إتفاقية المسارات بين المحاصصة وطموح السلام .( الحلقة الثالثة )
نضال الطيب حامد .
القارئ المتفحص لاتفاقيات المسارات في كل من شرق السودان َ، والوسط والشمال، لا يستطيع فعل شيء غير الضحك والتهكم والسخرية يعني (شر البلية ما يضحك) نجد أن التوقيع على السلام مع هذه المسارات ينبئ عن غياب الرؤية والاستراتيجية لدى السلطة الإنتقالية بصورة واضحة في إطار تحقيق السلام، فإن تداولات مواقع التواصل الإجتماعي بالسخرية والتهكم تدل على أن القضية عبارة عن محاصصة واضحة وضوح الشمس في كبد السماء.. ولا دافع لهم سوى إشراك وتمييز ممثلين الجبهة الثورية في عملية المفاوضات، وهم أصلاً أعضاء عبر وجودهم في الجبهة الثورية المزعومة؟ والدليل القاطع على حديثي هذا ” هو ماوجدناه في البند السابع للاتفاقية والذي ينص على الآتي : كألتزام مستحق على حكومة الإنتقال” مراعاة التمثيل العادل لمسار الوسط “ في جميع اللجان والمفوضيات والهيئات التي تكون لمعالجة القضايا وفقاً لمعيار الكفاءة مع مراعات التمثيل العادل للنساء.
ومن هنا يتضح لنا أن الدفع بمسار الوسط والشمال هما جزءاً من مخطط الجبهة الثورية الساعية إلى تكبير كومها في اقتسام كيكة السلطة عبر إضافة مسارات إقليمية تنتقي منهم الممثلين الذين هم في الأصل أعضاء بالجبهة الثورية، وليس مفوضين من شعوب هذه الأقاليم.
يحضرني الحديث هنا، عندما سئل الرئيس المخلوع عمر البشير عن تأخيره في تشكيل حكومة حوار الوثبة قال : في رده للصحفيين” إن الكيكة صغيرة والأيادي كثيرة “ في إشارة إلى تقاسم السلطة بينهم، وما أشبه الليلة بالبارحة، فإن توقيع السلام مع عدد من المسارات سوف يحمل نفس الملامح والشبه في تلك اللعبة والمسرحية العبثية التي رافقت حوار الوثبة ومخرجاته.
لننظر إلى عمق المشكلة في مسار شرق السودان .
إن مسار الشرق الذي يتزعمه أسامة سعيد رئيس مؤتمر البجا كما يدعي، والأمين داؤد رئيس الجبهة الشعبية المتحدة وتسندهم البعض من المكونات التي لها مصالح متشابكة مع دول الجوار الإقليمي، وقد شهد مقر التفاوض بجوبا زيارات متكررة لوفود متعددة من إقليم شرق السودان لمقر التفاوض للقاء الوساطة الجنوبية والطرف الحكومي وشروحوا لهم رؤيتهم للحل والذي يتضمن قيام مؤتمراً لمعالجة قضايا الشرق، ورفضهم إعتماد ممثلين من الجبهة الثورية بدون التفويض الشعبي من أهل الشرق. ونتيجة لهذه الخلافات أمهلت الوساطة مكونات الشرق ثلاثة أسابيع بدأت منذ يوم ٢٣ ديسمبر الماضي، وذلك لعقد مؤتمر داخلي خلال هذه المدة لحسم خلافاتهم حول المسار ومن ثم العودة لمواصلة التفاوض برؤية مشتركة، وقد تم تأجيل عقد المؤتمر الذي حدد له من ١١ – ١٣ يناير ثلاثة أيام.
بينما كانت رؤية الوساطة الجنوبية هي تحقيق السلام في مسار الشرق، لا يمر إلا عن طريق تحقيق صلح للمكونات الإجتماعية والسياسية في شرق السودان، ورأت الوساطة أنه ليس هناك ما يمنع الإستجابة لوصول وفد من شرق السودان، التحاقاً باخوانهم للدخول في المفاوضات… ولكن تبقى المشكلة الحقيقية فيما تسلمته الوساطة عن رؤية الشرق التي اعتمدتها بعد إفتتاح المنبر للمسار رسمياً.
قال أسامة سعيد رئيس مؤتمر البجا، بعد إفتتاح المسار إنهم تقدموا بموقفهم التفاوضي للوساطة والذي يقوم على ثلاثة ملفات وهي سياسي واقتصادي وأمني.
وأوضح أن الملف السياسي اشتمل على توصيف لأزمة الشرق بأعتبارها أزمة تهميش سياسي واقتصادي وإجتماعي، فيما اشتملت رؤيتهم في الملف الإقتصادي على المطالبة بإقامة صندوق تنمية للشرق يصحابه بنك الشرق بتمويل محلي وإقليمي ودولي.
وبالفعل بدأت مكونات شرق السودان في عقد المؤتمر لحسم الخلافات إلا أنه أدى إلى خلافات أعمق، كانت نتاج في النزاعات القبلية بين البجا والبنى عامر، وعلى هذا الأساس أصبح شرق السودان عبارة عن بركان قد يطيح بكل ماجاء في الإتفاقية السياسية في مسار الشرق.
نواصل في الحلقة الرابعة.