إنهاء مهمة القراي ، هل ستبدد فرص الوحدة الوطنية؟

جاتيقو أموجا دلمان

 

الكل يعلم بأننا كسودانيين فشلنا في تحديد النظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والقانوني ( الدستور) ،لذلك لم تستكمل عناصر تكوين الدولة منذ خروج المستعمر الأبيض في العام ١٩٥٦م، وفشلنا أيضا في التوافق علي عقد اجتماعي نعرف بموجبه الدولة السودانية، لذلك نحن مازلنا في مرحلة تأسيس الدولة، وعندما تستجيب حكومة الثورة الشعبية الانتقالية التي يترأسها الدكتور عبد الله حمدوك لفئة مستبدة ومتطرفة ومهوسة وتنهي مهمة تغيير المناهج التعليمية كواحدة من مداخل البحث عن فرص تجمع الشعوب السودانية وتأسس لوجدان وطني مشترك، فان حكومة حمدوك تكون قد بددت فرص الوحدة الوطنية، لا شئ يجمعنا في السودان لا دين لا ثقافة لا عرق سواء الرقعة الجغرافية التي حددها الاستعمار التركي ، ودون ان نحترم حقوق بعضنا الثقافية فان وجودنا مجتمعين داخل هذه الرقعة الجغرافية لا معني له.
منذ ان بدأ القراي مهمته الوطنية ، كنا نتابع باهتمام موضوع كتابة المنهج، ونحسب بان لجنة القراي التزمت بقيم الديمقراطية والحياة المدنية وفصلت السلطة الزمنية من السلطة الدينية وجففت المنهج من التحيزات القبلية والثقافية وراعت الموضوعية والعلمية ووقفت في موقف متساوي.
وإذا عدنا الي التاريخ ، نجد ان مناهج التعليم منذ ان فتح الخديوي اسماعيل اول (٥) مدارس في شمال السودان العام ١٨٥٠م ، منحازة للثقافة العربية والإسلامية ودرس( حسن البطل وحسن ود العرب) ليس بعيد عن الاذهان ، وكذلك هو حال مناهج المهدية التي كانت تدرس في الخلاوي ، ثم جاءت مناهج الإنجليز لأحكام قبضة السلطة المركزية الاستعمارية لملئ الوظائف الصغري في الادارة وكان التركيز علي ابناء زعماء الطائفية وابناء تجار الرقيق دون غيرهم لتأسيس مركزية صفوية تخضع لسلطة المستعمر وتنفيذ خططه حتي بعد خروجه ومن ثم تدير الدولة عبر ساقية الإحلال والإبدال ( حكومة انتقالية من عسكر ونخبة بورجوازية / حكومة منتخبة من احزاب تفتقر الحس الوطني/ حكومة انقلابية عسكرية مأدلجة تقهر الشعب وتنهب ثرواته)، كذلك تم التخطيط لإدارة الدولة السودانية عبر المحافظة علي هذه الامتيازات التي توفرها المركزية الاسلاموعروبية، التي تأسست بتوافق غير معلن من هؤلاء لنفس الغرض.
لذلك سيدخل جدل المناهج في اي عملية تفاوضية مقبلة بين الحكومة الانتقالية وحركات التحرر الوطني باعتبار ان الطريقة التي تدير بها حكومة حمدوك الشأن العام مخيفة ومريبة تستدعي مذيد من التدابير، وان التعامل بمبدأ حسن النية مع هذه الحكومة ليس له ما يبرره.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.