الجيش وحروبه ضد مواطنيه
بقلم / كموكى شالوكا (ادريس النور شالو)
( هنا تكمن خطورتهم ، انهم متخصصون فى القضاء على ثورات مواطنيهم بالذات ، اى مثل القطط التى تأكل أبناءها ، و تهرب من نباح كلب الجيران )
مسيح دارفور / عبدالعزيز بركة ساكن .
منذ اندلاع ثورة الهامش فى اغسطس 1955 بتوريت لم تتوقف الحروب فى السودان الا لفترات قليلة كانت فقط هدنة و استراحة محاربين ، فقد توقف دوى السلاح فى اعقاب توقيع اتفاق اديس ابابا الذى توصل اليه الرئيس الاسبق جعفر محمد نميرى و قائد الانيانيا جوزيف لاقو عام 1972، ثم لما نقض النميرى الاتفاق الذى مهره بيده دارت عجلة الحرب و القتال مرة اخرى عندما تمردت الكتيبة 105 و الكتيبة 104 فكان الكفاح المسلح الذى قادته الحركة الشعبية و الجيش الشعبى لتحرير السودان و الذى انطلق فى مايو 1983 الى ان توقف بتوقيع اتفاقية السلام الشامل عام 2005 ، و رغم ذلك لم يتوقف القتال فى دارفور و الذى اندلع منذ عام 2003 و ما تزال محرقتها مستمرة حتى هذه اللحظة . اما القتال الذى توقف فى اقليم جبال النوبة بتوقيع اتفاقية وقف اطلاق النار فى جبال النوبة فى بيرقنستوك / سويسرا أواخر عام 2001 ، وفى النيل الازرق بموجب اتفاق السلام الشامل فقد دارت عجلته مرة اخرى بسبب نكوص نظام الابادة الجماعية عن الوفاء باستحقاقات الاتفاقية و لجؤئه للحرب فى يونيو2011 و الذى يدور رحاه حتى الأن .
لقد لعبت القوات المسلحة الدور الرئيسى فى الحروب التى نشبت منذ ما قبل الاستقلال الى الأن ، فمنذ عملية التسليم و التسلم التى تمت للفريق عبود من الحكم المدنى عام 1958 و انقلاب مايو عام 1969 بقيادة جعفر نميرى الذى استمر فى الحكم لمدة ستة عشر عاما ، ثم انقلاب الانقاذ منذ عام 1989 و حتى الان ، صار الجيش هو اللاعب الاساسى واصبح قرار الحرب فى يد الجيش و ليست السلطة المدنية ، فالجيش هو من يتخذ قرار الحرب و من يحدد كيفية خوضها ، كما تكشف الوثائق المسربة لقيادات النظام العسكرية و الامنية.
و بدون التطرق لحرب الجنوب الذى قضى فيه ما يزيد عن المليونين و نصف من الانفس ندلف مباشرة الى حروب النظام فيما تبقى من السودان بعد فصل الجنوب . فحروب الابادة التى بدأت فى دافور عام 2003 ، قدر عدد ضحاياها فى ذلك الوقت بثلاثمائة الف قتيل ، أقر النظام بنفسه بقتل عشرة الف شخص فقط ، ذلك كان قبل ما يزيد عن العشرة سنوات ، فكم يبلغ العدد الأن فى ظل تكثيف النظام لغاراته الجوية و الارضية و استعانته بالمليشيات القبلية و بالجنجويد والمرتزقة ؟ ما يدور فى جبل مرة منذ اواسط يناير يستحيل على الوصف فهذا ليس حربا ضد حملة سلاح يقاتلون الحكومة بقدر ما هى حملة ممنهجة للأبادة و محو بعض الاثنيات من خارطة الوطن بالقتل و الاغتصاب و التهجير و كل وسائل الدمار.
