العدالة الإنتقالية الطريق إلي السلام والمصالحة والديمقراطية

عبدالسلام صابون - المحامي

 

 

العدالة الانتقالية Transitional justice هو مفهوم يشير إلى مجموعة التدابير القضائية وغير القضائية(المحاكمات الجنائية ) التي قامت بتطبيقها دول مختلفة من أجل معالجة ما ورثته من إنتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وتتضمّن هذه التدابير الملاحقات القضائية، ولجان الحقيقة و جبر الضرر و إصلاح المؤسسات و احياء الذكرى.
يعتبر مفهوم العدالة الانتقالية من المفاهيم التي ما تزال غامضة بالنسبة للكثيرين، لاسيما فيما يتعلق المقطع الثاني من المصطلح؛ أي الانتقالية إذ يثار التساؤل هل توجد عدالة انتقالية؟ وما الفرق بينها وبين العدالة التقليدية المرتبطة؟
يعتبر مفهوم العدالة الانتقالية من المفاهيم التي ما تزال غامضة النسبة للكثيرين، لاسيما فيما يتعلق المقطع الثاني من المصطلح؛ أي الانتقالية إذ يثور التساؤل هل توجد عدالة انتقالية؟ وما الفرق بينها وبين العدالة التقليدية المرتبطة؟

وهنا لابد من توضيح أن العدالة الانتقالية تختلف عن العدالة التقليدية في كونها تُعنى بالفترات الانتقالية مثل: الانتقال من حالة نزاع داخلي مسلح إلى حالة السلم، أو الانتقال من حكم سياسي تسلطي إلى حالة الحكم الديمقراطي، أو التحرر من احتلال أجنبي باستعادة أو تأسيس حكم محلي، وكل هذه المراحل تواكبها في العادة بعض الإجراءات الإصلاحية الضرورية وسعي لجبر الأضرار لضحايا الانتهاكات الخطيرة

أي أن مفهوم العدالة الانتقالية يعني الاستجابة للانتهاكات المنهجية أو الواسعة النطاق لحقوق الإنسان، بهدف تحقيق الاعتراف الواجب بما كابده الضحايا من انتهاكات، وتعزيز إمكانيات تحقيق السلام والمصالحة والديمقراطية. أي أنها تكييف للعدالة على النحو الذي يلائم مجتمعات تخوض مرحلة من التحولات في أعقاب حقبة من تفشي انتهاكات حقوق الإنسان؛ سواء حدثت هذه التحولات فجأة أو على مدى عقود طويلةبعبارة أخرى، يربط مفهوم العدالة الانتقالية بين مفهومين هما العدالة والانتقال، بحيث يعني: تحقيق العدالة أثناء المرحلة الانتقالية التي تمر بها دولة من الدول.

وعلى الرغم من أن المفهوم ظهر في أعقاب الحرب العالمية الثانية، إلا أن حضوره تكثف بشكل خاص منذ سبعينات القرن العشرين، فمنذ ذلك الحين شهد العالم أكثر من 20 تجربة للعدالة الانتقالية من أهمها تجربة الأرجنتين والسلفادور ورواندا وسيراليون وجنوب إفريقيا وتيمور الشرقية وصربيا.

رغم حداثة فكرة العدالة الانتقالية نسبيا، إلا أن الربع الأخير من القرن العشرين قد شهد تجارب مهمة في مجال العدالة الانتقالية في مختلف أنحاء العالم. وفي هذا الصدد، بدأ موضوع العدالة الانتقالية، يطرح نفسه خلال السنوات الأخيرة، وبدرجات متفاوتة في السياقات الوطنية لبعض البلدان العربية. وقد تباينت صيغ طرح الموضوع، سواء في شكل دعوات رسمية لبعض صناع القرار السياسي، في سياقات تثبيت السلم المدني وإنهاء النزاع المسلح أو في صيغة دعوات رسمية ذات صلة بحاجيات تعزيز الانتقال الديمقراطي عن طريق المصالحات الوطنية. كما تباينت صيغ طرح موضوع العدالة الانتقالية، بالنسبة إلى الضحايا والجمعيات المدنية المرتبطة أو المتفاعلة معه، من خلال أشكال متعددة، هيمنت عليها، بصفة رئيسة الدعوات الرامية إلى الكشف عن الحقيقة وعدم الإفلات من العقاب.
1

