إلى السبسي (أصاله عن القلة وإنابة عن الثلة).
بقلم/ باب الله كجور
الورقة التي لم تسقط في فصل الخريف خائنة في عيون أخواتها وفيها في عيون الشجرة ومتمردة في عيون الفصول فالكل يرى الموقف من زاويته (مكسيم غوركي) – كتب تاج الدين السبسي رسالة لشخص وأرسلها في حسابي بالواتساب معلقا على ما كتبته قبل اسابيع خلت بعنوان: (أحداث لقاوة وبليل والموت السريري لإتفاق سلام جوبا) .
فرفيق السلاح السابق الذى إختار فى العام 2017 أن يكون في الضفة الأخرى من النهر إحتجاجا على قرارات مجلسي التحرير إقليمي جبال النوبة والفونج والذي وصفها آنذاك بالتحالف المرحلي بين البندقجية العنصريين الغوغاء والساسة المغامرين ضيقي الأفق وقال عنها ( دى فورة أندروس ساكت) سينتهى عاجلا أم آجلا وستعود القيادة الشرعية إلى مكانها الطبيعي والقيام بدورها على الوجه الأكمل وسيندم من قاد هذه ( الخرمجة) الذى لايمت إلى السلوك التنظيمي بصلة، لكنه خاب وخسر الرهان.
وفحوى رساله السبسي تقول: ( إن القلة غير الواعية من النوبة الإنتهازيين والثلة الجاهلة من الفونج النفعيين وكل متقوقع فيما يسمى بالمناطق المحررة والذين يعارضون سياسية أصحاب الحق التاريخي والجبل والأرض (تلفون كوكو، مالك أقار، إسماعيل جلاب، أحمد العمدة يتحملون وزر فشل تنفيذ الإتفاقية – ووصف مؤتمرات البناء التنظيمي القاعدي التي إنتظمت أرجاء مقاطعات الإقليم تمهيدا لإنعقاد المؤتمر العام قريبا – بأنها صورية ومسرحية غير متناسقة الفصول،وسيناريو رديء الإخراج وخطوة الغرض منها تجديد الثقة للحلو وتكا وآمون) إنتهى.
الإنسان العاجز الذى ليس له همة للتحليق فوق القمة يعكر صفوه ذرات التراب المتراكم على السفح. ومن يفتقر للكبرياء ولا يفهم اللغة الشامخة التي يتناول بها الناس المواضيع العامة سيدور في حلقة مفرغة وسيبحث عن مبررات واهية وسيلجأ الي حجج غير منطقية وسيسعى سعيا حثيثا لجعل من هم في وجهة نظره أعداء حقيقين ومن يتخيلهم ويعتقد إنهمم خصوم إفتراضيين حبلا ينشر عليه غسيله القذر وينفث فيهم سمومه. وأمثال هؤلاء لايجدى معهم الصمت النبيل. ومن يقرأ التاريخ إن كان قارئا حصيفا له ولا يتعظ من الماضي ويستخلص منه العبر للحاضر سيبقى أسير ما يجيش بخاطره فى المستقبل بل سيظل سجين إنطباعه وأفكاره المسورة بالهواجس طوال حياته. فالسبسي يعلم كشخص له باع وتجربة إمتدت زهاء عقدين من الزمن فى مجال (ساس يسوس) منذ أن ولج إليها وهو طالب بالجامعة.
ان الحكومات السودانية المتعاقبة على كراسي الحكم في الستة عقود الماضيه ظلت تشن حروب تطويع pacifiction wars شعواء طويلة الأمد ضد من يسكن الهامش في جنوب السودان (قبل الإنفصال) وجبال النوبة، الفونج، دارفور عبر مشروعية فرض هيبة الدولة وحقها في ممارسة العنف المادي لإخضاع حركات الكفاح المسلح التي تتصدى لهذا القمع المؤسسي، ويتحملون عبء الدفاع عن أرواح السكان المحليين وحماية مُمتلكاتهم، ويقاتلون وهم متسلحين بمشروعية الثورة وعزيمة لا تلين لهزيمة الحكومة المركزية من أجل إنتزاع الحقوق والمطالب، ويدرك كذلك إن هذه الحكومات معتادة على نقض المواثيق والعهود وتتعمد عندما توقع أي إتفاق أو تسوية إلى تكتيك وقع وماطل وأعمل لتكسب الوقت ولا تلتزم بما تتفق عليه وأبذل جهدا مضاعفا (لتنفيس ولا تنفيذ). حكومة 25 أكتوبر الإنقلابية ليست إستثناء أو حاله شاذة بل إمتداد لسابقاتها. كان على السبسي أن يكون صادقا مع نفسه وأن يمتلك فضيلة الإعتراف، وأن لا ينزلق إلى هاوية وهم وجود مؤامرة تحاك في الخفاء ضدهم، وأن يبتعد عن المزايدات، وأن يقر بإنعدام وغياب الإرادة المشتركة بين الأطراف الموقعة وأن لا ينكر إن الإنقسام الأميبي والإنشطار الذي طال الحركة التي ينتمي إليها والتي تشظت على خلفية تلك الأزمة إلى ثلاثه حركات تجلس الآن على (تل خراب) إتفاق قسمة السلطة وتوزيع المناصب التي يدافع عنها السبسي بضراوة. ويتهم القلة ويفترى على الثلة التي لاتزال ثابتة عند موقفها ولم يتسلل اليأس إلى أرواحهم وأنفسهم بعد ولم يعييهم النضال، ولم ينتابهم شعور إن التمرد على الظلم ذنب يتطلب الإستغفار والتوبة وطلب العفو بالتوقيع على إتفاق يحقق مكاسب للصفوة السياسية فقط ويتجاهل المجتمعات المتضررة من ويلات الحرب ولايخاطب جذور المشكلة ويحلها جذريا.
والقيادة (القدوة) هي التي تتجاوز المرارات وتتسامى فوق الخلافات وتنسجم مع الأوضاع وترسم الخطط وتضع الإستراتيجيات الكفيلة بجعل الشعب أكثر إرتباط بالقضية وتمسكا بالأرض والجبل. فمن يقتات على الحق التاريخي ويتمترس حول القبلية ويرهن نفسه للمناطقية ليس جديرا بأن ينال لقب قائد ويتوشح بوشاح القيادة.
المؤتمرات وسيلة للمراجعة والمحاسبة، وإستحقاق دستوري للتداول السلمي للمواقع داخل الأحزاب والتنظيمات السياسية والكيانات الاجتماعية كالروابط والجمعيات والتي لها بالطبع مباديء وأهداف وبرامج ومشروعات وأنشطة.
العضوية المتفتقة العاقلة الملمة بالوقائع والعارفة لتفاصيل ما يدور فى أروقة التنظيم ليست غافلة عن ماهيه العلاقات الأفقية والرأسية. وتعرف من تنتخب بناء على إلتزامهم بقيادة المسيرة
ويتواصل المد الثوري ويستمر.