القائد جقود مكوار في حوار ساخن مع الموقع الرسمى حول قضايا الراهن السياسى

– إنقلاب البرهان كشف الوجه الحقيقى للجنة الأمنية

– دعمنا لإسقاط الإنقلاب لا يعنى بأى حال العودة إلى ما قبل ٢٥ أكتوبر

– ندعم إستعادة مدنية السلطة، ولكن بموجب ميثاق سياسى جديد يعالج عيوب الوثيقة الدستورية، ويتم على أساسه تكوين حكومة إنتقالية من قوى الثورة يمكن الإعتراف بشرعيتها والتفاوض معها

– القاسم المشترك بين المبادرات والمواثيق المطروحة هو تهربها من القضايا المصيرية، وتجنبها لمخاطبة جذور المشكلة

– وصلتنا دعوة رسمية من ممثل الأمين العام للأمم المتحدة، ولكن يظل السؤال كيف للحركة الشعبية أن تشارك فى الحوار فى ظل وجود نظام إنقلابى فاقد للشرعية، وفى ظل إستمرار فرض حالة الطوارىء؟!

– الآن لا توجد حكومة شرعية فى السودان يمكن التفاوض معها

حوار: أنس آدم

القائد جقود مكوار مرادة – نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال، دعوناه لإجراء هذا الحوار مع الموقع الرسمى للحركة الشعبية لدى عودته من رحلة إستشفاء فإستجاب على الفور. تحدث بصراحته ووضوحه المعهود حول قضايا الراهن السياسى وتعقيدات المشهد السياسى فى أعقاب قرارات ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١، فإلى مضابط الحوار:

🔴 في البدء نرحب بكم، القائد جقود مكوار مرادة – نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السُّودان – شمال فى الموقع الرسمى، وسعداء أن نجرى معكم هذا الحوار في هذا الظرف الدقيق والمنعطف التاريخى الذى تمر به البلاد

شكرا على الإستضافه، ونثمن المجهودات الكبيرة التي يقدمها الطاقم الإعلامى للموقع الرسمى بهدف إيصال صوت ورؤية الحركة الشعبية للرأى العام ولعضويتها وأصدقائها وحلفائها وقوى التغيير فى السُّودان، ولجميع المهتمين بالشأن السودانى فى العالم. وعبركم نُحي عضوية الحركة الشعبية وجماهيرها فى الأراضى المحررة والمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة وفى دول المهجر ومعسكرات اللاجئين.

🔴 تزداد التطورات السياسية في السُّودان تشابكا وتعقيدا، كيف تقرأ المشهد السياسي في أعقاب إنقلاب 25 أكتوبر وما هى مآلاته؟

فى الحقيقة كل المتابعين والمهتمين بالشأن السُّوداني مدركين للوضع السياسى المعقد في السُّودان. وفيما يتعلق بقراءتنا للوضع بعد إنقلاب ٢٥ أكتوبر، فقد فاقم إنقلاب البرهان من تعقيد المشهد السياسى فى السودان وقاد إلى إنسداد كارثى فى الأفق السياسى، بل أوصل الأزمة إلى نقطة اللاعودة. لقد أدخل العسكر المغامرون البلاد فى فراغ دستورى وأزمة شرعية بتقويضهم للوثيقة الدستورية وإنقلابهم على الشراكة، فضلا عن تقويضهم لتفويض بعثة الأمم المتحدة لدعم السلام والإنتقال فى السودان (يونيتامس) المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن (2524). الآن لا توجد حكومة شرعية فى البلاد، وهنالك حالة طوارئ ما زالت مفروضة بقرار إنقلابى. وما زال إنفجار الشارع مستمرا ويتواصل المد الثورى بعزيمة لإسقاط الإنقلاب رغم القمع المفرط وإستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين بعد إعادة جهاز الأمن والمخابرات العامة بكامل صلاحياته بمرسوم من البرهان عادت على إثره بيوت الأشباح فى ظل إستمرار فرض حالة الطوارئ، كما أعاد الإنقلاب فلول وواجهات النظام البائد إلى المشهد. نتابع بقلق شديد حالة الفوضى الأمنية وعودة سياسة الأرض المحروقة فى دارفور، فيما تنذر التفلتات الأمنية فى العاصمة وأجزاء أخرى من البلاد بإحتمال الإنزلاق إلى مستنقع الفوضى والإنهيار الكامل. هكذا وصلت الأزمة إلى نقطة اللاعودة مع إصرار العسكر على قيادة البلاد إلى المجهول، لكن حسنا كشف إنقلاب البرهان للشعب السودانى الوجه الحقيقى لعسكر اللجنة الأمنية للبشير ومؤيديهم وحلفاءهم.

