
إلى متى يستمر الجيش السوداني في قتل وترويع مواطنيه؟
توثيق لجريمة ضد الإنسانية يجب أن يعرفها العالم
دلامي، إقليم جبال النوبة: splmn.net
تقارير/ منير بلل تية
تصوير/ مانديلا يعقوب.
في واحدة من أبشع الجرائم التي تضاف إلى سجل انتهاكات الجيش السوداني، شنت قوة عسكرية قادمة من مدينة “أبوجبيهة” مكونة من أكثر من عشرين عربة لاندكروزر مسلحة وعشرات الدراجات النارية، هجومًا وحشيًا على فرقان الرحل من بطون الحوازمة في “خور الدليب”.
الهجوم أسفر عن مقتل عدد من المدنيين العزل، واعتقال ثلاثة رجال و13 امرأة، في حين تم الإفراج لاحقًا عن النساء، بينما نُقل الرجال إلى سجن أبوجبيهة حيث تعرضوا لتعذيب جسدي ونفسي قاسٍ.
الهجوم لم يكن مجرد اعتداء عابر، بل عملية تهجير قسري ممنهج، حيث فرّت مئات الأسر غالبيتهم من النساء والأطفال والعجزة إلى مناطق سيطرة الحركة الشعبية لتحرير السودان في جبال النوبة، بعدما نهب الجيش ممتلكاتهم بالكامل، تاركًا إياهم بلا مأوى أو مؤن.
زيارة وفد الموقع الإلكتروني الرسمي للحركة الشعبية إلى النازحين:
في استجابة ميدانية عاجلة، قام فريق من الموقع الإلكتروني الرسمي للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال بزيارة النازحين الذين استقروا في منطقة سرفاية بمقاطعة دلامي. التقى الفريق بعدد من الضحايا، واستمع إلى شهاداتهم التي تكشف حجم المأساة والمعاناة التي يعيشونها.
كما قام وفد حكومي بقيادة الأستاذ هاشم عبد الله، سكرتير الحركة الشعبية بالإقليم وممثل الحاكم، بزيارة النازحين. وأكد في كلمته:
“لقد حضرنا اليوم بوفد كبير للوقوف على أحوالكم، وللترحيب بكم وسط أهلكم، لأن المركز لسنوات طويلة كان يفرق بين مواطني الهامش. أنتم هنا بحثًا عن الأمن والأمان، وأنتم الآن في أمان وحرية.”
وأشار هاشم عبد الله إلى أن الجيش السوداني لم يخيب ظن شعب الهامش فيه، لأنه ظل منذ تأسيسه يقاتل ويشرد المواطنين، ويحمي الأنظمة الفاسدة في المركز، مما أدى إلى فصل الجنوب، وإشعال الحروب في كل أرجاء السودان، بما فيها العاصمة الخرطوم.
وأكد أن ميثاق السودان التأسيسي وحّد شعوب الهامش لأول مرة، وأن الدستور الانتقالي الذي تم توقيعه مؤخرًا في نيروبي يمثل خطوة جذرية نحو معالجة المشكلة السودانية.
كما شدد على ضرورة إدخال الأطفال في المدارس مهما كانت الظروف، لأن التعليم هو المفتاح الحقيقي للخروج من دائرة التجهيل التي فرضها المركز على شعوب الهامش. وأضاف أن الزيارة تهدف إلى تقييم الوضع الإنساني وتقديم بعض المساعدات للأسر النازحة.
شهادات الناجين: “قتل، نهب، واعتقالات بلا رحمة”
محمد راضي آدم: “قتلوا شيخًا دهسًا ونهبوا كل شيء”
قال محمد راضي آدم، أحد الناجين من الهجوم:
“هاجمونا في نهار رمضان ونحن صائمون، لم يراعوا حرمة الشهر الكريم. كنت داخل الفريق ونزلت إلى الخور للاختباء. لم يكن هناك سوى النساء والأطفال، لكنهم وجدوا شيخًا مسنًا صائمًا، فأطلقوا عليه الرصاص ثم دهسوه بالعربات حتى فارق الحياة.”
