العلمانيه ضرورة وضمان للمواطنة المتساوية
✍🏿 بقلم: باب الله كجور
الحركه الشعبيه لتحرير السودان – شمال كانت شجاعة وواقعية حين نادت بالعلمانية كأساس لطبيعة الدولة السودانية، ورمت بذلك حجرا فى البركه السياسية الراكدة دافعة بقضية علاقة الدين بالدولة إلى الواجهة بلا وجل أو مواربة، وهى على قناعة أن أصحاب الإمتيازات التاريخية فى السلطة والثروة وأن االفئة المنتفعة التى هيمنت على مفاصل الدولة ومؤسسات الحكم، أو بالأحرى النخب التى ورثت السلطة من المستعمر الإنجليزى – المصرى وقدمت مصالحها الخاصة على المصالح العامه وفصلت القوانين بما يتناسب مع رغباتها ومصالحها وتوجهاتها. وتسببت هذه النخب فى إحداث إختلالات وظلم وعدم تكافؤ الفرص فى التنمية بين أقاليم السودان.
لا شك أن ن الأحزاب السياسية والطائفية ظلت تتواطأ لحماية مصالحها وإمتيازاتها لإعتبارات آيديولوجية وثقافية، فالعلمانية حسب مفهوم هذه الأحزاب تهدد وجودها لإعتقادها أنها تركز على إلغاء مركزية الثقافة الإسلاموعروبية التى تشكل حسب زعمهم روح الحياة العامة وتدعو إلى تغيير الهوية. وستبذل هذه الأحزاب جهود جبارة لإخراجها من السياق وجعلها موازيا للدين الإسلامى حتى يتسنى لها دغدغة مشاعر البسطاء الذين ليس لهم معرفة بأنظمة الحكم وأنواع الدول ستستغل كل منبر لشن حملة شعواء لشيطنة الفكرة ووصف كل من يدعو لها بالزندقة، ووصم من يطالب بها بالكفر والتقرب زلفى من العوام ( عامه الناس) لإدرار عاطفتهم وكسب تأييدهم، لكن فات على هؤلاء أنهم فى غيهم وسعيهم الحثيث لتشويه العلمانية لشيئ فى نفس يعقوب.
إن الحركة الشعبية قرأت التاريخ السياسى السودانى جيدا فأخذت منه العبر بإعتباره السجل الذى يدون والمرآة التى تعكس، والذاكرة التى تحفظ المواقف. فقد إستولى الرئيس الأسبق المشير/ جعفر محمد نميرى على السلطة بالقوة فى 25 مايو 1969وطبق الشريعة الإسلامية فى السنوات الأخيرة من أيام حكمه، وكان حريصاً كل الحرص على الجانب العقابى وإنتقائيا فى تنفيذ الحدود حيث إستهدف المنتمين إلى الهامش بصوره مباشرة ولم يراع أن السودان كان يعيش أوضاعا مأساوية وكارثية بسبب الجفاف والتصحر . وكأنه لم يقرأ سير أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الذى عطل حد السرقة فى عام الرماد، فالشيئ بالشيئ يذكر. وسلك الجنرال عمر البشير الذى قاد إنقلاب عسكرى فى 30يونيو 1989 نفس السلوك، بل جاء بشيئ جديد إذ أعلن الجهاد وجعل جنوب السودان، جبال النوبه والفونج مسرحا لعملياته الإنتقامية التى قتل وأذل بها سكان تلك البقاع وشردهم من ديارهم وإسترقهم وجعل من وقع فى الأسر من الفتيات إماة وسبايا للقيادات العليا للجيش وأمراء مليشيات الدفاع الشعبى، وأطفالهم خدما فى بيوت السادة ومنازل الزعماء وأموالهم غنيمة لأنصار ودعاة المشروع الحضارى و كل ساعى وحالم لإستعادة مجد الأمة وعمل خلال عقدين على قتل أهل إقليم دارفور المسلمين وتهجيرهم قسرا.
وهاتان التجربتان كانتا خير دليل وأوضح برهان على فشل مشروع الدولة الدينية فى بلد يتسم بالتنوع والتعدد.
هذه تذكرة لكل متنطع متعصب ومتطرف أصولى منغلق رافض بأن يفهم الدرس و يصر على أن يكون طالب غبى وسط أقرانه النجباء فمن حق أى تنظيم سياسى أو سودانى و سودانية أن يدلو بدلوه ويساهم برأيه وفكره ويجيب على سؤال كيف يحكم السودان، فالأمر لم يعد حكرا لفئة أغلبية كانت أو أغلبية دون الأخرى كما يظن أولئك اذاسلمنا جدلا بوجود( الأغلبية والأقلية) بالمعنى المتعارف عليه في مخيلة متأسلمى ومستعربى السودان فى ظل متغيرات تحمل بين طياتها الكثير، إذ لم يعد هنالك شخص حر وسوي يقبل أن تهضم حقوقه هكذا.
16 فبراير
تيما
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.