🔴 سبق وأن وجهت قيادة الحركة الشعبية عضويتها بالخروج والإلتحام مع الشارع في مليونية 19 ديسمبر وغيرها من المليونيات، هل يُفهم من ذلك أنكم تنادون بإسقاط إنقلاب العسكر من أجل العودة إلى ما قبل 25 أكتوبر؟

موقف الحركة الشعبية واضح فى أنها مع الشارع وداعمة للحراك الثوري لإسقاط نظام العسكر الذين إنقلبوا على مدنية السُلطة وشرعية الإنتقال. لذلك وجهت الحركة الشعبية عضويتها وجماهيرها وناشدت حلفائها بالنزول إلى الشارع والإلتحام مع الثوار والعمل الجاد من أجل إسقاط الإنقلاب. لكن إسقاط الإنقلاب لا يعنى أبى حال العودة إلى ما قبل 25 أكتوبر، فتلك الفترة كانت تحكمها وثيقة دستورية معيبة وشراكة معطوبة وسلام محاصصات على السلطة والوظائف دون معالجة جذور المشكلة، وهذا ما إنعكس سلبا على دارفور التى تشهد فوضى أمنية شاملة بعد عودة سياسة الأرض المحروقة التى تستهدف إبادة وتنزيح السكان الأصليين وإحتلال أرضهم ونهب ما فيها من ثروات. ما نود أن نؤكده هو أن الحركة الشعبية تدعم حراك الشارع لإسقاط الإنقلاب، وتعمل مع قوى الثورة وقوى التغيير الحية من أجل إستعادة مدنية السلطة لكن بموجب ميثاق سياسى جديد يعالج عيوب الوثيقة الدستورية، ويتم على أساسه تكوين حكومة إنتقالية من قوى الثورة، حكومة يمكن الإعتراف بشرعيتها والتفاوض معها لتحقيق سلام عادل شامل ومستدام، وليس الرجوع لشراكة ما قبل ٢٥ أكتوبر والوثيقة الدستورية المعيبة التى شبعت موتا.

🔴 هنالك عدة مبادرات ومواثيق مطروحه الآن لحل الأزمة السياسية في البلاد، برأيكم هل خاطبت هذه المواثيق والمبادرات جوهر الأزمة؟

تابعنا بإهتمام شديد هذه المبادرات والمواثيق المطروحة من بعض القوى السياسية والأكاديمية والمدنية، لكن وللأسف الشديد لاحظنا أنّ القاسم المشترك بين جميع هذه المبادرات والمواثيق هو تهربها من القضايا المصيرية وتجنبها لمخاطبة جذور المشكلة السُّودانية وفى مقدمتها أزمة الهوية الوطنية وعلاقة الدين بالدولة، فضلا عن تجاوز مطالب الشارع. ركزت معظم المبادرات والمواثيق المطروحة على عودة الشراكة بين العسكر وقوى الحرية والتغيير، أى العودة إلى الوضع قبل ٢٥ أكتوبر. وكذلك إختزلت هذه المبادرات السودان في الخرطوم وتجاهلت المناطق المهمشة ومناطق النزاع التى ناضلت لسنوات طويلة وقدمت فيها الشعوب المهمشة تضحيات كبيرة لا يمكن إنكارها، ما يعنى أن هذه المبادرات تقف خلفها ذات العقلية والذهنية التى ظلت تنتج الأزمات فى السودان وتطرح حلول صفرية. حددت معظ المبادرات والمواثيق المطروحة المؤتمر الدستورى كآلية لحل مشاكل السودان، بينما نحن فى الحركة الشعبية لدينا موقف رافض للمؤتمر الدستورى.