وأضاف: “نهبوا كل ممتلكاتنا، حتى الملابس، ونحن نعرف بعض المهاجمين؛ بعضهم جنود في الجيش السوداني، وبعضهم من المستنفرين والشرطة.”
آمنة برة: “ضربوني واتهموني بالتمرد”
أما النازحة آمنة برة، فقد روت تفاصيل مروعة عن الاعتداءات التي تعرضت لها، قائلة:
“لقد ضربوني بمؤخرة السلاح، وأرهبوني قائلين: (يا متمردة، دخلتِ الغابة، ونحن لن نترككم).”
وأضافت: “الآن نشعر بالأمان هنا، ولكن لا نملك أي شيء، وأطفالنا محرومون من التعليم منذ سنتين.”
الشيخ محمد علي نورين: “نهبونا وقتلونا بلا أي وازع ديني”
أكد الشيخ محمد علي نورين أن الجيش السوداني استهدفهم بعقلية عنصرية، قائلاً:
“هاجمونا والناس صيام، لم يراعوا للدين أو الأخلاق أو القيم، رغم أنهم مسلمون مثلنا. أي دين هذا الذي يسمح لهم بنهب ممتلكات المواطنين؟”
وختم حديثه قائلاً: “نهبوا كل شيء.. الملابس، المواد الغذائية، حتى المشمعات!”
تحليل عسكري: ما وراء الهجوم؟
استراتيجية الأرض المحروقة وتفكيك المجتمعات
وفقًا لمحللين عسكريين، فإن الهجوم على فرقان الحوازمة في خور الدليب ليس مجرد حادثة معزولة، بل جزء من استراتيجية أوسع ينتهجها الجيش السوداني في حربه ضد المكونات السكانية التي يعتبرها تهديدًا لنفوذه.
وتشير تقارير عسكرية إلى أن الجيش يتبع تكتيك الأرض المحروقة، حيث يهاجم القرى والمجتمعات الريفية، ينهب ممتلكاتها، ويهجر سكانها قسريًا، بهدف:
-فرض واقع ديمغرافي جديد في المناطق المتنازع عليها.
-إضعاف أي مقاومة محتملة من المجموعات المستهدفة، عبر تجريدها من مصادر قوتها الاقتصادية والاجتماعية.
-إرهاب المجتمعات المحلية ودفعها إلى الولاء القسري للجيش السوداني.
الدور المشبوه للمستنفرين والميليشيات:
مما يزيد من خطورة الوضع هو تورط ميليشيات محلية ومستنفَرين في هذه العمليات القتالية، حيث يتم تجنيدهم من قبل الجيش السوداني لخوض حرب بالوكالة ضد مجتمعاتهم. وهذا يعزز من حالة الفوضى، ويؤدي إلى تحول الصراع إلى حرب أهلية مفتوحة.
ما الهدف النهائي؟
إعادة رسم الخارطة السكانية عبر عمليات التهجير القسري والنهب الممنهج.
كسر أي مقاومة مستقبلية عبر تفكيك المجتمعات المستهدفة.
إبقاء الجيش السوداني كأداة لحماية المصالح المركزية، وليس كقوة وطنية تمثل جميع السودانيين.
ماذا بعد؟
في ظل استمرار هذه الجرائم، يبقى السؤال الأهم: إلى متى ستظل هذه الانتهاكات تمر دون محاسبة؟
الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال تدعو المجتمع الدولي، والمنظمات الحقوقية، وكل من يؤمن بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الجرائم والتحرك العاجل لوقف آلة القتل والتشريد التي ينتهجها الجيش السوداني ضد مواطنيه.
العدالة لن تتحقق بالصمت.. هذه الجرائم يجب أن يعرفها العالم!.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.