اليهودي لايمكن أن يسترق اليهودي، وفي حالة الدين يعمل له لمدة ستة سنوات. أما المسيحية تنادي بالمساواة، وعندما مات المسيح، أي رفعه الله كما يقول الإسلام، فتكلمو عن الروح والجسد وايدو الرقيق، حتي الكنيسة تبيع الرقيق، وايده في ذالك القسيس بولس اروما والقديس يوحنا، والمسيحي يباع للمسيحي لا للمسلم. أما الإسلام عجز حكمي يصيب من يقع أسيرآ في حرب مشروعة، مجرد ما يتم اسره يصبح رقيق، ويعتق في حالات الإسلام والعمر. ولا ننسي أن نذكر إتفاقية البقط الشهيرة في عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه. أما في العصر العباسي أصبح الرق مصدر رئيسي للتجارة في الدولة، خاصة مع ظهور مسائل الرقص والغناء والزواج من الإماء في البلاط الملكي.

في السودان في الممالك العظيمة كرمة وكوش بحقبتيه النبتية والمروية لم يذكر أن هنالك ظواهر للرق. في العهد التركي المصري، السبب الرئيس لمحمد علي باشا الرقيق والمال، وبدايتهم كانت بحملات الرقيق واستعانو بالفلنقايات المحليين أمثال الزبير باشا رحمة. أما في عهد المهدية انتشرت مظاهر الرق بكثافة عالية، و بأنواع مختلفة منها: الغنائم، الجهادية، رقيق بيت المال، الرقيق الهامل، الرقيق الآبق، رقيق الإحسان، رقيق الإماء، رقيق الفرحات. أما في عهد الحكم الإنجليزي المصري، فهنالك ظهور إدعاءت محاربة الرقيق في مرسوم ألغاء تجارة الرقيق 1807 ورسوم عتقهم في 1833بشكله المادي. وفي كل هذه العصور قاوم أجدادنا الرقيق، فمنهم من مات ومنهم من وصل تعب ولايمكن تصديره كعبد، فلهم التحية جميعآ. إلا أن شكل الإستعمار المعنوي موجود وموجود بطرق عدة أخري لا نراها بل هي رقيق من النوع العفيف، عن طريق المنظمات والشركات العالمية العظمي التي تعمل ليلآ نهار للسيطرة علي العالم أجمع، آل روكفلر الذين هزمو أعظم الحكام في أمريكا أمثال  جون مكين، وليام مكياليلي، جيمس غارفيليد وابراهام لينكلون وغيرهم من حكومات الدنيا.

من المؤسف جدآ لم نجد أي إهتمام بهذا التاريخ التي برغم مرارته حلو المعرفة، بل ويغيبها عنوة الحكومات السودانية النخبوية التي تدعي جزافآ تارة ديمقراطية وتارة عسكرية، بل في الأصل لم يوجد أي منهم بل هي المنافسة التي تعود أرباحه وفوائده للنخب المسيطرة منذ تلك التاريخ 19.12.1955. وأن في كتب التاريخ لم يذكرو لنا شئ من هذه الأفعال اللأنسانية لأنهم كاتبي التاريخ وهم من ساهمو بأدخال المستعمرين وتواطؤ معهم، بل وهم جزء منهم. فكيف لهم أن يكتبو الحقائق!!!! وأن من يكتب التاريخ يكتب مايريد ويجمل ويحسن كما يشاء. فنري كثيرآ في كتب التاريخ سيرة المدعو الزبير باشا تاجر الرقيق ويفتخرون به في مناهجنا الدراسية في الكثير من المستويات، بل ويعتبرونه بطل!!!!.

 رفيقي القارئ فإن إفريقيآ مازالت مستعمرة، بل ومستعمرة مرتين من السياسة الإمبريالية الراديكالية ومن النخب التي تركها المستعمر وخطط لهم ليستعمرونا، فإن الحكومات الإفريقية اليوم لم تكن لنا كأفارقة وأن إفريقيتنا يوم ما سوف تتضاءل ونصبح بلا هوية!!!! فإذا رأينا أننا نتبع الغرب في كل أفعالهم وثقافاتهم من لبس ومسكن ولغة، ودين، ورياضة، وفن، ومسرح، وأدب، بل وحتي طريقة المشي فنريد أن نمشي مثلهم، فكيف لنا أن نتقدم ونحن نفتقد لادواتنا الحقيقة للتقدم؟؟؟؟.

أما في السودان فإن المستعمر مازال موجود برمته حتي في هذه الحكومة الإنتقالية. بل وتصاعفت علي المستعمر الخارجي بمركزيات مختلفة (إسلاموعروبية). فإن البنية الهيكلية للسودان أي البنيوية في السودان لاتخدم مصالح الشعوب السودانية بل تخدم مصالح 1%من النخب، وتخدم مصالح الإمبريالية والمركزية الاسلاموعروبية، لذالك نجد أن المجاميع الكلية للنسق(أي المجتمع) لا تقوم علي تحولات ذاتية ولا تكون خاضعة في الوقت نفسه لقوانين البنية الداخلية للنسق.

للحديث بقية 

محباتي وتحياتي

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.