🔴 من الملاحظ أن الحركة الشعبية لم يصدر منها أي بيان رسمي حتى الآن بخصوص موقفها من مبادرة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد فولكر بيرتس، هل لك أن تحدثنا عن موقف الحركة الشعبية من هذه المبادرة؟

صحيح، لقد وصلتنا فى قيادة الحركة الشعبية دعوة رسمية من ممثل الأمين العام للأمم المتحدة السيد فولكر بيرتس، لكن يظل السؤال كيف للحركة الشعبية أن تشارك في ظل وجود نظام إنقلابى فاقد للشرعية، وفى ظل إستمرار فرض حالة الطوارىء؟! إنقلاب ٢٥ أكتوبر لم يكن يستهدف تقويض الوثيقة الدستورية والشراكة والإنتقال الديمقراطى فحسب، وإنما قوض الإنقلاب عمليا تفويض بعثة الأمم المتحدة لدعم السلام والإنتقال فى السودان (يونيتامس) المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن رقم (2524) للمساعدة فى بناء السلام والإنتقال الديمقراطى. ما وصلنا من السيد فولكر هو مجرد خطاب دعوة للمشاركة فى الحوار، لكن مبادرة فولكر نفسها يكتنفها الغموض لعدم وضوح أهدافها.

🔴 لماذا توقفت المفاوضات بين الحكومة الإنتقالية والحركة الشعبية وما مصيرها؟

قامت لجنة الوساطة برفع جولة المفاوضات السابقه في يونيو 2021 بهدف إتاحة الفرصه للطرفين لإجراء المزيد من المشاورات مع المؤسسات النقاط الخلافية حول مسودة الإتفاق الإطارى التى أودعها وفدنا المفاوض وقبل الطرف الآخر التفاوض على أساسها. لقد إرتكزت مسودة الإتفاق الإطارى التى دفع بها وفد الحركة الشعبية على:١. تحقيق الوحدة العادلة القائمة على أسس جديدة إلتزاما وإتساقا مع ما إتفقنا عليه فى إعلان المبادئ على بناء جيش وطنى واحد.
٢. الحل الجذرى للمشكلة السودانية.
٣. إعمال وتطبيق مبدأ فصل الدين عن الدولة.
٤. تفكيك المركزية القابضة، وتصحيح العلاقة بين المركز والأقليم ببناء نظام حكم لا مركزى حقيقى.
٥. الإتفاق على المبادئ فوق الدستورية لضمان تحقيق الإستقرار الدستورى فى البلاد.
وقد فشلت الجولة الأخيرة من المفاوضات بسبب الإختلاف على قضايا جوهرية من بينها مقاومة وفد الحكومة الإنتقالية لإعمال وتطبيق مبدأ فصل الدين عن الدولة مع أننا قد إتفقنا على مبدأ فصل الدين عن الدولة فى إعلان المبادئ، وكذلك أصر وفد الحركة الشعبية المفاوض على تقديم إصلاح القطاع الأمنى على تنفيذ الترتيبات الأمنية وهو ما رفضه وفد الحكومة الإنتقالية وقتها. وبالفعل إنفضت الجولة وعاد وفدنا المفاوض إلى كاودا بغرض إجراء العديد من المشاورات مع مؤسساتنا القاعدية فى المناطق المحررة ممثلة فى مجلس التحرير القومى والمجلس السياسى والقيادى والسلطة المدنية للسودان الجديد والجيش الشعبى، ومن ثم أعلن الوفد جاهزيته للتفاوض، لكن وفد الحكومة الإنتقالية لم يعد مرة أخرى إلى منبر التفاوض، بل عمد إلى إحداث ضجيج إعلامى وشن حملة لشيطنة مواقف الحركة الشعبية وتضليل الرأى العام بأن الحركة الشعبية ضد المسلمين وشعائرهم الدينية. وفيما يتعلق بمصير المفاوضات، الآن أصبح الوضع مختلف بعد إنقلاب المكون العسكرى وتقويضه للإنتقال بقرارات البرهان فى 25 أكتوبر. لقد تعمد العسكر خلط الأراق بهذه المغامرة والقرارات التى عقدت المشهد السياسى فى السُّودان. الآن لا توجد حكومة إنتقالية شرعية فى السودان يمكن التفاوض معها، ومجلس السيادة الحالى فاقد للشرعية، إذا السؤال مع أي جهة تتفاوض الحركة الشعبية فى غياب حكومة شرعية؟! حتى الوثيقة الدستورية على علاتها وعيوبها تم تمزيقها بواسطة اللجنة الأمنية، وهى الوثيقة التى خولت للحكومة الإنتقالية التى إنقلب عليها البرهان والتى كنا نتعامل معها كحكومة أمر واقع إدارة ملف السلام. الوساطة نفسها وبعد حدوث هذه المتغيرات فى الساحة السياسية السودانية لن تستطيع تقديم الدعوة لإستئناف التفاوض. الحركة الشعبية تؤكد إستعدادها للتفاوض مع الحكومة التى يأتى بها الثوار بعد إسقاط الإنقلاب.

