السودان الجديد المشروع الذي لا بديل له ولا سمواً يعلو علي عليائه

ياسر دارنجانق

احتفي الشعب السوداني عامة وجماهير الحركة الشعبية شمال خاصة بالعيد 38 والذي يصادف دوماً 16مايو، ذكراً وتذكيراً لتاريخ حافل بالتضحيات والإنجازات، سطره الشرفاء من أبناء وبنات الشعب السوداني بدمائهم وارواحهم عبر نضالات وتضحيات وكفاح طويل شكل لوحة ثورية نضالية سجلتها اضابير التاريخ، لتكن تراثاً وثائقياً تتبادله الأجيال، كما جاء ايضاً تكريماً لكل الذين ضحوا بكل معاني التضحية من اجل ترسيخ المبادئ والقيم السامية التي يقوم عليها مشروع السودان الجديد.
الا ان هذا العام جاء مميزاً ومختلفاً يحمل في طياته علامات واشارات النصر الحاسم للديمقراطية علي الاستبدادي، وكآنه يقول للشهداء والارامل والمعاقين والذين ما زالوا يحملون شعلته ان مشروعكم الذي بزلتم الغالي والنفيس في سبيله قد تحقق ووصل لكل بيت سوداني، والذي ينتظركم، فقط ادارته سياسياً، اجتماعياً، اقتصادياً وامنياً حتي يتنعم به الشعب السوداني.
ما دفعني لكتابة هذه الاسطر؛ مشاهدتي له يتبختر وسط الجماهير ومتابعتي لمنحى التعبيرات والاحتفالات التي جسدت معاني التحرر والانعتاق، والذي عمّ معظم أجزاء السودان، وبالأخص دارفور/غرب السودان والتي تعتبر قلعة الطائفية وقوى التخلف التقليدية التي تتخذ من الدين وسيلة سهلة وناجعة للوصول الي امتيازاتها السياسية.
بهذا الوجود العملي والفعلي في أوساط الجماهير سيجعل من هذا المشروع ورؤيته، فكراً سرمدياً، وبداً لا مناص منه، ومنهجاً سياسياً لا يضاهيه نهج اخر. ما يؤكد علي ذلك، هو قدرته علي تحريك الأمور وطرح الإشكاليات بصورة حقيقية وواقعية وحلها، وسعيه المتواصل لتقديم صورة علمية وسياسية للتوفيق بين حاجة العامة الي الامن والتعايش والعيش والرفاه، وحاجة الفرد الي الحرية المطلقة ، وطرح نفسه ضمنياً كممثل لقيم الحداثة والانفتاح علي الإنسانية والعالم وهجر كل ما هو قديم.
لقد عجزت كل الانظمة السياسية التي حكمت الشعب السوداني لأكثر من ستون عاماً في تقديم مشروع وطني باستطاعته إدارة التنوع الاجتماعي الذي يميز الشعب السوداني عن غيره من الشعوب الأخرى وملبياً لطموحاته وحاجياته المستحقة، وذلك نسبة لتبنيها لفلسفات وايديولوجيات وممارسات سياسية صعب عليها التكيّف مع الواقع والمزاج الذي يتمتع به هذا الشعب، وحتي التي سمت نفسها بالقوي الدمقراطية جعلته شعاراً، فقط استخدمته من باب الخداع، لان حقيقتها  الجوهرية لا تؤمن بقيم الديمقراطية، انما حقيقتها تقوم علي الديمقراطية العرقية التي تحض علي كراهية الاخر المختلف عنه، او الأصولية الدينية والتي بدورها تحض علي التعصب والتطرف.
لن اتناول هنا الإخفاقات والعجز الذي يعتقد انه سمة مقدسة ملازمة للبشر مهما كبرت وكثرت انجازاتهم ونجاحاتهم، بل تبقي قيمة نسبية تعتمد علي التصور الفردي، بل اتحدث في هذه النوتة عن مشروع السودان الجديد في ديناميكيته، وصيرورته التاريخية المعاصرة وتحديه لكل الصعاب والتآمر من قبل اعدائه من قوي الضلال والظلام وحركات الاستهبال، قد يكون هناك بعض المتحمسين الذين وصل الوعي به مبكراً لديهم قد يقولون انه قد تأخر، نعم؛ ولكن ليس التأخير الناتج عن العجز والفشل، ولكنه كان في طور التبلور والتشكل من خلال فهم المجتمع الذي غُيب عن التفكير نحو الاهتمام بحقوقه السياسية والاجتماعية.

 هذا التشكُّل المعرفي الجديد يفرض واقعاً علي جماهير الحركة الشعبية، يخلص الي بذل مزيداً من التضحيات والتفاني من اجل مضاعفة نشره وتعريفه لبقية الشعب حتى يكتمل تصوره الجماهيري الحادب الي التحرر والحرية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.