الحوار الشامل هو المخرج الوحيد لازمة الوطن.. شئنا أم أبينا..
بقلم/نصرالدين عمر عثمان
[email protected]
مدخل:-
مريومة بنت العم بحر
في إيدها فاس طالعة الخلاء
والكف خشن.. والحناءة ما كان يوم في حِلم
وأبونا آدم غير الكَرش ماليهو هم..
شعباً يفوت أو كان يموت ما زاده هم إلا الأهم..!!
إن قلنا ليه او قلنا لا .. جنزير طويل وكمان سجن..!
عندما يجد القارئ مقالاً إستفتاحيته بهكذا عنوان تلقائياً يتبادر في زهنه جملة من الإستفهامات، التي تحتاج إلي الإجابة.. وهي علي سبيل المثال وليس الحصر.. مثل ماهية الحوار الوطني الشامل أو مؤتمر السلام الشامل، الذي يطرها حركة وجيش تحرير السودان و لماذا تطرح في هذا التوقيت..؟ الحوار الوطني أو مؤتمر الحوار الشامل او سموها كما تشاؤن ومن ثم دعوني ندلف سوياً لنتعرف اكثر علي كلمة الحوار نفسها وتفكيكه اصطلاحياً دونكم هذا.. أول تعريف بشكل مبسط :- الحوار هو أداة لإدارة عمليات التغيير المعقدة والتعريف الثاني :- تشمل جميعها على نطاق أوسع من الجهات الوطنية صاحبة المصلحة وتتناول نطاق أوسع من القضايا مقارنة بالاتفاقات المعقودة بين النخبة وفق للأوضاع السياسية في السودان تنطبق علينا هذه الأحوال كما ورد في التعريفين أعلاه.. الذي يؤكده الأكاديمي بابا جياني.. في تعريفه أيضاً..
“تسعى الحوارات الوطنية إلي توسيع المشاركة في الانتقالات السياسية بما يتجاوز النخب السياسية والعسكرية.”
وبالإضافة الي ذلك هنالك أسئلة أخري ذات صلة لماذا يمتنع حركة التحرير الجلوس في طاولة التفاوض مع الحكومة الإنتقالية..؟ ولماذا تطرح الحركة مبادرة للحوار بدلاً عن التفاوض ماهية المغزي والأسباب المنطقية لهذا الموقف ولعل المتتبع إلي البيانات الممهورة، التي تصدرها الحركة بين الحين والآخر كافية لإزالة الصورة السالبة عن الأزهان وبالاضافة إلي التصريحات واللقاءات الصحفية عبر وسائل للإعلام الدولية والقنوات الفضائية كذلك، أعتقد أنها تبدو كافية بعد الشئ سوف يتعرف كثير من الناس عن مواقف حركة التحرير والخط السياسي الصريح كوضح النهار..!
ومن ضمن الشعارات الثورية التي يرددها الرفاق هي ” أن نقاوم ولا نساوم” مهما كلف الأمر.. الي حين تحقيق الأهداف السامية والنبيلة، التي من أجلها انطلقت الثورة التحررية بقيادة ابن السودان البار الفتي الابنوسي إلا وهو الرفيق/ المناضل/عبدالواحد محمد النور، رئيس ومؤسس حركة وجيش تحرير السودان، الذي دوماً يتحدث بشكل مستفيض ويؤكد علي ضرورة إقامة مؤتمر للسلام الشامل بالداخل هذا لا يأتي عن فراغ ويصر علي مشاركة جميع الأطراف ووعد مراراً وتكراراً بأنه سوف يكشف عن مبادرة الحوار السوداني السوداني عاجلا أو آجلا بعد زوال مسببات تأجيل إعلانها ولعل السؤال الجوهري؛ الذي يجب أن تدور حولها الاستفهام هي كالأتي ماهية تفاصيل تلك المبادرة المزمع إطلاقها..؟ بيد أنني لست مخولاً للإدلاء بأي تفاصيل عنها ولكني سوف أسعي جاهداً لتقريب الصورة ولا يفوتي أن أستصحب سؤاءات إتفاقية المسارات..