و كما هو حادث فى دارفور ، أشعل نظام الخرطوم الحرب فى جبال النوبة و النيل الازرق منذ عام 2011 ، رأينا فيه كل صنوف انتهاكات حقوق الانسان من القتل و التهجيرو تدمير الممتلكات و حرمان المواطن من ابسط ضروريات الحياة ، المأكل و المشرب و الدواء . وقد قدر عدد القتلى و الجرحى بعشرات الالاف من المدنيين منذ بداية الحرب و مئات الالاف من اللاجئين فى دول الجوار و المشردين داخليا .
لقد حدد دستور السودان لعام 2005 مهام وواجبات القوات المسلحة بوضوح و بلا لبس . فقد جاء فى المادة 144 منه ان تكون مهمة القوات المسلحة حماية سيادة البلاد و تأمين سلامة اراضيه من التهديدات الخارجية و تدافع عن النظام الدستورى و احترام سيادة حكم القانون و الديمقراطية و حقوق الانسان . و لكن كما نرى ، فالجيش الراهن غير مؤهل للقيام بهذه المهام فهو شتات من اناس غير مؤهلين و من المرتزقة مهمتهم حماية النظام الديكتاتورى الحاكم ، فالبلاد منتهكة حرمتها فى شمالها و شرقها و غربها و فى مجالها الجوى كما يعلم الكافة لكنهم لا يجرؤا على المواجهة. و نقتطف من مقال الكاتب الصحفى عثمان ميرغنى – رسالتى للرئيس الخارق – الذى بسببه اوقفت صحيفته “التيار” تأكيدا لما نقول (من يسمع حديثك يا سيادة الرئيس بأن الامن يؤسس للنهضة و الاستقرار يظن انك قد بنيت جيشا عظيما ، و الحقيقة هى انك قد هدمت جيشا عظيما ، و استبدلته بمليشيات قبلية من الجنجويد و قطاع الطرق و عصابات النهب المسلح …. و اذا سلمنا جدلا بأن هذا هو جيش السودان ، فلماذا يتحمل شعبنا ان ينفق كل ميزانيته على جيش لا يخوض حربا ضد دولة اجنبية معتدية ، و لا ضد دولة جارة مغتصبة ، بل امضى ربع قرن من الزمان يفتك بأبناء شعبنا فى شرق السودان و دارفور و كردفان و النيل الازرق ، و يحرق القرى و يغتصب النساء !!! ) .
بالامس صرح رأس نظام الابادة الجماعية بعد اجتماعه مع هيئة اركان حربه الذين يقوم بتبدليهم كل نهاية صيف (فاشل) انه قد اعطى الاوامر للجيش للقضاء على حركة التمرد ( يعنى الجيش الشعبى لتحرير السودان ) بالنيل الازرق و جبال النوبة و رفع التمام قبل نهاية هذا العام . القضاء على الجيش الشعبى حلم بعيد المنال لأن الجيش الشعبى ” بندقة عسيرة الكسر ” . فى عام 2011 هدد النظام بنزع سلاح الجيش الشعبى بالقوة و حدد اسبوعا واحدا لاتمام هذه المهمة و اعتبرها مجرد نزهة ، و ما درى و كان ينبغى له ان يعلم انه يواجه رماة حدق ذوو قضية عادلة يقاتلون من اجلها و ليس مرتزقة تم جلبهم لقاء دراهم .
الجيش الذى عماده المليشيات و قطاع الطرق لا نستغرب منه حرق قرى المدنيين و اغتصاب الحرائر ،و لكنه لا يجرؤ على صد جيش غازى او التصدى لدول تغتصب اراضى البلاد الزراعية او موارد اسماكه دون ان تخشى عاقبة و لكنه يجيد الهروب عند نباح كلاب الجيران كما قال بحق عبدالعزيز بركة ساكن فى مؤلفه المار ذكره فى مطلع هذا المقال . سيظل الجيش الشعبى لتحرير السودان مدافعا عن نفسه و عن المدنيين فى المنطقتين و فى اى بقعة من السودان كما ظل يفعل منذ خمس سنوات و كان النصر حليفه أبدا و سنرى .
كموكى شالوكا ( ادريس النور ) [email protected]
visit their website
الجيش وحروبه ضد مواطنيه; SPLM-N