البان آفريكانيزم وتحديات الوحدة الأفريقية
بقلم : عبدالعزيز عبدالكريم.
[email protected]
لعبت العبودية دورها المخزي في إخلاء القارة الأفريقية من السكان، وجردتها من ثرواتها وحرمتها من حقها في النمو الطبيعي. إذ فرضت الإمبريالية إرادتها في حرمان سكان إفريقيا من التمتع بنصيبهم العادل من خيرات الأرض الطيبة.
هكذا أضطهد الإنسان الأفريقي – وقطعت سيرورة تطوره الطبيعي من خلال جدل الطبيعة، مما أدت إلى تراجع وإنهيار الحضارات الأفريقية بشكل كامل.
لتمكين القارة الأفريقية المنهوبة والمنهوكة في أن تصبح قوة، يجب أن يستعد الأفارقة كرامتهم قبل محاولة إحياء مكانتهم في مجالس الأمم. هذا أحد الأسباب الرئيسية وراء سعي القوميين الأفارقة، بعد حصول بلدانهم على الاستقلال، حيث سعوا إلى تكوين صورة للشخصية الأفريقية حتى تستطيع أن تتولى هذه المهمة المقدسة. لكن لا ينبغي أن ننسى أنه في ظل أشد اضطهاد العبودية، كان الأفارقة أنفسهم يفكرون أيضا في الشخصية الأفريقية. وهذا ما نجده عندما غنى العبيد أغانيهم الحزينة في المزارع الأمريكية وفي منطقة البحر الكاريبي والبرازيل وجزء كبير من أمريكا الجنوبية، تذكروا أفريقيا موطنهم أي القارة الأم.
لكي نسترجع ذاكرة أفريقيا المنهوبة، قد نحتاج جهد تحرريا مكثفا يشارك فيه جميع أبناء وبنات إفريقيا، لاسيما من الأجسام الإجتماعية والنقابات والمنظمات المدنية – هذه الأجسام يتعين عليها توصيل الوعي للفئات المجتمعية في المدن والأرياف، لكي يتم فيهم ترسيخ المفاهيم الأفريقانية من العادات والتقاليد والأعراف ؛ وهي تشكل المعرفة الثقافة للذات الأفريقية ويمكنها أن تحارب كافة الممارسات السيئة المتروكات والمورثة من الإستعمار.
فيما يتعلق بأفريقيا، يجب على القادة الأفارقة أن يعملوا من أجل الوحدة والتطوير والارتقاء على مستويات عالية في نوعية وجودة حياة الإنسان الأفريقي، وخلق أجيال جديدة قادرة على مواجهة التحديات الإمبريالية الجديدة.
نعلم جيدا حجم الإشكاليات المتروكة من الإستعمار وخاصة السلوك الاستعماري الذي جعل القادة الأفارقة يركزون على مصالحهم الشخصية الضيقة، كما قال بروفيسور كويسي كوا، (القادة الأفارقة ليس لديهم مصلحة في الاتحاد الأفريقي الحقيقي انهم يستمدون قوتهم من تجزئة القارة، ولا يمكن لأحد أن يتوقع منهم التخلي عن هذا الموقف من أجل رفاهية الجماهير. وبالتالي يتعين على الولايات المتحدة الأفريقية أن تنبع من القواعد الشعبية، من خلال مؤسسات المجتمع المدني القائمة ؛ مثل الاتحادات المهنية والنقابات وغيرها من المنظمات غير الحكومية).
إن وجود اتحاد أو كونفدرالية أفريقية ، سواء على أساس إقليمي أو قاري ، له بركات كثيرة لقارة إفريقيا ولسكانها، ويمكن أن تتبلور في عدة نقاط :
سياسيا :
سوف ترفع من مكانة الدول الأفريقية في مجالس العالم وستجعل من إفريقيا حصنا للديمقراطية وحقوق الإنسان، وستحيي مكانة الإنسان من خلال ضمان الحقوق الأساسية للمواطنين الأفارقة وللانسانية بشكل عام.
عسكريا :
فإن مثل هذا التناغم بين الدول، سيحمي شعوب أفريقيا ليس فقط من العدوان الخارجي والاضطراب الداخلية، بل ستحمى أفريقيا بأكملها عبر نظام للأمن الجماعي.
إقتصاديا :
من خلال إلغاء التعريفات التمييزية، تستطيع أن تخلق منطقة تجارة حرة للقارة بأكملها وبالتالي تتواسع اقتصاد جميع البلدان الأفريقية المعنية، وسترفع مستويات المعيشة وضمان الأمن الاقتصادي للعمال الأفارقة.