ولعلمي أن نظرات العوام من الشارع هذه الأيام متجهة صوب العاصمة الإستوائية جوبا؛ التي تحتفل بمراسم التوقيع النهائي للإتفاقية، التي في الأصل تضم مجموعات الهبوط الناعم “سماسرة السلطة” ومن لف لفهم يجتمعون كذلك في الخفاء للألحاق بهم لكي يصبحوا جزء من مسودة المسارات، هذه الاتفاقية مهما فعلوا هي في الواقع مرفوضة جملة وتفصيلاً من قبل قطاعات واسعة من أصحاب المصلحة الحقيقيين من النازحين واللاجئين من جماهير شعبنا وخاصة فيما يتعلق بمسارات جبال النوبة، دارفور والنيل الأزرق، يصفون بأن هذه الاتفاقية بأنها معيبة وناقصة، ويؤكدون بأنها لن ولم تلبي أدنى متطلباتهم علي الأقل إقتصادياً من أجل العيش الكريم ناهيك عن توفير الأمن والإستقرار.. التي تحتاج إلى ترتيبات أمنية بوجود اطراف تمتلك قوات علي الأرض قوامها؛ لا تقل عن مئة ألف. وهذه إذا طلبت من فصائل قياداتها لاتتعدي أصابع اليد الواحدة.
والمؤسف في الأمر أن مسالة عدم الأمن والانتهاكات والقتل العشوائي، ما زالت مستمرة ضد المدنيين من جماهير شعبنا حتي لحظة كتابتي هذه السطور.. ! و خاصة إبان فترات العملية التفاوضية.. فقط اكتفوا لإصدار بيانات شجب وإدانة بعبارات مغزية لا تعبر عن حجم المأساة، علماً بأن مع توفر وسائل التواصل الإجتماعي والواتساب فإن أخبار القتل والانتهاكات لا تخفي عن أحد، كانت ومازالت تحدث علي نحو يومي من قبل مليشيات مأجورة زائعة الصيت معلومة لدي الجميع لذلك نجد أن فرص نجاح اتفاقية المسارات ضعيفة جداً..إن لم تكن غائبة.
وهذا وفق آراء بعض الأكاديميين والمراقبين والشرفاء من أبناء الوطن، وايضا يرجع اسباب الفشل إلى عدم وجود الضمانات الحقيقية للتنفيذ وإنزالها علي أرض الواقع فضلاً عن الشيطان؛ الذي يوجد في التفاصيل والإضافة إلي أن ليس هنالك جهات داعمة و ممولة وهذا تحدي أخر و زيادة علي إنها تمثل واحدة من جملة 47 اتفاقيات سلام فضفاضة و هشة أبرمت إبان فترة النظام البائد وبالإضافة إلى ذلك في حال مقارنتها مع حجم الدعاية الإعلامية الآن والأموال الطائلة التي أهدرت من أجلها.
المفترض أن اللجنة الوساطة أن لا تعلن يوم السبت عطلة رسمية، الذي يوافق يوم الإحتفال بمراسم التوقيع الأخيرة، لأن الاتفاقية لا تستحق أن تتوقف من أجلها معاش الناس.. كان بالأولى أن يراعوا الحالة الإقتصادية التي تمر بها البلاد هذه الأيام.. علي ضوء هذا النقطة لا يفوتني أن أشير إلي الدور والمجهود العظيم؛ الذي قام به دولة جنوب السودان؛ لإستضافتهم للفرقاء السودانيين.. ممثلة في فخامة رئيس الجمهورية/ سلفاكير ميارديت أنه دور طليعي وعظيم ينم عن حكمة ودراية ولا ينكر هذا إلا مكابر..!! وإنه الود العميق بين شعب واحد في دولتين؛ ولعل التوقيع علي الإتفاقية بالأحرف الأخيرة والاحتفاء بها علي هذه الشاكلة بالنسبة لجماهير شعبنا؛ لا تعني لهم شيء سوى أنهم فقط يهَدُوهم الآمال العراض أن تتوقف هذه الحرب اللعينة وتذهب بلا رجعة.
وعلي أية حال وهذه تمثل بداية إيجابية للحوار السوداني السوداني والكل يعلم بأن لا احد يحبز أن تعود النزاع المسلح مرة أخرى؛ إنه الحرب؛ التي أحرقت اليابس والأخضر؛ لذلك ليس هنالك داعي للركد وراء الاتفاقيات الثنائية؛ التي لا تجلب سوي أنصاف الحلول؛ نتيجة لتجزئة القضايا؛ لذلك مواقف حركة التحرير صريحة وواضحة أعلنت مقاطعا لها.. وهنالك من يتساءل دون أن يجد الإجابة.. عن لماذا حركة التحرير ترفض الجلوس في التفاوض..؟ الحركة تري علي لسان مؤسسها أن الطريقة أو الزهنية؛ التي تدار به العملية التفاوضية برمتها لا تفضي إلي سلام حقيقي أنما هي سلام من أجل الحصول على وظائف مؤقتة وربما إستتباب للأمن تكون بشكل مؤقت وأيضاً تتوقف عمليات القتل الممنهجة تلك بشكل مؤقت، وربما كذلك تحدث نفس عمليات الإبادة الجماعية إلي مجموعات سكانية أخرى لن تتمرد الآن في حال تمردها في المستقبل وذلك يرجع لعدم إزالة الأسباب الحقيقية؛ والتي تمثل المعضلة الأساسية(عدم مخاطبة جزور الأزمة) وقد تساهم في عدم خروج السودان كدولة غريبة الأطوار من هذه الدوامة.
