الجيوش ليست هي الدول أيها العسكر

✒️ سيف الدين إسماعيل مصري

 

 

واقع الدول الأوربية – الدولة الحديثة كأنها دولاً بلا جيوش أو خالية من العسكر فلا تراهم يتدخلون في السياسة فواجهة الدولة هو الرئيس والبرلمان هم من يتحدثون عن حروبات البلد مع البلدان الأخرى، فالعسكر والجنرالات لا دخل لهم في الشؤون السياسية والإدارية وإنما يتحدد دورهم في الأمور الفنية والاجرائية ومع ذلك لا تصنف دول أوربا دولاً فاشلة. لأن مؤشرات الفشل لا تنطبق عليها، ولأننا في السودان قد أدمنا الفشل، فالدولة عندنا مختلطة بالحكومة والجيش في السودان ومليشياتها من الجنجويد متعددة الجنسيات(دولة داخل دولة) حيث الدولة في اخفاق مستديم عن القيام بوظائفها الأساسية في الدفاع عن نفسها وحماية شعبها والقدرة على السيطرة داخل أراضيها.
فالقانون لا زال لدينا مختلط بارادة السفاح والمستبد حتى بعد سقوط الطاغية عمر البشير وزبانيته، نحن الدولة الرخوة حدودها مشرعة وشرعيتها شرعة الغاب يختلط فيها الشعب بالسكان، تقتل المليشيات متعددة الجنسيات(المتفلتين) داخل الوطن المواطنين كل صباح، وتقتلنا (البعاعيط) قادمة من كوكب نبتون في أمام قيادة الجيش في السودان ويفضون إعتصامنا النبيل .. يقتل المتفلتون الناس في كل شبر من تراب الوطن في فتا برنو وفي نيرتتي وفي قريضة وفي كريندنق وفي مستري وفي كسلا وفي بورتسودان .. إلخ حيث لا حساب ولا عزاء حتى.
وكل يوم تقريباً يقتل نظامي(عسكري) بسلاح المتفلتين في دارفور، ويتظاهر السودانيون ويسيرون المسيرات ويقيمون الاعتصامات في كل مناطق السودان مطالبين بحق الحياة و اعتصام (معسكر كلمة) للنازحين شاهد ومستمر لليوم بولاية بجنوب دارفور ولكن لا أحد يشتم صراخ الناس هناك.
الاعتداءات والاشتباكات بين السودانيين والاثيوبين في الحدود تقع في كل عام. ولكن لماذا التصعيد الاعلامي والحشد العسكري للجيش في السودان؟ والتحرك عسكرياً في مسرحية عبثية – حرب بالوكالة – لا ينتهي إلى أي شيء سوى إجهاض الثورة وعرقلة عملية التحول الديمقراطي في السودان وخدمة محور مصر والسعودية والأمارات.
والتساؤل لماذا الاصرار على التصعيد العسكري مع أن البرهان يعلم أن هناك مصفوفة للدخول في عملية ترسيم الحدود بين السودان وأثيوبيا كان أن يتم في أكتوبر الماضي 2020م لولا تحركات العسكر وتأزيم الواقع.
لا أقول ماذا تعني لنا الفشقة الكبرى والفشقة الصغرى؟ ولكن
من يعلم حقيقة ما يدور وما يحاك هناك بالفعل؟ ومن وراءها؟ والغرض منها؟
ولكن للأسف يوجد هناك ثلة من الحمقى والبلهاء وجماعات الشذوذ الفكري والمرتزقة من النخب تهلل لقادة الجيش في السودان(السفاحين والقتلة) وتمجدهم بحجج هي مثار للسخرية و(الاستغراش) ويصنعون من الهمبول زول ليختلط الدولة بالفرد.
كيف يتحول السودان ديمقراطياً ولا زال هناك ثلة من السذج تمجد العسكر ومليشياتها من الجنجويد متعددة الجنسيات تعوث في البلاد فساداً تارة باسم الدين وتارة أخرى سواقة بالخلاء حيث حماية الوطن!
يريد العسكر في محاولتهم العبثية هذه ضرب حمدوك والمدنيين الوطنيين بمجلس الوزراء وإتهامهم بالخيانة والعمالة وعرقلة جهودهم للوصول بالوطن خارج دائرة الدول الفاشلة وقيام دولة ديمقراطية بمبادئ فوق دستورية وإيصاد باب الردة إلى التخلف ومعالجة جذور المشكلة السودانية، لتصبح الساحة خالية وخالصة لهم ليمارسوا هوايتهم في القتل والسحل واللعب بموارد البلاد وإيراد الوطن مورد الهلاك.
فهل يعلم الغوغاء أن العلاقات الدولية في الحاضر هي علاقات بين دول وأنظمة سياسية وليست بين جيوش أو مليشيات كما سادت في القرون الوسطى.
فالجيش مثله مثل بقية المؤسسات في الدولة وليس هو الدولة والناهي والآمر وموزع مظلة الوطنية على الناس والمتآمر ضد صلاح الوطن.
فلا نرفض دخول الجيش في السودان في حرب مع أثيوبيا لسبب واحد فقط لأن ذلك سيخلص الوطن من شرذمة جثمت على صدر شعب السودان لأكثر من ستة عقود من الزمان(منظومة السودان القديم) وإدمان الفشل ورعاة أيديولوجيا الترهات ومن لف لفافتهم من التبع وثلة الهبوط الناعم.
فنحن سودانيين ونبتنا من تراب الوطن ولم نفد من المريخ أو الزهرة. تفدى نفوسنا الوطن قبل النداء ولا يمكن لمعتوه في ذلك أن ينادينا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.