المذبحة مرة أخرى

عبد العزيز بركة ساكن

 

في الحقيقة لا يمكن تجاوز كل المجازر التي حدثت في السودان في عهد الدكتاتوريات وقبلها وبعدها، وكلما مضى عليها الوقت كلما بدأ الناس نسيانها واكتفوا بالترحم على الضحايا والتساهل مع القتلة بل تجاهلهم وكما حدث في ما يخص مجزرة القيادة العامة ومجازر دارفور ان تم تنصيب القتلة في مواقع رفيعة جدا.

سؤال قديم جديد: من الذي فض الاعتصام؟
وفقا للناطق الرسمي باسم المجلس العسكرى الجنرال شمس الدين الكباشي، وفي تقرير رسمي موثق بالصورة والصوت وتم بثه في تلفزيون الدولة الرسمي، إن الذين قاموا بذلك هم معروفون وسماهم بالوظيفة ( نص البيان): ” في الليلة السابقة للتنفيذ دعونا لاجتماع موسع حضره كل أعضاء المجلس العسكري الانتقالي حضره كل قادة القوات النظامية وقادة القوات المسلحة رئيس الأركان ومجموعته رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني ونائبه مدير عام الشرطه ونائبه وقائد قوات الدعم السريع. وطلبنا ايضا من السيد رئيس القضاء والنائب العام ان يحضروا هذا الاجتماع لتقديم المشورة القانونية.
كل الذكرتهم كانوا حضور في ذلك الاجتماع . اتخذنا الاستشارات القانونية. اللازمة لكيفية التعامل مع مثل هذه الظروف هذه المنطقة الحساسة وشاكرين للسيد رئيس القضاء والسيد النائب العام قدموا لنا الاستشارات اللازمة ثم خرجوا ومن ثم وجهنا القيادات العسكرية للتخطيط لفض هذا الاعتصام وفقا الاجراءات العسكرية والأمنية المعروفة ….. وحدث ما حدث)
وفي حوار تلفزيوني استضيف فيه الجنرال حميدتي نائب رئيس المجلس العسكري أن قال: ( نحنا ما عندنا أية علاقة بفض الاعتصام ولو ما فضيناه في الصباح كان براو انفضا.)
ولا يحتاج هذا التصريح لعالم نفس او لغة لكي يفض طلاسمه، فكلمة لو ما فضيناه واضحة جدا.
بالتالي الذين فضوا الاعتصام معترفون تماما بما قاموا به، إذن هم مسئولون عما نتج عنه هذا الفض العنيف لاعتصام سلمي. اذا كانوا قد استخدموا فيه العصيان او السلاح الناري او الحرق او الربط بالحبال والرمي في النيل من اجل اغراق الثوار او دهسهم بالسيارات العسكرية او دفنهم احياء في مقبرة جماعية في المرخيات: فالقتلة معروفون والموتى معروفون. الغائب هو وجه العدالة في حكومة كان من المفترض أن تكون ثورية.
ومن الواضح جدا انه من المستحيل ان توجه الحكومة او جهازها العدلي التهمة للذين ذٌكروا، اي المتهمين المباشرين في القيام بالجزرة للأسباب معروفة لكل انسان ونلخص بعضها فيما يلي:
– الذين قاموا بالمجزرة هم الآن في سُدة الحكم، وهم الذين يقررون ويشاءون وينفذون ويتهمون ويعاقبون وهم الذين يديرون السلطات الثلاث: التشريعية والقضائية والتنفيذية. ويقول المثل السوداني البسيط ” الفي يدو القلم ما بكتب نفسو شقي”.
– السلطة المدنية، بما فيها مجلس الوزراء فهي بين أمرين الاول هو الخوف من بطش القتلة المسلحين وهم المجلس العسكري ومليشياته المسلحة، والأمر الآخر هو الخوف على وظائفهم وكراسيهم الهشة وما تحصلوا عليه من امتيازات.
– البعض يفكر بطريقة غريبة وهي انهم بسكوتهم هذا يحافظون على ما تبقى من دولة ويبقون على ركام ما هو انهار اصلا. ويقولون لأنفسهم بأصوات مرتجفة: العدالة ملحوقة.
– وأحد أسباب السكوت الرسمي هو ما يقوم به الذين خططوا ونفذوا تلك المجزرة من شراء للذمم واستئجار الأقلام والصحف والمنابر الاعلامية.
اريد ان اختم مقالتي القصيرة بمقطع من قصيدة الشاعر الارتري السوداني محمد مدني:
فقط افهموا
أن لا وثيقة أو وفاق
ولا حقيقة أو نفاق
يخفي عن الأطفال عورة من دفنتم من رفاق

نقلا عن صحيفة المواكب

تعليق 1
  1. مجدي يقول

    علمانية بس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.