لذلك حركة تحرير السودان تري بأن أزمة الوطن ليست في أن تتحصل فئة او ذاك أو هذا الحزب أو ذاك إلي مقاعد سلطوية، إنما في كيفية إيجاد الإجابة في كيف يحكم السودان..؟ وليست في من يحكم السودان…؟ وتري أن أزمة الوطن يجب أن تحل حزمة واحدة فلا ينفع معاها التجزئة وإتفاقية المسارات هذه تنطبق عليها المثل القائل “فرق تسد” لذلك الحركة تنوي إطلاق مبادرة للحوار الوطني الشامل، التي لا تستثنى فيها احد، لأنها تنشد من خلاله إستتباب الأمن والإستقرار السياسي، الاقتصادي، التحول الديمقراطي المنشود والتغيير الحقيقي يتحتم علي الجميع أن تتوفر لهم الإرادة السياسية بضرورة أن تتم عملية الانتقال السياسي بشكل سلس بعيدا عن المكايدات السياسية والأحقاد والمحاصصة وفق آلية الحوار بين الأطراف آملا أن تفضي إلي تحول سلمي يليق بمقام وعظمة ثورتنا الشعبية المجيدة، التي أطاحت بنظام جثم على صدر الشعب السوداني قرابة الثلاثين عاماً وإستطاع الثورة الشعبية التغييرية أن تنزع الشرعية عن المؤسسات القديمة في فترة لاتتجاوز بدعة شهور.. وإستطاعت الثورة أن تحول معظم قادتها إلي السجون.. !!
وهذا التغيير الذي حدث تمثل سانحة تاريخية كبري تستدعي عبرها الحركة جميع الأطراف من تنظيمات سياسية ومدنية شباب وشابات نازحين ولاجئين لإكمال ما تبقي من حلقات التغيير والضرورة القصوي الآن تستدعي الحاجة الي وضع اللبنات الاولي إقامة عقد إجتماعي جديد بين الدولة والمجتمع.. بعيداً عن الاتفاقيات الثنائية؛ التي تتم عبر المفاوضات، التي لا تحل الأزمة إنما تعمق الصراعات وربما اعادة تكرارها، لذا البديل هو أن يجلس الفرقاء في دائرة مستديرة وكل منا يطرح أفكاره دون أيما أملاء طرف علي آخر، سموها كما تشاؤن ويا حبزا لو سمية بملتقي الحوار الوطني الشامل تحت شعار “الوطن للجميع ” وهي إستجابة لأزمات ذات أهمية وطنية شاملة من أجل إنهاء النزاعات العنيفة وصولاً للسلام الاجتماعي الحقيقي ووضع حداً لشرزمة الدائرة الشريرة، لكي تسود روح الوطنية حتي نقطع الطريق لكي لا تحدث أية إنقلابات عسكرية أو غيرها، فالتحول المراد هنا عادة يجب أن تتم بالطرق السلمية ولا يتأتي هذا إلا في وجود حالة من الرضاء بين أصحاب المصلحة الحقيقيين”جميع الأطراف” لكي تصل الأطراف إلي توافق جمعي من أجل بناء وطن يسع الجميع تكون فيه المواطنة المتساوية هي أساس لنيل الحقوق وأداء الواجبات؛ كي نتجاوز مسألة التمييز العنصري؛ الذي يقوم علي أساس الاختلاف في العرق، الإثن، الدين، الجهة الجغرافية، الجنس أو اللغة أو الانتماء السياسي هي أزمة غياب مبدأ المواطنة المتساوية هي أزمة الهوية هي أزمة غياب دستور مستدام وغياب التنمية المستدامة .
