المجاعة والقضايا الإنسانية في السودان، وموقف الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال.

✍️ عادل شالوكا

 

أطلعنا على العديد من النقاشات والحوارات في الأسافير ومواقع التواصل الاجتماعي وبعض التصريحات حول: (القضايا الإنسانية، إعلان المجاعة، وموقف الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال). رأينا ضرورة معرفة جميع السودانيين وخاصة مواطني جبال النوبة / جنوب كردفان موقف الحركة الشعبية – شمال في هذا الشأن حتى لا يتم التضليل بواسطة الجهات المعادية. وفي هذا الشأن نود تأكيد الآتي:

أولاً: رحبت الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بالتفاوض مع حكومة بورتسودان حول إيصال المساعدات الإنسانية للمتضرِّرين من الحروب في السودان، وتم التفاوض على ذلك فعلياً بين رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال القائد/ عبد العزيز آدم الحلو، والفريق أول/ شمس الدين كباشي – نائب القائد العام للقوات المسلحة السودانية في 5 مايو 2024. وبعدها (حسب الاتفاق) تواصل التفاوض والحوار عبر اللجان المتخصصة لمناقشة المسائل التفصيلية. وقد شارك فيها وفد رفيع من الحركة الشعبية – شمال برئاسة سكرتيرها العام – رئيس وفد التفاوض. ومثل وفد بورتسودان في تلك المفاوضات (وزير الدفاع وعدد من قادة الجيش من الأمن والإستخبارات) وغاب وزير الشؤون الإنسانية ومفوض العون الإنساني !! علماً بإن وفد الحركة الشعبية كان يضم جهة الإختصاص والمتمثلة في (الوكالة السودانية للإغاثة وإعادة التعمير – SRRA).

قدمت الحركة الشعبية ثلاث مقترحات لإيصال المساعدات الإنسانية للمُتضرِّرين، على النحو التالي:

المقترح الأول: تمرير المُساعدات الإنسانية دون إتفاق مُبرم كما حدث مع قوافل وكالات الأمم المتحدة من قبل، حيث قامت الحركة الشعبية بتأمين وصولها إلى كادقلي ذهاباً وإياباً؛

المقترح الثاني: التوقيع على إتفاق لتمرير المُساعدات الإنسانية بمُشاركة كل الأطراف التي تُسيطِر على مناطق متاخمة لمناطق سيطرة الحركة الشعبية حتى لا يتم عرقلة القوافل أو مصادرتها بواسطة بقية الأطراف؛

المقترح الثالث: توقيع إتفاق ثنائي مُنفرِد لتمرير المساعدات الإنسانية بين الحركة الشعبية والأمم المُتَّحِدة، وإتفاق آخر بين القوات المُسلحة السُّودانية والأمم المُتَّحِدة، والاتفاقين تحت رعاية الوساطة.

رفض وفد بورتسودان جميع المقترحات الثلاثة برغم إستعداد الحركة الشعبية لإيصال المساعدات للمتضررين خاصة إنها قامت بذلك فعليا من قبل. كان الموقف إن فتح الطرق يبدأ من الأبيض وليس الدلنج، وإن هنالك أطراف أخرى يجب إشراكها في هذه العملية لضمان وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين وذلك لسيطرتها على هذا الطريق. وهذا موقف منطقي وعملي. وكان وفد بورتسودان قد إقترح مسارات وطرق جميعها تؤدي إلى حاميات وفرق عسكرية تتبع للقوات المسلحة السودانية.

الحركة الشعبية لا تسيطر على طريق (الأبيض – الدلنج) ولم تقفل طريق (الدلنج – كادقلي) أمام المساعدات الإنسانية.

ثانياً: صدر إعلان نيروبي الموقع بين الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال القائد/ عبد العزيز آدم الحلو، والدكتور/ عبد الله آدم حمدوك – رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، والقائد/ عبد الواحد محمد أحمد النور- رئيس حركة / جيش تحرير السودان – بتاريخ 18 مايو 2024. وكان أهم بنود الاتفاق في الشأن الإنساني (البند 3 / والبند 7 من الإعلان):

البند (3)- دعوة الأطراف المتحاربة للإلتزام التام مسؤوليتها أمام القانون الدولي الإنساني بإزالة كافة المعوقات أمام العون الإنساني والسماح بالعون عبر دول الجوار وعبر خطوط المواجهة بحيث تصل المساعدات لكل المواطنين دون عوائق، وتوفير الحماية لكل العاملين في الحقل الإنساني من منظمات دولية ومحلية.

البند (7)- نناشد المجتمعين الإقليمي والدولي لممارسة الضغط على الأطراف المتحاربة ومضاعفة الجهود لوقف عاجل للحرب مع تقديم الدعم للشعب السوداني في مواجهة الكارثة الإنسانية.

هذه هي بنود إعلان نيروبي التي تأكد حرص الحركة الشعبية على تمرير ودخول المساعدات الإنسانية إلى جميع المتضررين، ولكن ليس بالطريقة التي يريدها الجيش السوداني.

ثالثاً: الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال في حرصها وبحثها عن سبل إنقاذ أرواح السودانيين ومعالجة القضايا الإنسانية وحل جذور المشكلة السودانية، لا ترفض الجلوس مع أي طرف من القوى السياسية السودانية الفاعلة. وفي هذا الشأن شاركت في مؤتمر تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) الذي أقيم في أواخر مايو 2024 بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا، كما شاركت أيضا في اللقاءات التشاورية للقوى السياسية السودانية التي تم تنظيمها بواسطة الإتحاد الأفريقي ومنظمة إيقاد في أديس أبابا منتصف أغسطس 2024 وإنسحبت منها لعدم جدية الأطراف. كل هذا يؤكد حرص الحركة الشعبية – شمال على معالجة جذور المشكلة السودانية بالطرق السلمية. وهي الآن تعطي الفرصة للقوى السياسية السودانية، والكرة في ملعبها. وسيستمر الحوار، وإذا تحقق مشروع السودان الجديد فالكل منتصر ولن يخسر أحد.

ما تقوم به بعض الجهات المعادية للحركة الشعبية – شمال لن يُفيد شعب جبال النوبة في شيء ولا الشعب السوداني. ومن الأفضل التركيز على القضايا المصيرية التي تعالج جذور المشكلة السودانية التي أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة الماثلة أمامنا الآن من حرب شاملة وتدمير البنية التحتية وتفكك النسيج الاجتماعي والمجاعة والتشرد والنزوح واللجوء وخطر الإنقسام.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.