السينما و تحدي بناء الذائقة الجمالية

د. أحمد المعتز

 

يقول الفيلسوف الفرنسي ادجار موران (الافلام الروائيه تخبرنا بالحياه اليوميه للشعوب وتجعلنا نكتشف الشيء الأجمل وهو المتعلق بالتشابه والاختلاف عنا. الشعوب لديها الأحاسيس نفسها والآلام نفسها والمشاكل كذلك… في هذا الفضاء الإنساني المسمى سينما نجرب تنوعه لأننا نرى اختلافاته… تقيده وأخلاقه وندرك أن هذا الغنى الإنساني مصدره التنوع)
صناعة السينما في الهند لها تاريخ ليس بالقريب فأول فيلم هندي صامت انتج في 1913
و في ثلاثينات القرن المنصرم كانت بولييود تنتج مئتي فلم في العام… علاقة الحجل بالرجل بين الشعر الغنائي و الاغنية و السينما ميزت السينما الهندية فالموسيقى التصويرية و الاغاني عامل شديد الاهمية قد يحدد نجاح الفلم من فشله في شباك التذاكر… لذا ارتبطت الافلام الخالدة بالاغاني العظيمة و شهدت السينما الهندية ثنائيات قدمت الكثير و المتميز فخلدت في وجدان الناس داخل و خارج الهند…
فلم فيير زارا الذي انتجه المخرج الراحل ياش شوبرا في عام ٢٠٠٧ حقق نجاحا مذهلا على الصعيد المحلي و الدولي من حيث الإيرادات و الجوائز و قد أثار الكثير من الجدل في شبه القارة الهندية فالرسائل السياسية المتضمنة في الفلم اثارت استياء الجانب الباكستاني و طرحت الكثير من التساؤلات التاريخية المهمة على اجيال ما بعد التقسيم (1947) و الحرب في باكستان الشرقيه (بنغلاديش) في 1971 …
الفلم الذي قام ببطولته شاروخ خان و بريتي زينات اعاد لجمهور السينما ذكرى احد اروع ملحني الاغنية العاطفية مودان مهن المتوفي في 1975… العملاقة لاتا مانغيش تغنت باغاني شاعرها المحبوب جافيد وملحنها المفضل مودان موهان الذي لطالما التقى صوتها العبقري بالحانه المتفردة بعد ما يقارب الثلاثة عقود على وفاته يلتقي المخرج المتميز ياش شوبرا و الشاعر الغنائي الأول جافيد اختر و المغنية لاتا مانغيش ليعيدوا الحياة إلى تلك الالحان التي لم ترى النور بسبب وفاة مؤلفها….
اغنية من اجلك (تيرا ليا) سار بها الركبان و ترجمتها الشعوب بمختلف سحناتها إلى لغاتها المحلية و هي أغنية عاطفية يمكن ان يبوح بكلماتها المحبين في اي مكان على وجه المعمورة…
صاغ لحنها المبدع مودان موهان و تغنت بها لاتا مانغيش مع المطرب روث كومار…..
تقول كلمات الأغنية
عشت من أجلكِ
دون أن أنبس ببنت شفة
تذوقت طعم الدموع
لكن شعلة الحب ظلت في قلبي وقادة

كتاب الحياة في الماضي و الحاضر و المستقبل
تحاصرنا الذكريات
أتتني الإجابات دون أن أسأل
انظر إلى ماحدث انظر كيف كانت الأمنيات
لكن شعلةالحب ظلت في قلبي وقادة
لن أقول عاندتني الحياة لكن الأقدار شاءت أن أعيش بدونك
مخطئ من يظن إنك لست ملكي
أصابنا الناس بالألم و الحيرة

لكن شعلة الحب ظلت في قلبي وقادة…… من اجلك
ثنائية الاسطورتبن مودن موهان و لاتا مانغيش امتدت لربع قرن اي من بداية خمسينيات القرن المنصرم و تجسدت في فلم العدالة وفلم انباد الذي انتج في عام 1962 وكان فلم العام من حيث المضمون والاغاني فقد ناقش قضيه تعليم البنات كما أن اغتيه (عيناك لم ترى محبتي بعد) خلدت في ذاكره الجمهور الهندي وتناقلتها الاجيال ثم بلغت تلك الثنائية الفنيه قمه النجاح في فلم ظلي سيتبعك… توفي الملحن المبدع مودن موهان بعد معاناة مع تليف الكبد إلا أن أعماله الضخمة و بصمته الموسيقية ظلت خالدة في تاريخ الغناء و السينما في الهند….

الثنائيات الفنية في السودان حظيت باحتفاء الجمهور… ثنائية ابو صلاح و كرومة و عبيد عبد الرحمن و الكاشف و حسين بازرعة مع عثمان حسين و هي ثنائية الشاعر مع المغني الملحن…
في الهند تم تكريم مودان موهان بعد وفاته بإعادة إنتاج ألحانه في افلام حديثة…
في السودان احتفت الرواية السودانية المعاصرة بثنائية وردي و إسماعيل حسن في رواية زحف النمل و قد أشار مؤلف الرواية الطبيب امير تاج السر إلى إسماعيل حسن بوصفه بدودة القز وهو تشبيه لقصائد اسماعين ود حد الزين بالحرير اما وردي فقد جسدته شخصية المطرب احمد ذهب و قد ترك المؤلف الدلالات لحس القارئ و هي رمزية تقترب من الوضوح حتى كادت ان تلغي اللبس و الغموض علانية… لم نرى ثنائية وردي و إسماعيل حسن لا على شاشة السينما و لا على خشبة المسرح….
ترى هل نرى قريبا نهضة للفنون تستفيد من إرث فني ضخم لم يؤرخ له كما ينبغي و لم يستثمر بعد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.