السودان وحفرة الانهيار

بقلم✍️🏽: بدين عبدالله ديان

 

 

يعيش السودان في مرحلة حرجة تتخللها تحديات داخلية كبرى وصراعات إيديولوجية تمزق نسيجه الاجتماعي والسياسي. فعلى الرغم من أن السودان يعدّ دولة ذات تعدد ديني ،إلا أن شعار “الله أكبر” الذي يرفعه الجميع، سواء كانوا قتلى أو مقاتلين، أصبح رمزاً لمعركة لا يبدو أن لها نهاية ووضعت الدولة في دوامة من الانهيار الإيديولوجي الذي يهدد استقرارها بشكل متزايد. وصف الجنرال عبدالفتاح البرهان هذه الحرب بأنها “عبثية”، وهذه العبثية قد تؤدي إلى انهيار اقتصادي، وتفكك اجتماعي، وتفشي أمراض كانت قد اندثرت في العديد من الدول، إلا أنها لا تزال تضرب السودان في ظل استمرار هذه الصراعات.

 

المعركة ليست فقط في ميدان الحرب، وإنما أيضاً في محاولات فرض أيديولوجية إسلامية عروبية على هيكلة الدولة الحديثة، مما يؤدي إلى صراعات داخلية وتحديات حقيقية في تلبية احتياجات الشعب الأساسية وضمان سير الدولة. أثرت هذه الأيديولوجيا على البنية التحتية المتهالكة بالفعل، من شبكات طرق غير مطابقة للمواصفات العالمية، إلى انقطاع الكهرباء، وتدمير شبكات المياه في بعض المدن، وصولاً إلى إغلاق المدارس وتدمير مرافقها، وذلك نتيجة الحرب التي باتت تعصف بكافة مرافق الحياة. لم تستطع حكومة بورسودان توفير الخدمات الأساسية للمواطنين أو إيصال المساعدات الإنسانية لهم، مما يزيد من المعاناة اليومية للشعب.

 

الحرب الإيديولوجية المفروضة على الشعب السوداني، والتمسك بشعارات الدولة الإسلامية العروبية، أسهمت في عرقلة التقدم السياسي والاجتماعي، وأدت إلى تفاقم الأزمات، وزيادة السخط الشعبي تجاه المشروع القمعي الذي تطرحه الحركة الإسلامية. أسهمت هذه الصراعات في هروب الاستثمارات وانخفاض الإنتاجية، مما ساهم في ارتفاع معدلات الفقر والبطالة بشكل مقلق. ومع فقدان الثقة في النظام المالي، تتعرض العملة المحلية لخطر الانهيار الوشيك، ما يضع السودان على شفا أزمة اقتصادية عميقة.

لم تتوقف السلطة الإسلامية العروبية عند قمع الأصوات المعارضة، بل لجأت إلى استخدام الميليشيات لقمع كل من يرفع صوته بالرفض، مما أدى إلى تزايد الظلم والتهميش وتفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية. أصبحت الحرب أداةً لتفكيك النسيج الاجتماعي، وارتفعت الأصوات المتطرفة التي قد تحمل في طياتها نزعات عرقية أو طائفية، مما خلق حالة من عدم الثقة بين المجتمعات المختلفة وهدد بنسف الوحدة الوطنية.

 

فشل الأيديولوجية العروبية الإسلامية في تحقيق الاستقرار، بل إنها دفعت السودان نحو هوة الانهيار في كافة المجالات، حيث تم استنزاف الموارد في ميزانية الحرب، مما زاد من معدلات الفقر والبطالة وأضعف من فرص الاستقرار. ومع تصاعد معدل الجرائم مثل السرقة والعنف وتجارة المخدرات، باتت حالة الأمن هشة، وفقدت الدولة السيطرة على الأوضاع الأمنية بشكل شبه كامل.

 

في ظل هذا الواقع المتأزم، برزت الأجندات الأجنبية التي تسعى لاستغلال هشاشة الدولة لتحقيق مصالحها، مما قد يتسبب في زيادة الاضطرابات على مستوى البلاد بأسرها. كما دفعت هذه الأوضاع الكثير من المواطنين إلى الفرار من ديارهم بحثاً عن مناطق أكثر أماناً أو اللجوء إلى دول مجاورة، مما يفاقم من الأزمات الإنسانية في الدول المستضيفة.

اليوم، السودان يواجه فراغاً سياسياً واسعاً نتيجة إخفاق المؤسسة العسكرية في إدارة البلاد وإقصاء الأحزاب المعارضة إلى خارج البلاد، مما ساهم في إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار. وهذا الواقع غالباً ما يجذب تدخلات خارجية، سواء كانت سياسية أو اقتصادية، مما يزيد من تعقيد النزاع وإطالة أمده. كما يزداد احتمال أن تنفرد كل مجموعة مسلحة بمنطقة جغرافية خاصة بها، وقد تظهر حركات سياسية واجتماعية جديدة، بعضها قد يكون أكثر تطرفاً ويسعى لفرض نظام جديد أكثر تشدداً

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.