الفصل العنصري في السودان (2)

كوكندي كالو شالوكا

 

مفهوم التمييز العنصري يعني أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الانتماء الاثتى بهدف تعطيل أو عرقلة الإعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي أو الثقافي أو أي مجال آخر في الحياة العامة. فالتمييز العنصري من أفظع الأعمال اللاإنسانية التي تنتهك كرامة الإنسان.

والتمييز العنصري بهذا المعنى الواسع للمفهوم ممارسة وموجودة في السودان في الماضي والحاضر سواء من قبل مؤسسات الدولة الرسمية أو من قبل بعض المجموعات أو الأفراد. وهناك مؤشرات عديدة للعنصرية ومختلف اشكال التمييز واللا مساواة في السودان التي يجب أن تتوقف وذلك من خلال مخاطبة القضايا المصيرية التي تمثل جذور الأزمة السودانية والتي أدت إلى إشعال الحروب وانفصال الجنوب والآن السودان يحترق.

كل النخب السياسية التي تعاقبت على الحكم في السودان منذ الاستقلال المزعوم حتى الآن، قد عملت على التمييز بين المواطنين السودانين على أساس ديني وعرقي وإثني وتقسيم المواطنين السودانين إلى أحرار وعبيد، عرب وزرقة، وكفار مسلمين .. إلخ والتعامل مع المواطنين السودانين ليس على أساس مؤهلاتهم وخبراتهم بل على أساس انتماءاتهم الدينية والحزبية والعرقية .. الخ

على الدولة القيام بواجبها في إصلاح التعليم والثقافة والإعلام وإعادة كتابة التاريخ الوطني والإعتراف بالآخر، وسن القوانين التي تجرم كافة أشكال العنصرية والتمييز على أساس اللون والدين والعرق والقبيلة وتعاقب عليها بعقوبات رادعة، وذلك من خلال الوصول إلى عقد إجتماعي دستوري واقتصادي وإجتماعي وثقافي جديد يقوم على مبدأ المواطنة المتساوية بلا تمييز. وعلى تنظيما ت المجتمع المدني والجامعات والناشطين والإعلام والأحزاب إن يلعبوا دورا هاما في مكافحة العنصرية وخطابات الكراهية الإثنية والدينية المنتشرة في السودان، ونشر ثقافة المساواة وعدم التمييز وإحترام كرامة الإنسان وحقوقه إنطلاقا من مبدأ إن جميع البشر يولدون أحرارا وهم متساون في الحرية والكرامة.

يجب أن تتضمن برامج الأحزاب السياسية، مبادئ المواطنة المتساوية وعدم التمييز واحترام حقوق الإنسان ونبذ وإدانة خطابات العنصرية والكراهية العرقية أو الدينية في السودان.

ينبغي في هذا الصدد لفت الإنتباه لنقطة هامة وهي إن مشكلة العنصرية في السودان تتميز عن تجارب مجتمعات كثيرة شهدت ظاهرة التمييز والعنصرية مثل الفصل بين البيض والسود في جنوب أفريقيا (الأبرتهايد) أو التمييز والإضطهاد الذي كان يمارس ضد الأفارقة في الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن التمييز العنصري في السودان من أبشع الأعمال اللا إنسانية في إرتكاب جرائم الحرب والتطهير العرقي والإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية في جبال النوبة والنيل والأزرق ودارفور وجنوب السودان وهي عنصرية مزدوجة على أساس (العرق والدين).

ما لم يتم مخاطبة القضايا المصيرية التي تمثل جذور الأزمة السودانية، سنظل في نفس الدائرة بإستمرار (الحروب) وسوف لن يكون هناك سودان حتى نتصارع عليه.

النضال مستمر والنصر أكيد.

نواصل

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.