الـديـــن والــدولــة ( ١)

ايوب أحمد

 

ظل الخطاب السياسي في السودان بعيد عن واقع المجتمع السوداني سواء كان خطاب اليمين الكلاسيكي ام اليسار (الماركسي /القومي العربي) وظل اليمين الكلاسيكي يستخدم الدين في السياسية لدعم مواقفه السياسية وتشويه أفكار خصومه وبهذا تحول الدين عند اليمين الكلاسيكي إلى حصان طروادة لتمرير أجندته المعنوية أو الماديه اي تحول الدين إلى ايدلوجيا؛ اما تيار اليسار (الماركسي /القومي العربي) حاول هذا التيار أن يؤسس علمانية مشرعنة من النص الديني وصار يروج خطاباته للمجتمع بأن العلمانية هي موجودة داخل النصوص المقدسة وهذا التيار وقع في نفق إستغلال الدين لتثبيت العلمانيه؛ وهذا يؤكد أن هذه الفكرة هي مخالفة لواقع المجتمع و إلاّ لماذا كل هذا التخبط؟
وعندما فشل هذا التيار في هذه التجربة ذهب يبرر للعلمانية باسم التنوع؛ ولكنه وقع في مطرقة اليمين الكلاسيكي الذى ظل يجهز شعاراته الدينية لحسم خصومه باسم الدين؛ وأوقع تيار اليسار في صراع مباشر مع تركيبة المجتمع السوداني المشوهة، التي تعتمد على الدين الشعبي المأزوم؛ وبهذا لقد حسمهم اليمن الكلاسيكي ولم يضع لهم الفرصة لترويج أفكارهم وأصبحت رؤيتهم بعيدة عن واقع اهتمامات الشعب السوداني .
القاسم المشترك بين اليسار واليمين هو إستغلال الدين لتحقيق مآرب سياسية متخيلة؛
الدولة ظلت منذ نشأتها هي كيان إعتباري اي مؤسسة تحتكر العنف الرمزي الذي تستمده من المجتمع وذلك باعترافهم بسلطتها عليهم؛ ومن واجب الدولة أن توفر لمواطنيها السؤدد والرفاه الاجتماعي واحترام حقوق كل الأفراد داخل الحدود السياسية للدولة ؛ اما الدين هو اعتقاد الافراد في قوة غيبة (مقدسة) بأنها تنجيهم من عذاب يوم القيامة إذن من هذا المنطلق لا يمكن أن يكون اعتقاد اي فرد أو طائفة دينة يكون مقدس أكثر من الأخرى؛ وذلك للقناعات الداخلية في ذوات الناس بأن اعتقادهم سوف ينجهم من عذاب النار وهم على إستعداد للدفاع عنه بكل قوتهم المادية والمعنوية؛ وذلك لأنه يمثل الخلاص الروحي لهم وهذا الاعتقاد لا يخضع للتكهنات والافتراضات الشخصية أو الجماعية؛ لذلك كل الأديان مقدسة في وجهة نظر معتنقيها؛
ماهي العلاقة بين الدين والدولة؛ الدين جانب إيماني ما ورائي لا يخضع للنقد و البرهان لإثباته وسيظل بهذه الصورة.
والدين لا تقيده الحدود السياسية للدولة قد تجد أفراد من البشر يعتنقون ديانة واحدة ولكن جنسياتهم مختلفة وآخرين من نفس الدولة وهم مختلفين في المعتنقات؛ وان مسألة الدين والدولة في القرن الحالي تعد انتقاص في حق الذين يتواجدون في دولة لا علاقة لها بالدين كنظام حكم ويسقط شرط إيمانهم بهذه الازدواجية؛ وإذا ربطنا الدين بالدولة معناه تم إلباس الدولة جلباب المقدس وتحويل الدولة من كياني يديره بشر نسبين في كل تفاصيلهم يجب نقدهم وتصويبهم إلى كيان مقدس؛ إذن معناه حولنا الدولة من كيان يتطور ديناميكي إلى كيان ثابت غير قابل للنقد والبشرية أيضاً يتحولون إلى أناس مقدسين غير قابلين للنقد؛ وعندما تفشل تجاربهم يتم ردها إلى القوة الغيبية التي ينتمون إليها ويتحولوا من بشر إلى آلهة مقدسين وينسبون فشلهم إلى الافراد وعليه يتحول الشعب إلى حقل للتجارب الفاشلة وبهذه الطريقة تتحول الدولة إلى كيان يحقق غاية روحية غير قابلة للنقاش والنقد لأنها مختارة مُسبقاً من الإله قبل حدوثها؛ والانسان يفقد كرامته ويتحول من غاية تخدمه كل الأشياء إلى وسيلة لتحقيق الدولة الدينية
نواصل

3 تعليقات
  1. Gamal يقول

    سرد جميل لمشكلة الإسلام السياسي في السودان وكذا علاقة الدين بالدولة موفق رفيقي المغوار
    مزيد من الاستنارة

  2. Imhotep Suleiman Abakr يقول

    واصل الحفر يا كمرد

  3. Algizoli يقول

    سرد وتحليل من إنسان حصيف ململم بخيوط العمل السياسي السوداني، مكامن الضعف والخلل، قدام يا كمرد ونترقب منك المزيد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.