(الحلو/ حمدوك) نحو تأسيس وطن جديد

عبدالعزيز ابوعاقلة

– عندما دشن د عبدالله حمدوك رئيس وزراء الثورة زيارته الأولي كأول مسئول حكومي رفيع إلي الاراض المحررة (كاودا ) في شهر يناير ٢٠٢٠ كانت هذه الزيارة التاريخية تأتى ضمن متطلبات ثورة ديسمبر المجيدة وشعارات الشارع وتأكيدا لأولويات الثورة السودانية في البحث عن السلام الشامل العادل المنصف في كل أنحاء الوطن والتوافق حول مشروع وطني قومي يتسق مع صلاحيات رئيس وزراء والوثيقة الدستورية ليكون أساس السلام والوحدة التي ظل دوماً يؤكد عليها .د حمدوك في كل خطاباته حيث قال في خطابه لجماهير كاودا ( هذه فرصة عظيمة لأؤكد لأهلنا في كاودا ولجميع السودانيين أن حكومتكم الانتقالية تسعى جاهدة لتحقيق السلام الشامل والعادل، وأنها تُولي اهتماماً متعاظماً لجميع مناطق السودان، خاصة المناطق المتأثرة بالحرب والتي ظلّت مهمشة لعقود طويلة) انتهي . وهذه الرؤية التي تأخرت من قبل تتسق مع الرؤية القومية للقائد الحلو و مشروع السودان الجديد (الوطن للجميع ) بلا تهميش او إقصاء لأحد ومن حق ابناء الوطن الواحد أن يحلموا بتحقيق مطالبهم المشروعة بترسيخ قيم المواطنة الحقة . والتنوع لا يأتي إلا بفصل الدين عن السياسة وان التحول الديمقراطي الحقيقي لا يمكن ان يكون واقعاً مع (تديين السياسة ) وهي اللعنة المصاب بها الوطن من عقود مبكرة بالإضافة لأوهام الإسلام السياسي ( وطحالبه ) في إلصاق (دولة دينية ) او إطلاق مصطلح (مدنية ) تدليساً وبغير معرفة المفاهيم والمعني والاثنين معا يقفزون فوق الهوية و التنوع والتعدد , والتردد في إلغاء قوانين سبتمبر القمعية التي اتت بقرار حاكم ديكتاتوري في ١٩٨٣م وضرورة ملحة ان يتشارك اهل الهامش في دستور لعقد اجتماعي جديد ملامحه الأساسية الوطنية تتسع لكل اهل السودان جميعا دون تمييز أو إقصاء ، ومن حق اهل الهامش خاصة الذين قاوموا وصمدوا ضد تصدير الموت المرسل لهم من المركز عبر (براميل الموت) بالطائرات بأيدي مجرمة من مليشيات الهوس الديني للنظام بأوامر من قادة (الجيش /الجنجويد ) مشرعنه بالفتاوي الدينية الكاذبة من كهنة النظام الفاشي (الإبادة الجماعية للمدنيين العزل من النساء والأطفال) لا لجريمة ارتكبوها سوي تمسكهم بهويتهم وأراضيهم المرتبطين بها بشكل حاسم . في كاودا الاراضي المحررة شاهد رئيس الوزراء د.حمدوك بنفسه الاراضي الشاسعة المحررة بالإرادة والصمود ورأي حكومة مدنية كاملة الدسم ومجلس تشريعي وشرطة وجيش وقضاء وعدالة وسيادة قانون في التعامل مع المواطنين والحرية الدينية علي الواقع المعاش من خلال الاستقبال الجماهيري العفوي من المدنيين بجميع تنوعهم الاثني والديني والثقافي ..كاودا بمثابة (السودان المصغر ) المتعطشة للسلام المنصف والاستقرار؛ وفي مخيلتهم عدد من الأسئلة : هل فعلا تم تغيير النظام ؟ هل هناك سودان جديد يمكن أن يتشكل في كل الوطن يحترم الإنسان كإنسان ؟ هل رئيس وزراء الثورة يمكن أن ينتصر لقضاياهم العادلة (حقهم في الحياة ) كمواطنين وغيرها من الأسئلة التي تجاهلتها كل الحكومات ..اتوا من كل فج عميق من تلك الأراضي المحررة الصامدة بعفوية (بأرجلهم )حيث لا يوجد ترحيل جماعي الحشد الصوري من باصات او عربات رافعين لافتات بخط عريض (العلمانية اولا او تقرير المصير ) عبارتين مختصرتين لاغيرهما ولم يطالبوه بالكهرباء والماء النظيف ولا ببناء مدارس او مستشفيات او اي بنيات تحتيه اخري عجزت كل الحكومات في المركز المتعاقبة أن تشيد لهم مركز صحي واحد اورصف شارع وهم قانعين وفخورين بارضهم وتعايشهم السلمي وبساطة حياتهم فهم لا يدلسون ولا رياء ولا يكتبون شيكات بلا رصيد في تعاملهم اليومي ولا يحلم اولادهم بسلم داخلي في بيوتهم او بجرس للباب ولا يعرفون سندويتشات للإفطار. قيم وقواعد المجتمع هي التي تمكنهم وتسير حياتهم اليومية بلا خداع ونفاق وأبائهم في تعاملهم التجاري لا يحلفون اليمين كذبا ولا يخادعون بعضهم البعض كلٌ عنده دين وكلٌ عنده اله (مسلمين /مسيحيين/كجور/ لا دينيين ) . باختصار كاودا مدينة لا دين لها من دخلها فهو آمن من خوف.. .