مكافحة الإفلات من العقوبات، والسعي إلى المساءلة القانونية عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. إقامة مؤسسات خاضعة للمساءلة واستعادة الثقة فيها. زيادة إمكانية وصول أكثر الفئات ضعفاً في المجتمع إلى العدالة في أعقاب الانتهاكات. استعادة احترام سيادة القانون من خلال إصلاح المؤسسات بما فيها المؤسسات العدلية من قضاء و نيابة وشرطة . تيسير عمليات السلام، وتعزيز القرارات الدائمة للصراعات. وضع أساس لمعالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع والتهميش. التأكّد من سماع أصوات الشباب حول القضايا التي تؤثر عليهم بشكل مباشر. النهوض بقضية المصالحة. أهمية العدالة الانتقالية تساهم العدالة الانتقالية في التخفيف من مخاطر العنف، والتعزيز من الأمن ا، وسيادة القانون، وإعادة بناء التماسك الاجتماعي، وتشجيع احترام حقوق الإنسان، وتسهيل التنمية، واستعادة الثقة في المؤسسات المشوهة سابقاً، ومن إجراءات وتدابير العدالة الانتقالية المؤقتة:
* **المحاكمات الجنائية:
إن التحقيق والمقاضاة في الجرائم، مثل الجرائم ذات موضع الإهتمام الدولي مثل الجرائم التي تدخل أختصاص المحكمة الجنائية الدولية ما يعرف بالجرائم الدولية وهي( جريمة الأبادة الجماعية أو أبادة الجنس البشري – الجرائم  ضد الإنسانية –  وجرائم الحرب –  و جريمة العدوان) و غيرها من الجرائم  الأخرى المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، يُمكن أن تتم في المحاكم المحلية، أو المحاكم الدولية، أو في المحاكم المختلطة التي تنطوي على مجموعة من الجهات الفاعلة، والقوانين الدولية والمحلية.
* لجان الحقيقة:
حيث إن هذه اللجان، هي نوع خاص من لجان التحقيق، والغرض الأساسي من التحقيق في فترات إساءة المعاملة والإبلاغ عنها، وهي مؤسسات مستقلة غير قضائية ترعاها الحكومة، حيث تنشأ هذه اللجان عموماً لدراسة الأسباب الجذرية للعنف وأنماطه، وإنشاء سجل تاريخي للفترات التي حدثت فيها الانتهاكات، وتوفير مكان للضحايا لتبادل خبراتهم، وتقديم توصيات لمعالجة الانتهاكات، ومنع تكرارها في المستقبل.

** أصلا المؤسسات

ويشمل ذلك أصلاح المؤسسات العدلية كما ذكرته سلفا تهدف هذه الجهود إلى تحويل المؤسسات العامة، مثل قطاعات الأمن والعدالة، من أدوات للقمع والفساد إلى مؤسسات مكرسة للخدمة العامة تتسم بالشفافية والنزاهة.

* جبر الضرر :
تركز هذه المبادرات على إصلاح الضحايا، وإعادة تأهيلهم عن طريق معالجة الأضرار المادية، والمعنوية التي لحقت بالإساءات السابقة، واتخاذ خطوات لمنع الضرر في المستقبل، ويمكن أن يشمل التعويض مزيجاً من المنافع المادية والرمزية لأفراد ومجموعات الضحايا، بما في ذلك التعويض ورد الاعتبار، وإعادة التأهيل والاعتذارات الرسمية وضمانات عدم التكرار.

* لجان الأشخاص المفقودين:

تركز هذه اللجان غير القضائية تحديداً على تحديد هوية الأشخاص الذين لا يزالون مفقودين، والعمل على توضيح ما حدث لهم.
* النصب التذكارية و أحياء الذكرى

وقد يشمل ذلك إنشاء المتاحف، والنصب التذكارية، وأيام الذكرى أو الاحتفال، للحفاظ على الذاكرة العامة للضحايا، وزيادة الوعي بالانتهاكات السابقة، والمساعدة على منع تكرارها. توثيق البيانات: تشمل توثيق جمع معلومات عن الانتهاكات والاعتداءات، وكذلك أولئك الذين تأثروا بها أو تورطوا فيها، ويمكن أن تساعد مثل هذه المبادرات على إيجاد فهم أفضل للأحداث، وتوفير أساس للمعلومات الموثوقة لتدابير أخرى.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.