الــديــن والـثقــافــة
أيوب أحمد
مقال رقم ( 1)
توطئة منذ نشأة الدولة الحديثة في السودان ظل المجتمع يعاني من الاستقطاب القسري باسم الثقافة والدين من أجل السيطرة على وعي المجتمع وذلك بغرض تمرير أجندة ثقافية ذات أبعاد مصبوغة بصبغة دينية تؤتي إنطباع شمولي اقصائي باسم الثقافة المعنية في ظل هذه الجدلية المزدوجة والتي تعمل بدرجة عالية من الانسجام والتناغم؛ وذلك خشية أن يتم نسفها من قبل الكيانات المضطهدة لهذا تم ربطها بجهاز الدولة واصبحت كل النخب تسعى جاهدة لإستقطاب أكبر قدر ممكن للحفاظ على بقاء الامتيازات التاريخية.
وفي ظل هذه الجدلية تصنع الجمعات المستفيدة من بقاء هذه الوضعية بعد الأساطير والخرافات كأليات سيطرة على أنظمة المجتمع باسم المقدس وذلك المقدس يمنحها شرعية ممارسة العنف المبرر برمزية الدين.
رغم ما تعاني منه الثقافة من زخم راديكالي أبوي متشدد تجاه الاختلاف (الدين، اللغة، اللون والجنس) على بقية الثقافات وهي تمارس العنف بوعي تام منها وتتكيف عندما تمارس أنشطتها القمعية وترفض اي عملية تؤدي إلى تغيير هذه المعادلة وسوف يتم نسف على كل فكرة تنادي بالتغيير؛
مما صنع حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وسط المجتمع بسبب هذا الاعتداء الثقافي الأحادي على الآخر ؛ ونتيجة لهذه الامتيازات أصبح فك طلاسم هذه المسألة معقدة للغاية والكل يتخوف من الهجمة الشرسة التي سوف يتلقاها.
والمعضلة الخطيرة أن التنظيمات السياسية التي تمثل الجماهير أما دينية أو طائفية تعتمد على الدين أوالقبيلة كمبرر للوصول إلى كرسي السلطة وعندما تصعد سياسياً تعامل الجماهير وفق ثنائية الدين والثقافة وظلت تجتر هذا التخبط فى كل مرحلة من مراحل التحول وضربت بهذا التباين أرض الحائط سواءً كان انقلاباً عسكرياً أم ثورة شعبية؛ ووصلت الدولة إلى مرحلة الانهيار التام ونتيجة لسياسة القطب الواحد لقد تم بتر أحد أعمدة الوطن والتي كانت تشكل لوحة زاهية في إطار التعدد والتنوع بانفصال شعب جنوب السودان جغرافياً؛ وذلك بغرض بقاءهم على الوجاهة الاجتماعية
وعجزت كل النخب السياسية أن تصنع وصفة سياسة لحل أزمة الحكم في السودان
وظل الدين يبرر أخطاء الثقافة مما أدى إلى تشويه مفهوم الدين وتحول إلى ميكانيزم بدل من أن يؤدي دوره الطبيعي لحل الإشكالات الروحية الماورائية. والنخب السياسية ظلت تستخدم كل ترسانتها الدينية من أجل الحفاظ على هذه الجدلية لأن نهايتها تعني نهاية دولة الابرتهايد المتحكمة على زمام الأمور بأسم الدين.
ونتيجة لهذا القمع المستمر ظهرت بعض القوى المهمشة تاريخياً تطالب بضرورة إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي وهو بناء وطن وفق أسس الحرية والعدالة والمساواة والإرادة الطوعية لشعوب التي تعرضت للإقصاء والاستبعاد منذ نشأة الدولة الحديثة في السودان والتي تم اتهامها بالعنصرية والعمالة لصالح جهات خارجية لا تريد خيراً للوطن وقد تم مواجهة أفكارها بكل شراسة وبربرية وهذا أمر طبيعي لأن الذي سيطر على وعي المجتمع لقرون لا يمكن أن يتنازل عن هذه الامتيازات رغبتا عنه إلا أن يكون كرهاً ولكي ما نعيد بناء الوطن لابد أن ندفع إستحقاقات الماضي وهي تجريد الثقافة من ثوبها المقدس والتعامل معها على أساس أنها احد هذه المكونات الثقافية ولكنها ليست الكل.
دا تحليل ممتاز جدا….. لكي نبني وطن يسع يجب أن إلغاء الهوية الدينية على الهوية الدولة بحيث يكون الانتماء للوطن فقط