– علي كلٍ اجتماع د.حمدوك والقائد الحلو في اديس أبابا الذي استمر ٣ ايام يعتبر اختراق شجاع وجرئ للراهن السياسي الراكد الان بعيدا عن تلصص الإعلام الظلامي واعدا ء السلام (وشماراته) والتشكيك. وتمخض عنه التوقيع علي إعلان المبادئ المشترك الستة وصولا إلي اتفاق سلام شامل لوقف الحرب نهائيا بفصل الدين عن السياسة و هي اول خطوة في الاتجاه الصحيح لاستقامة (بنيوية الدولة السودانية ) المختلة منذ قبل وبعد استقلال الوطن بحيث ظلت كل الحكومات المتعاقبة تتجنب مواجهة جذور المشكلة السودانية والتي تختار معظم الوقت المواجهة بالبندقية والحرب وتوجه بنادقها نحو شعوبها امعاناً في قمعها وإسكات مطالبها المشروعة وإقصائها عن المشاركة معها في منطقة الوطنية التي تفصل لبعض النخب فقط . فالمشاركة بل إعلان المبادئ يعتبر فصلاَ جديداً من طي صفحة الماضي المثقلة بالفشل المستدام والاختلاف والغبن والظلم والقهر وركل الوحدة القسرية المؤد لجة بفرض ثقافة احادية سلطوية . و التي تم تجريبها من قبل وكانت نتيجتها ان يختار شعب جنوب السودان الاصيل السير في طريق اضطروا إلي اختياره وحالهم يقول ‘(كيف نسعي إلي وحدة قهرية طاردة والآخرين لا يريدوننا) (الجوع ارحم من إذلال الكرامة )
– إعلان المبادي ببنوده (الستة) فرصة تاريخية يجب ألا تضيع مرة اخري والتي وجدت ترحيبا شعبيا من كل الجماهير في الداخل والخارج وهي بالطبع الضامنة لها كما ارسلت رسائل إلي بعض النخب السياسية المركزية خاصة تلك التي تمارس الوصاية ويتوهمون بأنهم وحدهم اهل (الحل والعقد ) . شكرا القائد الحلو ..شكرا الدكتور حمدوك ” الاتفاق حول هذه المبادئ نابع عن إرادة وطنية خالصة قومية بوصلتها نبض الجماهير في هامشه ومركز ه معا عابر للقبيلة والاثنية والبيوتات الكبيرة والنظرة الحزبية الضيقة والهرولة والتنافس نحو المناصب فقط والتاريخ حتما سيسجل لكم صفحة مضيئة ومشرقة في وضع اللبنة الاولي لبناء منصة وطنية جديدة للوطن. عبدالعزيز ابوعاقلة سبتمبر ٢٠٢٠ [email protected]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.