إجتماعيا :
سوف تستعيد كرامة الإنسان في أفريقيا وأيضا من العوامل التي تؤثر على الوحدة الأفريقية هناك عاملان يمكن القول أنهما ضاعفا من حدة مشكلة الوحدة الأفريقية هما الارتباطات البالية للدول الأفريقية بحكامها الاستعماريين السابقين وهذه الارتباطات عميقة الجذور لدرجة أنها تؤثر على كل شخصيات من هذه الشخصيات السياسية الناشئة. وبما أن الإمبريالية مستمرة في عملياتها، فإنها تغلف في مجملها أجواء هذه المستعمرات السابقة. ونتيجة لذلك ، تعرضت مؤسساتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والروحية والثقافية والدينية لتأثير هائل قد لا يتعافون منه على المستوى القريب . تتمثل إحدى نعمة التوقير في هذه العلاقة في أن مثل هذه الاتصالات الثقافية لها بعض المزايا وكذلك العيوب. إذا ذهبنا إلى شهادة قادة الدول الأفريقية، فسيظهر أن العلاقة بين الأفارقة والمستعمرين الأوروبيين قد مكنهم، مثل البشر الآخرين، من أن يكونوا في وضع يسمح لهم بالانتقاء فيما يتعلق بأي جانب من جوانب الثقافة الأجنبية يمكن أن تتكيف مع أسلوب حياة الأفريقي. لقد اعترف كل من الأفارقة الناطقين بالإنجليزية والفرنسية بهذا الاعتراف وسلوكه اللاحق عند نيل الاستقلال هو اعتراف صادق بالإيمان بفعالية الثقافتين البريطانية والفرنسية في أفريقيا.
من المرجح أن قول أن معاناة القارة الأفريقية وسلوك قادته أصبح شعلة للامبريالية الغربية، هذا الانتقاءت أدت إلى فقر متزايد في بنية المجتمعات الأفريقية لدرجة يتم وصفه من قبل الإمبرياليون الغربيون أن أفريقيا تعاني من خلل اقتصادي وعدم ممارسة للديمقراطية وكثرة النزاعات الداخلية وبعض النزاعات الحدودية، مثل السودان وإثيوبيا، اثيوبيا وارتيريا، إثيوبيا والصومال، ونفس الزمن هذه الإشكاليات، زرعت من المستعمر قبل خروجه وقد ترك جراثيم من التناقضات.
وقد كتب الفيلسوف فرانز فانون: “الإمبريالية تترك وراءها جراثيم العفن التي يجب أن نكتشفها سريريا ونُزيلها من أرضنا ومن عقولنا أيضا ؛ لأن فصل الفرد عن ثقافته وأصله من التكتيكات التي استخدمها الكولونياليون لإخضاع قارة تحت سيطرتها واستعباد أجزاء أخرى. وكانت آثارها عالقة وظاهرة في العديد من التحديات التى تعاني منها مجتمعاتنا الإفريقية. ومن ثم يجب أن تشمل عملية التخلص الكامل من الاستعمار تمكين المواطنين من التحرّر من الاستغلال الأجنبي اقتصاديا واجتماعيا كي يتمكنوا من تحقيق الاكتفاء الذاتي وتسخير الموارد الطبيعية والمواهب الابتكارية لتحقيق النجاح من خلال إرادتهم الشخصية.
وإذ كانت القوى الكولونيالية في خطواتها الأولية تغرس فكرة تفوّقها وأفضليتها في نفوس سكان الأراضي المستعمرة كي تتمكن من التحكم في عملهم وعقولهم حتى يوجِد هؤلاء السكان مبررات للاستعمار؛ فإن العملية الضرورية التالية بعد الاستقلال الوطني التام هي تصفية استعمار العقل.. وهي عملية طويلة متواصلة لصعوبة تغيير أنماط التفكير والإدراك.