لذا الحوار الوطني الشامل هو المدخل الرئيسي إلي وضع النقاط في الحروف بعد أن شاع الشعور العارم بالأستياء وأزدادت حجم الفجوة بين المواطنين والنخبة الحاكمة بفشل الحكومة الانتقالية الحالية وبإعتراف الحكومة نفسها علي لسان نائبها حميدتي وحالة التدهور الإقتصادي المريع وسؤ الأوضاع المعيشية والحياتية هذه الأيام وبالإضافة إلى حالة السيناريوهات الإنقسامية المجتمعية”تفشي ظاهرة النزاعات علي أساس قبلي” هي صراعات عبثية؛ لا معني لها يؤكد فرضية أن الدولة غائبة أو عاجزة تماما وليس هنالك دور واضح يذكر لسلطة الدولة في الأقاليم شرق السودان و خاصة دارفور عمليات قتل ممنهجة ومنظمة تمت وتتم في أكثر من مدينة و قرية تحت تواطؤ الأجهزة الأمنية والنظامية والصمت المغزي للسلطة المركزية، التي هي في الأساس تتساهل مع بقايا النظام البائد بعد أن فشلت الدولة في وقف القتل العشوائي والهمجي ناهيك عن القبض علي الجناة ومحاسبتهم.. بل إيقاف القتل بشكل نهائي.. لأن هذا لن يحدث.. بحكم فشلها في محاكمة من صدرت في حقهم مزكرات توقيف من الجنائية الدولية؛ مازالوا يحاكموا محاكمات صورية بأسباب واهية وهي الاعتداء على المال العام(فساد)، بيد أن هنالك فظائع ارتكبوها بحق المدنيين في مناطق الصراع ولازال هذه الانتهاكات مستمرة لدرجة أن بعض من المواطنيين يعتقدون أن الفرصة الوحيدة التي تبقت لهم هي حمل السلاح لحماية أنفسهم بأنفسهم وهذا ما يؤطر له شرزمة النظام البائد ويخططون لها ليلا ونهارا.. نعم هنالك استياء عارم وسط المدنيين.. ولكن فهذا الشعور العارم بالأستياء ترجع الأسباب التالية:-
١/غياب الرأي الجمعي وضبابية الرؤية السياسية وإنسداد الأفق، التي جعلت هذه النخبة السياسية(قحت) وحليفها من (العسكر) يتصرفون كأنما الوطن هو عبارة عن غنيمة سمينة يتقاسمون الأفخاذ فيما بينهم والدلافين لمن تبقي خارج اللعبة السياسية وهذا هو أس الأزمة “محاصصة نخبوية ” هل يعقل هذا..؟ بعد هكذا ثورة عظيمة كعظمة أقوي إمبراطورية تاريخية مرت علي مستوي العالم دولة كوش العظيمة، التي عرفتها كافة شعوب العالم والدليل هو عظمة وشموخ الأهرامات في البجراوية الآن.
٢/ غياب التوافق الوطني في عدم تغيير النمطية القديمة في التعاطي مع النزاعات العنيفة وغالباً ما تنتهي بالمفاوضات الثنائية من أجل تقسيم كيكة السلطة وسوف تنتهي بالأهازيج والإحتفالات، التي تكلف أموال طائلة من خزينة الدولة دون أن ينزل السلام علي الأرض”أمناً وإستقرار” .
٣/ فشل الأنظمة في الأستعانة بالخبرات العلمية والمراكز الاستراتيجية والفكرية فأصبح هنالك هوة بين الأكاديميين وطلاب السلطة (الأحزاب السياسية التقليدية).
٤/غياب مبدأ الحوار أو الحوار الوطني الشامل، بل أن يفلحون في إقامة مؤتمرات للإقتصاد فقط لجني الأموال ولماذا لو أقاموا مؤتمراً للسلام، التي يجب أن تقام بين الأطراف أجمع.. لتوفر الأسباب فلا داعي للإنفراد بالسلطة الآن. ما دام ليس هنالك من يدعي ملكية الوطن.. لابد من مشاركة الجميع من أجل التفاكر لأجل الوطن.. أعني هنا أصحاب المصلحة هم أطراف النزاع من حركات كفاح مسلح وأحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني وبالإضافة إلى قطاعات أخري من المجتمع بغية الوصول إلى قبول أو اعتراف علي أوسع نطاق من المجموعات السكانية.
٥/ إذا لزم الأمر ضرورة إبعاد الأحزاب السياسية، لتفادي مثل هكذا إختلافات؛ كما يحدث بين القحاتة وبالاضافة الي الحركات الثورية المسلحة من المشاركة في السلطة؛ والاتيان بحكومة كفاءات غير حزبية أكاديميين مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والشفافية(تكنوقراط)
قدام يا راكز
وان شاء الله وطن حدادي مدادي
وطن حر ديموقراطي
وطن يسع الجميع
حرية سلام وعدالة