
التحالف السوداني التأسيسي”تأسيس” و آفاق المستقبل
✍️🏽 قسم الله النور آدم"كابرال "
يعد التوقيع على ميثاق السودان التأسيسي في العاصمة الكينية نيروبي أكبر الأحداث السياسية التي مرت على الدولة السودانية بعد استقلال جنوب السودان منذ خروج المستعمر. و جمع التحالف السوداني التأسيسي هذه المرة أكبر قوتين عسكريتين حاملة للسلاح ضد المركز هما (الحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال، وقوات الدعم السريع ) و بالإضافة إلى قوى سياسية ومدنية وإدارات أهلية مهمة بالبلاد، و ينبع أهمية هذا التحالف في المساحة الكبيرة التي تسيطر عليها أرضا كل من الحركة الشعبية لتحرير السودان/ شمال وهي تسيطر على مساحة تعادل دولتي روندا و بوروندي منذ العام 2011. و قوات الدعم السريع التي تسيطر على مساحة تعادل دولة فرنسا في حالة دارفور فقط ناهيك عن كردفان وأجزاء واسعة من وسط البلاد.
ولأول مرة في تاريخ السودان أن توقع قوى عسكرية و سياسية ومدنية لوثيقة تأسيسية تتضمن فيها القضايا المصيرية علنا بهذا الشكل الواسع وأهم تفاصيل الميثاق التأسيسي السوداني تتمثل في:-
ـ بناء دولة علمانية ديمقراطية وحكم مدني..
ـ بناء جيش قومي ودستور إنتقالي ينص صراحة على علمانية الدولة وحق تقرير المصير للشعوب ..
وجاء في الميثاق التأسيسي على ضرورة تأسيس دولة سودانية جديدة على أسس عادلة ومستدامة، وتشكيل حكومة سلام، وإنهاء حروب الدولة وكسر آلة العنف وتحطيم الدولة القديمة وعلى انقاضها بناء السودان الجديد العلماني الديمقراطي الذي يتساوى فيه الجميع بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللون أو الجنس وإزالة كافة أنواع التهميش البسيط والمركب، سودان ذات هوية سودانية جامعة تقوم على أساس الوحدة في التنوع بشقيه التاريخي والمعاصر، وتؤمن بالتعددية ومشروعية الإختلاف ولا تسمح لجماعة معينة أن تفرض هويتها على الجماعات الأخرى في الدولة وإلغاء برامج الأحادية الثقافية المتعمد من كافة أجهزة الدولة
ولو نظرنا للتاريخ نجد أن الدولة الحديثة في طبيعتها دولة علمانية ولا يمكن أن تقوم على أساس الدين وأهم ما في الدولة العلمانية الديمقراطية هو تحديد المجالات : المجال العام من المجال الخاص حتى لا تختلط الأمور في المجتمع الحديث وما نعنيه هنا بالمجال العام هو ما يتساوى فيه الجميع وهو مصدر الحقوق والواجبات داخل الدولة، أما في المجال الخاص فهو ما لا يستوفي شروط العمومية وينحصر في جماعة دون الأخرى.
السودان الجديد يمنع فيه فرض أي توجهات دينية على المواطنين من خلال الدولة لأن الدين جوهره النوايا والأيمان ويوضع الدين في مكانه الصحيح بالنسبة للدولة و وضعه الصحيح للدولة هو أنه مجال خاص لا يجوز تعميمه ” فلكل دينه والوطن للجميع والدين لله” .
كما يجب إلغاء كافة القوانين التي تتعارض مع علمانية الدولة وتحد من حرية النشاط السياسي، وكفالة كافة الحريات المدنية على أن يتم النص عليها في الدستور الإنتقالي التي يجب أن يتضمن كافة حقوق الإنسان.
وجاء في الميثاق بناء السودان الجديد على أساس الدولة العلمانية الديمقراطية القائمة على الوحدة الطوعية، لا القسرية الأحادية الإقصائية نموذج “دولة المركز الحالية التي تسيطر عليها جماعة معينة منذ خروج المستعمر في العام 1956م”. أو ممارسة حق تقرير المصير لكافة الجماعات المهمشة التي التي ترغب في ممارسة هذا الحق ويتم معالجة قضايا الهوية وقضايا الأرض
عبر إلأعتراف بأعراف ملكية الأرض واستخدامها والعمل بموجبها والاعتراف بملكية القبائل لأرضيها مع إمكانية أن تستخدم الدولة هذه الأراضي للمصلحة العامة وفق قوانين.
في السودان الجديد يتم النظر في كيفية تحقيق تنمية المجتمعات المهمشة وإخراجها من دائرة الإعتماد الكامل على الأرض كمورد وحيد للرزق والحياة وتؤكد على الإستخدام الأمثل على للأرض، والعمل على تحقيق شعار “نقل المدينة إلي الريف” وذلك بتطوير الخدمات، وتوسيع قاعدة الإنتاج الزراعي عبر توظيف عائدات البترول لتطوير الزراعة “كما و كيفا ” للوصول إلى مرحلة الإكتفاء الذاتي بزيارة الأنتاج والإنتاجية وذلك بتطوير البحوث الزراعية وإدخال تكنولوجيا
الآلات الزراعية الحديثة وتحديث وسائل الإنتاج الزراعي، وتوسيع قنوات الري بتصميم شبكات أنظمة ري بالطرق الحديثة بالاستفادة من مياه الأمطار بعمليات حصاد المياه.
أيضا في سوداننا الجديد يجب التركيز على إقامة المدن الصناعية في مناطق انتاج المواد الخام عكس ما كان سائدا في السودان القديم على سبيل المثال نجد أن مناطق إنتاج البترول في غربي السودان” هجليج، أبو جابرة، المجلد” والمصفاة في الجيلي بشمال السودان،ويوضح لنا هذا مدى التوجه العنصري للدولة القديمة، وعلينا التركيز على توظيف العمالة في مناطق إنتاج البترول والمعادن الأخرى من السكان المحليين، وأيضاً من عائدات النفط يجب تطوير الإنتاج الحيواني وذلك بتوسيع المراعي ومحاربة الأعشاب الضارة التي تخلص من حجم المراعي وغناها، وتوفير المياه في مناطق الرعي ببرنامج حصاد المياه بالطرق الحديثة، وانشاء مشاريع للأعلاف وحصادها باستخدام آليات تبييل الأعلاف الخضراء الحديثة وتخزينها لفترة ندرة الأعشاب خاصة في المناطق المروية لضمان جودة غذاء الحيوان
وأخيراً: أن من ضمن التوجهات السياسية الصحيحة للسودان
الجديد يجب أن تراعي التعددية الثقافية والتنوع التاريخي
والتنوع المعاصر. وأن تبنى علاقات السودان الجديد سودان المستقبل على مبدأ الأستقلال والتعاون بين الشعوب كافة
في إطار التعايش السلمي والمصالح المشتركة وإعادة السودان إلى إنتمائه الأفريقي عكس ما كان ف السودان القديم منذ خروج المستعمر كرس الأنظمة الحاكمة لتتبيع السودان للدول العربية سعياً وراء هوية عربية للسودان بالأندفاع نحو العروبة الأمر الذي أضر بالسودان كثيراً
ومن الأهمية بمكان أن يعمل السودان الجديد في تطوير علاقاته مع جيرانه بما يدعم الأستقرار في المنطقة، والقيام بالتعاون مع دول المنطقة والعالم بفتح الأسواق المشتركة و فتح فرص الإستثمار بما يخدم المصالح المشتركة .
أوغريبا
١٥/مارس/٢٠٢٥م.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.