السر العجمي المحامي يكتب: العدالة الانتقالية ( 4/2 )

بقلم : السر العجمي المحامي

ثانيا: تعريف العدالة الانتقالية:

العدالة هي الاستقامة والمساواة امام القانون, والانصاف في الحقوق. وثمة اجماع بين الباحثين في موضوع العدالة  علي انها ( مجموعة من القيم التي تراعي فيها حقوق الانسان, وترتبط العدالة بالحرية والانصاف وتكافؤ الفرص. وهي القيم التي تجيب علي قضايا الديمقراطية والاصلاح[1]

اما الانتقالية فتعنى من الناحية الاصطلاحية, تحول المجتمعات من نمط معين الي نمط أخر.

حيث عرفت روتى تيتال(Ruti G.Teitel) العدالة الانتقالية باعتبارها ذلك المفهوم الذى يرتبط بفترات التغيير السياسي التي يصاحبها عدد من الاستجابات القانونية فى المجتمع حتى يتمكن من مواجهة المخالفات التي قامت النظم القمعية السابقة بارتكابها.[2]

وفي تقرير للأمين العام السابق للأمم المتحدة. يعرف (العدالة الانتقالية) بأنها تشمل,(كامل نطاق العمليات والاليات المرتبطة بالمحاولات التي يبذلها المجتمع لتفهم وتجاوز تركة الماضي الواسعة النطاق بغية كفالتة للمساءلة واحقاق العدل وتحقيق المصالحة) وقد ربط كوفي انان ذلك باستراتيجيات شاملة بحيث تتضمن الاهتمام علي نحو متكامل بالمحاكمات الفردية ووسائل جبر الضرر وتقصي الحقيقة والاصلاح المؤسسي او اي شكل يدمج علي نحو مدروس هذه العناصر على نحو ملائم.[3]

وتشمل هذه الاليات الطرائق القضائية وغير القضائية على حد سواء, مع تفاوت مستويات المشاركة الدولية ومحاكمات الافراد والتعويضات وتقصى الحقائق والاصلاح الدستوري.[4]

وقد تبنت الامم المتحدة في المذكرة التوجيهية في المذكرة التي اصدرتها عام 2010بعنوان( نهج الامم المتحدة بشأن العدالة الانتقالية) تعريفا اخر لمفهوم العدالة الانتقالية حيث عرفت الامم المتحدة العدالة الانتقالية, بانها تلك العملية التي تضم مجموعة كاملة متكاملة من الاليات المرتبطة بالمجتمع والتي تهدف الى ازالة ارث من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان, والتي ارتكبت على نطاق واسع في الماضي, بحيث يكون تطبيق هذه الاليات من شأنه ضمان تحقيق المساءلة وخدمة العدالة وتعزيز المصالح, ومن ثم فان العدالة الانتقالية تتكون من مجموعة من الاليات والعمليات القضائية وغير القضائية والتي تشمل على كل من مبادرات الادعاء, وكشف الحقيقة, ودفع التعويضات, والاصلاح المؤسسي, والمشاورات الوطنية , بشرط ان يتم المضي قدما في تلك الاليات وفقا للمعايير والالتزامات القانونية والدولية[5]

وبناء عليه فأن الاطار المرجعي لتحقيق العدالة الانتقالية في ظل غياب المشروعية المجتمعية , يقوم علي المعايير الدولية لحقوق الانسان وضمان حقوق الملكية , وكذلك تطبيق القوانين علي المجرمين , واعادة السلم الاهلي, وتحقيق المصالحة, ومحو اثار الاستبداد, وتعويض المتضررين.

ولعل الجهة المسؤولة عن موضوع العدالة الانتقالية هي مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان. وقد اشارت نافانيتيم بيلاي, مفوضية الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان, الي مساعي العدالة الانتقالية يجب ان تقوم علي حقوق الانسان , وان تركز علي نحو متسق علي حقوق وحاجات الضحايا واسرهم وعلي ضرورة اجراء حوار  وطني , فالأشخاص الذين تضرروا من جراء افعال القمع او النزاع في الماضي يحتاجون الي التعبير عن آرائهم بحرية يتسنى لبرنامج العدالة الانتقالية ان يراعي تجاربهم ويحدد حاجاتهم واستحقاقاتهم[6]

ان اهم العناصر الاساسية للعدالة الانتقالية  تركز على منع الافلات من العقاب وذلك باعتماد المسالة والمحاسبة علي الارتكابات السابقة , واستنادا الي مبادي السلام والديمقراطية, واخذ حقوق الضحايا في الحسبان لجبر الضرر والانصاف, وتصميم استراتيجيات تستند الي التطور الاجتماعي والثقافي والتاريخي السياسي المحلي, والتأكيد ان هذا البناء هو جزء من عملية معقدة ومتعددة الاوجه , تحتاج الي رؤية واحترام طويل الامد.

mann(eds.),Advancing conflict transformation(oplanden\framingtonitius.BarbaraBudrichPublishers,TheBerghof hand book11,2011)p.407

[2] Stephan i.e. Scheel-Faucon&undinekayser-whande transitionaljusticeandcivilion conflicttransformation(Marburg;themarburgcontreforconflhctstudies university ofmarbuegccsworking papersno10,2008,p13

[3] انظر تقرير الامين العام الي مجلس الامن الدولي بشأن(سيادة القانون والعدالة الانتقالية في مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع)16-6-2004.

[4] نهج الامم المتحدة في العدالة الانتقالية:https;\\Google\6k2pbt

[5] الامم المتحدة مذكرة توجيهية اعدها الامين العام ,نهج الامم المتحدة في شأن العدالة الانتقالية , مارس 2010

[6] انظر: ادوات سيادة القانون في الدول الخارجة من نزاعات( نيويورك, جنيف: مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان,2009

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.