🔴 برأيكم، ما هي دلالات ترفيع القوات المسلحة للواء 53 – أبو جبيهه إلى الفرقة العاشرة؟

لقد تابعنا ترفيع اللواء 53 مشاه فى أبى جبيهة إلى الفرقة العاشرة قبل سبعة أشهر، أى منذ يونيو ٢٠٢١. وتأتي هذه الخطوة فى إطار تنفيذ الأجندة الحربية للجنة الأمنية للبشير، ونتعامل مع هذا التطور والخطوة كمؤشر لإستعداد الإنقلابيين لشن الحرب على الجيش الشعبى، فترقية وترفيع أي قوة تعنى زيادة حجم القوات وتدريبها وهو ما يعنى عسكريا الإعداد للحرب. وهذا مؤشر للنوايا السيئة من قبل السُلطة الإنقلابية ويمكن قراءتها مع نشر قوات الفرقة الخامسة الموجودة في كادقلى وإنفتاحها من الناحية الوسطى، وكذلك هنالك اللواء “15” فى هجليج ولواء في بابنوسة، بالإضافة إلى تأسيس كتيبة جديدة وتموضعها فى منطقة كرتالا لأول مرة، فضلا عن وصول تعزيزات جديدة وكبيرة من قوات الدعم السريع إلى كل من أبى جبيهة وإنتشارها غربا حتى جبل أبو عضام والسيسبان، كما وصلت تعزيزات من قوات الدعم السريع من الأبيض للإنتشار بين أم برمبيطة ودلامى وكدبر. لذلك نحن نقرأ هذه الخطوة في سياق التحضير لشن حرب واسعة النطاق،
. فالحرب بالنسبة لجنرالات اللجنة الأمنية هى واحدة من وسائل خلط الأوراق وقطع الطريق أمام التغيير بهدف تكريس وتوطين إنقلابهم.

🔴 وكيف تقرأون الأحداث والتفلتات الأمنية الجارية في دارفور ؟

إن ما يحدث ضد أهلنا وشعبنا فى دارفور مؤلم لكل صاحب ضمير وطنى حي، لأن ما يرتكب هناك من فظائع وإنتهاكات ليست أحداث عابرة أو وليدة صدفه، وإنما هو تخطيط مسبق وممارسات ممنهجة عادت بموجبها الإبادة الجماعية وسياسة الأرض المحروقة لقتل وتشريد وتنزيح السكان الأصليين من مناطقهم والهدف هو إحتلال الأرض ونهب ما فيها من معادن وموارد وتوطين المجموعات الوافدة، لكن للأسف يتم تنفيذ هذه الخطط والسياسات فى ظل الصمت المخزى للإعلام والأحزاب السياسية، وهذا الصمت أكبر دليل على الرضا والتواطؤ وهو ما يؤكد أن المركز هو الذى يصدر الموت وسياسات الأرض المحروقة إلى دارفور، لأن مليشيات الجنجويد التى تقتل شعب دارفور هى صنيعة جهاز الأمن والمخابرات. يحدث كل هذا وقوى سلام جوبا غارقة فى سبات عميق ومنشغلة بالمحاصصة على السطة والمصالح الذاتية. لقد كشفت الأحداث الجارية فى دارفور عورة الإتفاق الموقع بين الحركات المسلحة والعسكر وأثبتت أنه مجرد خدعة وأكذوبة سياسية. لذلك ترى الحركة الشعبية ضرورة تحقيق سلام عادل يحقن دماء الشعوب السُّودانية ويطوي صفحة الحروب. أما سلام المحاصصات والوظائف فمآلاته معلومة للجميع، ولا يمكن الحديث عن السلام في السُّودان دون مخاطبة جذور المشكلة وإصلاح القطاع الأمنى والعسكرى. ومن هنا نناشد رفاقنا فى الحركات المسلحة فى دارفور بالتفكير بجدية في مستقبل ومصير الشعب السُّوداني فى دارفور وغيرها من مناطق الهامش، فلا يعقل أن تكافأ نضالاتهم وتضحياتهم بسلام غير عادل.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.