الفصل في قضيتا الهوية والدين ضروريتان لبناء السودان الجديد.
بقلم ✍️موسى بشرى محمود
تعتبر قضيتا «الهوية والدين» من القضايا الجوهرية التي لم تجد أذانا” صاغية وهي من الأمراض المزمنة التي لم يتعاف منها السودان بعد.
يعتقد بعض السودانيين أنهما من التابوهات التي تندرج تحت «المسكوت عنه» أو بالأحرى من المسلمات ويجب عدم الخوض فيها من دون تقديم نقد أو مبرر منطقي يتقبله العقل.
كتاب ومفكرين كثر ساهموا في طرق أبواب هاتين القضيتين ولكن كالعادة يتم التغافل عنهما في كل جولة من جولات التفاوض ولم يتم وضع حد لعلاج هذا الخطل الممنهج في الدساتير القومية المختلفة المتعاقبة من «مدنيين وعسكر» منذ ميلاد السودان في ثوبه المعاصر.
تعريف الهوية السودانية تعريفا” واضحا” والتواثق عليه ومن ثم وقوف الدولة على مسافة واحدة مع كل الأديان في تقديري هو أحد أهم قوارب النجاة بالنسبة للمشكل السوداني وبدونه سيستمر الدوران في فلك الرجعية.
ينتاب البعض منا إحساس غريب يشوبه التهرب من المواجهة العلنية لإعلان من«هو أو هي» بل العكس يعمل على تسويق وتعميم الفكرة ذات الثقافة الاحادية ويعتقد أن السودان دولة ذات هوية عروبية إسلامية«إسلاموعربية» ولا يعترف بأي هوية أخرى ثانية وهو مستنقع خطير يصعب الخروج من براثنه مالم نعترف بالاخر وننظر للقضايا بكلياتها خارج الصندوق عسى ولعلنا نجد ضوءا” في نهاية النفق.
أحادية الهوية،الدين وأحادية اللغة فلسفة رجعية لاتمت للمنطق بصله ويجب التفكير جليا” في قضايا التسويف والإستلاب الثقافي الأيدولوجي
المتعمد بواسطة مجموعة إقصائية أحادية الفكر والعين والاذن ويجب قبول الآخر وعدم مسحه من ذاكرة الوجود.
السودان بلد متعدد الأعراق والثقافات، الأديان،التعدد الإثني والعرقي وفيه ما يفوق«620» مكون إجتماعي يتحدثون أكثر من «120» لغة محلية«» Local
dialects/Langues»
غير العربية والانجليزية فلماذا يتم تعريب كل هذه المكونات وأسلمتها بقوة السلطان وجبروته؟
من أين لهم الحق في ذلك ومن فوضهم؟
لماذا لا تكون الهوية الأفريقية أو «السودانوية» هي الهوية الجامعة للسودان بدل تبعيته لمنظومة«الدول العربية»؟
ما الذي يمنع إذا قلنا أن السودان دولة أفريقية ناطقة بالعربية والإسلام دين الغالبية من مواطنيه ولكن هذا لايعني أن الإسلام دين الدولة لأن الدولة «شخصية إعتبارية» ولا يمكن أن يكون له دين محدد بل حق التدين في حد ذاته حرية للمعتقد أو الباحث عن دين معين يستوعب قناعاته وفي الآخر الدين هو«علاقة بين العبد وربه وليس بين الدولة والعبد»!
لا يمكن للدولة أن تتبني كذلك الديانة المسيحية أو اليهودية لإدارة دفه دولاب العمل.
هناك الكجوريين وأصحاب المعتقدات الأفريقية واللا دينيين أيضا” هم مواطنين سودانيين وشركاء في الحقوق والواجبات وينبغي أن تعامل الدولة كل هذه الفئات المؤمنه وغير المؤمنة على أساس المواطنه وليس على أساس الهوية الدينية أو المناطقية….الخ
هناك سؤال لايبارح الذهن دائما” وهو لماذا لا يكون الفيصل في التعامل مع المواطن على أساس الحقوق وليس التعامل بأفضلية دين على آخر أو العمل وفق دين محدد؟
في كل ما سبق ووفق تقديري المتواضع أرى أننا في حاجة إلى شجاعة لتعريف قضيتا«الهوية والدين» من أجل وضع حد لمسألة الهوية وعدم تسويفها ولتقف الدولة على مسافة واحدة مع كل الأديان.
أي مفاوضات قادمة لإيجاد حل جذري للمشكل السوداني يجب أن تضع في أولويات أجندتها هذان القضيتان المهمتان وغيرها من المواضيع ذات الأهمية القصوى.
«نواصل في حلقات قادمة»
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.