إضاءات حول مشاورات أديس أبابا

✍️ أنس آدم

 

تلبية للدعوة الرسمية التي تلقتها قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، من الإتحاد الافريقي والهيئة الحكومية الإقليمية للتنمية (إيقاد) في الأول من أغسطس ٢٠٢٤ بهدف تصميم وثيقة العملية السياسية. شاركت الحركة الشعبية في الجلسة الإفتتاحية للمشاورات السياسية وإجتماع “واحد فقط” إنعقد في العاشر من أغسطس ٢٠٢٤ بالإضافة إلى إجتماع اللجنة الفنية الذي إحتضنته رئاسة الإتحاد الأفريقي – أديس أبابا.

إنطلق مارثون الإجتماعات الرسمية والمباشرة بين الأطراف السياسية عقب الإفتتاح الرسمي الذي شارك فيه قيادة ومبعوثي الإتحاد الافريقي، الإيقاد، مجلس السلم والأمن الافريقي والآلية الأفريقية رفيعة المستوى. إتسمت المداولات والنقاشات المطولة بالهدوء تارة والسخونة تارة أخرى إلى أن تشكلت لجنة فنية ضمت مندوبي (ممثلي) القوى السياسية. أسندت للجنة الفنية مهام تصميم وثيقة العملية السياسية. فأعدت اللجنة وثيقة مشوهه أقل ما يمكن وصفها بـ”المولود الميت” ومن ثم أرسلت نسخ إلكترونية Soft copy إلى الأطراف السياسية للإطلاع عليها وتقديم الملاحظات والمقترحات.

قامت الحركة الشعبية بالدراسة البناءة للوثيقة المقترحة ووضعت على منصة مشاورات أديس رؤيتها السياسية المعلنة والمعلومة بالضرورة لدى الشعوب السودانية والقوى السياسية والمدنية ومن ثم أعلنت إنسحبها مبينه انها غير معنية بمخرجات المشاورات السياسية للحيثيات والأسباب الآتية:

أولاً، قضايا (أجندة العملية السياسية):

دفعت الحركة الشعبية في محور أجندة العملية السياسية بالقضايا المصيرية التي تشكل جذوراً تاريخية للمشكلة السودانية من بينها “قضية علاقة الدين بالدولة، وأزمة الهوية، المركزية القابضة، العبودية وتجارة الرق،…الخ”. بالتأكيد هذه قضايا ساخنة تسببت طوال السبع عقود الماضية في إشعال الحروب وإبادة الشعوب السودانية المهمشة لتتوج بإستقلال جنوب السودان، كما تضع تلك القضايا سودان اليوم في مفترق طرق Cross roads إما سودان جديد علماني ديمقراطي لا مركزي موحد طوعياً أو سودانات جديدة سيما أن النخب الشمالية – حاكمة ومعارضه ما زالت تتمترس خلف ثوابت العروبة والإسلام فضلاً عن تجنبها بتعمد وتهربها بإستمرار من سؤال كيف يحكم السودان؟ وهذا ما جسدته مواقف بعض مكونات (تقدم) التي شاركت في إجتماع أديس التشاوري وإلا لماذا تصر وتتمسك بطرح قضايا وحلول مجربة لا تعدو كونها مسكنات Painkillers لأزمات البلاد المستفحلة.

ثانياً، أطراف العملية السياسية:

ترى الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال، ضرورة أن تبدأ العملية السياسية بعقد مائدة مستديرة تشارك فيها القوى السياسية الثورية الحية، الملتزمة والمؤمنة بإعلان نيروبي الموقع بين الحركة الشعبية وحركة القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) وحركة/ جيش تحرير السودان بتاريخ ١٨ مايو ٢٠٢٤. لكن بعض مكونات (تقدم) ذجت في الوثيقة المقترحة بقوى وأجسام على سبيل المثال وليس الحصر: (الكتلة الديمقراطية وكيان التجاني السيسي الذي خرج من رحم المؤتمر الوطني). فهذه التنظيمات ليست لديها وزن أو ثقل سياسي بل تمثل قوى السودان القديم ومن المؤكد انها واجهات سياسية ومدنية تنتمي للنادي السياسي القديم والجبهة الإسلامية.

ثالثاً: غاب عن مقدمة الوثيقة المقترحه، حتى مجرد الإشارة إلى الحروب الطاحنة التي إنطلقت شراتها الأولى فى العام ١٩٥٥ واستهدفت الشعوب السودانية خاصة الشعوب الافريقية بل إختزلت المقدمة في حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣ وكأنما لم تكن هنالك تشريد وتنزيح أو إبادات جماعية طالت الشعوب السودانية على مر تاريخ السودان. لذلك يمكن قراءة مواقف القوى السياسية في سياق مواصلة نهج اللف والدوران والإستهبال السياسي بدليل النقاشات والحوارات غير المنتجة التي دارت في الإجتماعات التشاورية والتي تنم عن غياب الإرادة والرغبة السياسية لطي صفحة الحروب وإبراء الجراحات.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.