الوحدة الأفريقية :
ماذا نعني به ؟ ولنتصور مستقبله، يجب أن نقدر معناه. بالنسبة لبعض الناس. يشير البان آفريكانيزم إلى البحث عن شخصية الأفريقية وبالنسبة للآخرين ،فهذا يعني الإهمال في حين أنه يشير إلى الكثيرين إلى وضع يجعل قارة إفريقيا بأكملها خالية من أغلال الهيمنة الأجنبية مع قادتها الأحرار في التخطيط للتقدم المنظم ورفاهية سكانها. لكي لا تضللنا بعض المصطلحات، وبعضنا لا يعرف ابسط الاشياء عن إفريقيا، يجب علينا أيضا أن نشرح ما نعنيه بمصطلح “الأفريقي”. هل هو من العرق الأسود أم أنه مزيج من العرق الأسود والأبيض الذي يسكن إفريقيا ؟ من الضروري أن نقول ، أيضا ، ما إذا كان أحد سكان إفريقيا ، بغض النظر عن عرقه ولغته، مؤهلا، لأن يصبح أفريقيا في سياق استخدام هذا المصطلح. أفضل أن أكون جدا في استخدام كلمتي “أفريقيا” و “إفريقيا”. ، يجب أن يكون واضحا أنه ما لم نقبل تعريفا واسعا للمصطلحات، فلن يكون هناك مستقبل جدير للأفارقة. ولما كان الأمر كذلك ، ماذا عن شعوب إفريقيا بشكل عام لتشمل جميع الأجناس التي تسكن تلك القارة وتحتضن كل المجموعات اللغوية والثقافية التي تعيش فيها. بعبارة أخرى. أن بسط هذا النهج سيمكن من صياغة سياسات يمكن تنفيذها، مع الأخذ في الاعتبار التاريخ التجريبي للبشر في قارات أخرى من الأرض. سيكون من غير المجدي تعريف “الوحدة الأفريقية” ً حصريا بمصطلحات عرقية أو لغوية ، لأن الحل الواضح سيكون ضيقا وشوفينيا، مهما كان اسمها، كانت دائما عاملا مفككا في المجتمع البشري في جميع الأوقات المعروفة من تاريخ البشرية. صحيح أن جذور البان آفريكانيزم هي إلى حد كبير و ترجع إلى التاريخ البعيد، لكن تطور الفكرة نفسها اتخذ أشكالا مختلفة في القرون الأربعة الماضية بحيث لا يمكن حصر الإفريقية اليوم في العوامل العرقية. ما هذه الجذور؟ إجراءات فردية بشكل أساسي وضغط جماعي. خذ الأنبياء الأفراد من البان آفريكانيزم وسيجد أنهم في جميع الحالات كانوا متمركزين حول العرق في أفكارهم ومفاهيمهم عن الوحدة الأفريقية. على سبيل المثال ، كان بول كوف من بوسطن أكثر اهتماما بإعادة العبيد السود المحررين إلى إفريقيا. وعندما بشر إدوارد ويلموت بلايدن من جزر الهند الغربية الدنماركية بإسقاط الشخصية الأفريقية التي كانت في مؤخرة ذهنه السكان السود في إفريقيا. ويمكن قول الشيء نفسه عن كاسلي هايفورد من غانا ، وماركوس أوريليوس جارفي من جامايكا ، وبورجهاردت دو بوا من أمريكا.
إشارة، بروفيسور كويسي كوا في الكتابه البان آفريكانيزم وتحديات الوحدة الأفريقية العالمية، ترجمها دكتور ابكر آدم إسماعيل، يقول، براه من هم معنيون بالوحدة الأفريقية؟ هل العرق الزنجي ام العرق العربي الساكن في شمال القارة؟، هم ايضا معنيون بالوحدة؟. ان العرب عبر التاريخ في أفريقيا يعتبرون أنفسهم اسياد لأفارقة، بموجبه انهم استرقوا الإنسان الزنجي، اي اللون الاسود اخذوا إلى أسواق، مكة، وعدن، و دمشق، لبيعهم كعمال في المزارع والمنازل والرعاة الا ان الان أصبحوا أفارقة وهناك مولودين أفارقة وعرب في سحانتهم ، كان كل ذلك السبب التجار العرب، ويضاف لذلك مسألة الوحدة الأفريقية، مع من يعتبرون انهم الأسياد ليس هناك خانة مكان او جدوة، أن تسيدوا تماما وزرعوا العنصرية في معاقل المجتمع، يعتقدون انهم أفضل من غيرهم بفضل الثقافات العربية والدين الإسلامي ورسولهم محمد. نظرات العرب رغم تواجدهم جغرافيا في أفريقيا لكن وجدان الحس والاحساس الاجتماعي وارتباطهم مع الخليج العربي أكثر ممن تربطهم مع أفارقة في القارة الأفريقية، فلذلك تعامل مع الجنوب الصحراء لم يكن بعيون أمل الوحدة الأفريقية وتحرير القارة من براثيم الإمبريالية الغربية، كان جل تعاملات علاقات السيد مع العبد، العرب يعتبرون انهم أفضل من الأفارقة.
لكن في مقابل، ما تعمقه ولتر رودني عن الوحدة الأفريقية هناك صفات تجمع الأفارقة جميعا أن كانوا العرب أفارقة أو أفارقة الزنوج في القارة لكي يتحدوا ضد العدو هي الإمبريالية الجديدة ، صفة الاستعمار لأنه نجحت الاستعمار تفكيك أفريقيا إلى دويلات من أجل النهب والسيطرة وتحكم على إفريقيا ومواردها من الشمال إلى الجنوب بغض النظر عن الوانهم.