الجيش السودانى فشل الحسم العسكرى والهروب من الحل السياسي

بقلم : وور مجاك

 

طالعت فى الشأن السودانى عبر الإعلام أمس خبرا مفاده انسحاب وفد القوات المسلحه السودانية من مفاوضات جده غير المباشرة بينها وقوات الدعم السريع لبحث سبل إيجاد حل للحرب التى تدور رحاها منذ منتصف أبريل الماضى دون إخطار الوساطة السعودية الأمريكية وعاد الوفد أدراجها إلى بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة ، هذة الخطوة أكدها بيان الناطق الرسمى باسم القوات المسلحة فى وقت لاحق أمس .

وعللت مصادر صحفية أخرى سبب توقف المفاوضات غير المباشرة إلى رفض وفد قوات الدعم السريع للمطالب التى تقدم بها وفد القوات المسلحة والمتمثلة فى فك الحصار على القيادة العامة ليتسنى لرئيس المجلس السيادة الفريق عبدالرحمن البرهان والفريق شمس الدين الكباشى عضو مجلس السيادة الخروج من القيادة العامة بالإضافة إلى سحب الدعم السريع لقواتها من المرافق العامة داخل الخرطوم .

أن صحة هذه الأخبار فإن القوات المسلحة السودانية تريد تحقيق ما عجزت عنها بالقوة العسكرية منذ إبريل إلى الآن وهو دحر قوات الدعم السريع وانهاء وجودها فى العاصمة والولايات فى ظرف أسبوع واحد فقط حسب التقديرات الخاطئة للقوات المسلحة آنذاك ويسعى اليوم إلى تحقيقها عبر أسلوب الضغط على قوات الدعم السريع و المسهلين .

وفى تقديرى فأن العملية التفاوضية بين أى من كان مؤسسات أو أفراد ماهى إلا عملية أخذ وعطاء حسب المسوغات والحجج التى تقدمها كل طرف لطالما قبل كل طرف بمبدأ التفاوض .

غير أن القوات المسلحة السودانية ومنذ بداية الحرب تتمسك بما تسميها بسيادة الدولة السودانية ووطنية القوات المسلحة و تصف الدعم السريع بالمتمردة، وهذا الوصف قد لا تدفع عجلة التفاوض إلى الأمام وهى ذات الوصف التى طال أمد الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الجيش الشعبى لتحرير السودان التى كانت تقاتل فى جنوب السودان ليضعا حدا لحرب إستمرت واحد وعشرين عاما بعد إعتراف القوات المسلحة والنخب السياسية بالمظالم التاريخية التى وقعت على شعب جنوب السودان ، كمان أن وطنية الجيش وقوميته قد أصبحت محل شك و ريب من القوى السياسية وبعض المناطق التى لم تستوعب أبنائها في هرم المؤسسة العسكرية فى شرق وغرب وجنوب البلاد منذ أمد طويل نتيجة للتشوهات التى لحقت بها من استيعاب لمنسوبيها على أساس قبلي وجهوى وعقائدى دون مراعاة لمبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات ، وقد عبر عن هذة التشوهات الكثيرين من السودانيين على سبيل المثال وليس الحصر عراف النظام البائد الشيخ حسن عبد الله الترابى فى كتابه الموسوم بالكتاب الاسود …. إختلال موازين السلطة والثروة فى السودان بعد أن غدر به تلاميذه من الاسلاميين والسيد يوسف عزت الماهرى و قوى سياسية عبر وثيقة الاصلاح العسكرى فى السودان ، أما مسألة أن لا تفريض فى سيادة السودان فأعتقد جازما أن القوات المسلحة هى من فرضت فى سيادة السودان نتيجة لتفريضها فى اجزاء واسعة من البلاد وما منطقة حلايب إلا دليل ساطع على ذلك كما رهن قراراتها المصيرية باملاءات خارجية لدول أما تجمعهم مشروع عقائدي أو مصلحة آنية تدفع كثمن للإرتزاق والسعودية والإمارات العربية المتحده خير شواهد على ذلك ، كما سمحت القوات المسلحة لجماعات عقائدية متطرفة أخترقت المؤسسة العسكرية منذ بواكير دخول الحركة الإسلامية إلى السودان تحت مسمى الجبهة الإسلامية القومية وإستخدامها للجيش كمطية لبلوغ غايتها فى الوصول إلى السلطة عبر الانقلابات العسكرية .

أن كان هناك ثمة تضحية يمكن أن تقدمها القوات المسلحة السودانية للشعب السودانى فى هذا الظرف الحرج من أجل إيقاف حمام الدم وإنقاذ ارواح من تبقى من المواطنيين وإيقاف موجة اللجوء والنزوح والمحافظة على البنية التحتية التى انهارت تماما فما على القوات المسلحة سوى إعادة الامور إلى ما قبل الخامس عشر من أبريل بما فى ذلك إعادة نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو إلى منصبه ودعوة كل القوى السياسية عدا حزب المؤتمر الوطنى المحلول لعقد مؤتمر الحوار القومى تناقش ثلاثة أجندة رئيسية الاولى الإجابة على سؤال كيف يحكم السودان هذا السؤال الذى ظل مطروحا ولم تجد الإجابة الشافية والثانية أصلاح المؤسسة العسكرية فى السودان وتوفيق أوضاع قوات الدعم السريع وقوات حركات الكفاح المسلحة والمليشيات القبلية الأخرى والاجندة الثالثة إعادة أعمار السودان وتعويض ضحايا الحرب ، أعتقد أن كل هذة الإجراءات لم يتم إجراؤها بمنأى عن المجتمع الإقليمى والدولى .

يعقب هذا المؤتمر إعلان القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع انسحابهما من الحياة السياسية وافصاح المجال للتحول المدنى الديمقراطى وتولى المدنيين زمام الأمور السياسية فى السودان على أن تشرع الحكومة المدنية فى دمج الدعم السريع وحركات الكفاح المسلحة فى الجيش الوطنى وفق قانون يحدد معاير الدمج والتسريح كما سيمهد الحكومة المدنية الطريق لإجراء إنتخابات عامة فى السودان خلال مدة لا تتجاوز أربعة وعشرين شهرا من تاريخ مزاولة الحكومة المدنية لمهامها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.