الانتينوف و جرائم الحرب فى جبال النوبة

ادريس شالو / المحامى

 

” و الان بنفكر فى تطوير دانات تستطيع تكسير الجبال و ازالة الغطاء النباتى…..”
مهندس / محمد الحسن عبدالله , المدير العام لهيئة التصنيع الحربى – الخرطوم.

تعرف جرائم الحرب بانها تلك الافعال التى تنتهك قوانين و اعراف االحرب , او تنتهك القانون الدولى الانسانى المنصوص عليه فى معاهدات جنيف الاربعة لسنة 1949 و البرتوكولات الملحقة به . و ترتكب مثل هذه الجرائم بواسطة القادة العسكريين او السياسيين ذوى السلطة و النفوذ و يتحمل هوْلاء المسئوولية الجنائية تحت مبدأ ” مسئولية القائد ” Command Responsibility .
ميزت المادة (8) من نظام روما لعام 1998 المنشىْ للمحكمة الجنائية الدولية اربع طوائف من جرائم الحرب هى اولا الانتهاكات الخطيرة لمعاهدات جنيف الاربعة 12 اغسطس 1949 مثل القتل و التعذيب و تدمير الممتلكات ..الخ , و ثانى طائفة جرائم الحرب هى انتهاكات قوانين و اعراف الحرب فى النزعات الدولية المسلحة و من امثلة الافعال التى تشكل هذه الجريمة تعمد توجيه الهجوم على السكان المدنيين و هوْلاء هم ليسو طرفا فى النزاع المسلح او الهجوم على موظفى الخدمات الانسانية او الهجوم على المواقع المدنية , و ثالث طائفة الجرائم هى انتهاكات المادة (3) مشترك من معاهدات جنيف الاربعة لعام 1949 فى النزاع المسلح الداخلى . و المادة (3) مشترك ترسى ضمانات تهدف الى حماية طائفة من الاشخاص هم ليسو طرفا فى النزاع المسلح سواء كانوا مدنيين او العسكريين الذين تخلوا عن حمل السلاح و القتال كالاسرى و الجرحى و غيرهم . و من مثل هذه الافعال استعمال العنف ضد حياتهم او اشخاصهم و المعاملة القاسية و اصدار الاحكام و تنفيذ الاعدامات بلا محاكمة اومن محكمة غير مختصة لا تتيح الضمانات القانونية للمتهم فى المحاكمة العادلة , و اخر طائفة الجرائم هى الانتهاكات الخطيرة لقوانين و اعراف االحرب فى النزاع المسلح الداخلى مثل توجيه الهجوم عمدا على المدنيين و السكان , قصف المبانى و المدارس و المستشفيات و دور العبادة , منع الغذاء و نهب الممتلكات و الاغتصاب و الترحيل القسرى للسكان … الخ.
القانون الدولى الانسانى يحدد طائفة من الاشخاص هم محميون و لا يجوز الاعتداء عليهم , هوْلاء هم الذين لا يشتركون فعليا فى الاعمال الحربية مثل السكان المدنيين و كذلك يشمل الحماية افراد القوات المسلحة الذين ألقوا سلاحهم و الذين اصبحوا عاجزين عن القتال بسبب المرض او الاصابة او الاحتجاز او غيره من الاسباب . اما المواقع و الاعيان المحمية فهى المواقع المدنية كالمدارس و المستشفيات و دور العبادة و المواقع الاثرية و الثقافية و غيرها.
و القاعدة الاساسية انه يجب دائما التفرقة بين المقاتلين و غيرهم و بين المواقع والاعيان المدنية و الاهداف العسكرية , و لا يكون المدنيين و المواقع المدنية هدفا للهجوم , و كذلك يحظر استعمال اسلحة لا تفرق بين المدنيين و الاهداف المدنية و الاهداف العسكرية. الاهداف العسكرية هى التى بطبيعتها او موقعها او الغرض منها تعتبر هدفا عسكريا و التى بتدميرها او احتلالها او تحييدها تعطى ميزة عسكرية.
و حتى فى الاهداف ثنائية الاستعمال مثل الكبارى و الشوارع فانه يمنع استهدافها اذا كان الضرر يتعداها الى ايذاء المدنيين.
كذلك يعتبر جريمة حرب استعمال اسلحة او وسائل حربية محظورة مثل زراعة الالغام ضد الانسان او استعمال الذخائر التى تسبب جروحا و معاناة كبيرة مثل القنابل العنقودية و الاسلحة الكيمائية و البيولوجية.
و ايضا يحظر الهجوم العشوائى . و هو نمط من الهجوم غير موجه الى هدف عسكرى محدد مثل سياسة الارض المحروقة التى يتبعها النظام , او استخدام وسائل لا يمكن توجيهها بدقة نحو هدف عسكرى او استخدام وسائل يتعدى تأثيرها الاهداف العسكرية الى المواقع المدنية .
و يمثل استخدام طائرة الانتينوف مثلا واضحا للهجوم العشوائى. طائرة الانتينوف طائرة روسية الصنع و هى طائرة نقل مدنية بطبيعتها, و قد حولها النظام الى طائرة عسكرية , و تشحن بالبراميل المتفجرة المعبئة بقطع الحديد و البارود و تدفع هذه البراميل من موْخرة الطائرة و هى محلقة على ارتفاع خمسة الف متر فتقع هذه البراميل عشوائيا على سىء الحظ من المدنيين كان ذلك و هو فى مزرعته او مورد الماء. او كما رأينا فى صدر هذا المقال – و هو مقتطف من تقرير قدم من المدير العام للتصنيع الحربى الى لجنة الامن و التدابير الوقائية و الدفاعية بالموْتمر الوطنى – انهم بصدد تطوير قنابل تستطيع تكسير الجبال لملاحقة الاطفال و النساء الذين جعلوا الكهوف و مغارات الجبال ملجأ و سكنا هربا من براميل الانتينوف العشوائية .
هذا بعض انماط من جرائم الحرب التى ترتكب فى جبال النوبة و غيرها من المناطق كالنيل الازرق و دارفور بصوره يومية منذ عام 2011 , فضلا عن استخدام الطعام كسلاح و بالنتيجة يموت المواطن قصفا او جوعا.
لقد كرر مراقبون كثر و ناشطين فى مجال حقوق الانسان ان الهجوم البربرى الذى يشنه النظام الحاكم بواسطة سلاحه الجوى على المدنيين فى جبال النوبة لم يحدث له مثيل فى اى مكان فى العالم , فمنذ اندلاع الحرب الاخيرة كان استهداف المدنيين و المواقع المدنية سياسة ممنهجة و مقصودة لاهلاك المواطن فى هذه المنطقة,
فأين المجتمع الدولى من هذه الاستهانة بكرامة الانسان ؟ ثم اين الشعب السودانى ؟ و هل ينتبه لما يحدث فى هذا الجزء من الوطن ؟؟؟؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.