أكذوبة المواطنة بلا تمييز لصاحبها ياسر عرمان

مهند زامل

 

المواطنة بلا تمييز مصطلح ظل يتردد كثيرا في خطابات ياسر عرمان رئيس ما يسمى جزافاً بالحركة الشعبية التيار الثوري ، و لأن هذا المصطلح الفضفاض يحمل من اللبس ما يكفي ليضعه في خانة التجريم ، حاولنا تفكيكه في هذه الأسطر المعدودة .

المواطنة في الأساس مفهوم متمرحل في بنية الدولة بإعتبار أن التمييز شكل سابق لمفهوم المواطنة ، التمييز بأشكاله المختلفة ، ثقافي ، ديني ، عرقي ، نوعي ….إلخ . فبدلا من الإنهماك في ترديد مصطلح المواطنة بلا تمييز يجب البحث في تشريح و تفكيك جذور التمييز التي ظلت عائقا أمام المواطنة المتساوية في الدولة .
إن هيكل الدولة السودانية الحديثة الذي تشكل بعد إنهيار المماليك صوحب بإختلالات عميقة و أخطأ قاتلة في مسألة إدارة التنوع الثقافي ، الديني ، اللغوي …إلخ. فلقد ظل ميول الدولة للثقافة الإسلامية العربية أبرز سمات الطليعة ، مما مهد الطريق لتشكُل الأيديولوجية الإسلاموعروبية الإقصائية التي تعطي مشروعية العنف ، و التي تحمل بذرة فناءها في نفس الوقت.

إن جذور المشكلة السودانية أعمق من مسألة المواطنة بمراحل ، فإن قضيتي الهوية الوطنية و علمانية الدولة ظلتا من كبريات الأسئلة التي لم تجد الأجوبة المنطقية من جميع حكومات ما بعد الإستعمار ، بل حدث العكس حيث تسربلت جميعها في الهوية العربية و إتخذت الشريعة الإسلامية مصدراً لدساتيرها و أغلقت أذنيها عن تنوع الشعوب السودانية الديني، الإثني، الثقافي و الجغرافي مما ولد الحروب التي ظلت مستمرة إلي يومنا هذا.
كما لم تولي جهدا لمعالجة الآثار النفسية السالبة الناجمة عن تجارة الرق بل إن بعض طوائفها الرجعية قاومت بشراسة قرار إلغاء تجارة الرقيق و العبودية ، لذلك تعتبر هذه القضايا هي الجذور التاريخية للمشكلة السودانية ، وليس مسألة المواطنة التي تعتبر إفراز من إفرازات هذه القضايا الكبرى.
كما أن المواطنة قد تمُنح من الدول لأشخاص هاجروا إليها ، أو من شعوب الي شعوب أخري قادتها عوامل طبيعية أو غير طبيعية مثل الكوارث و الفيضانات و الحروب و الزلازل و البراكين و غيرها من عوامل الطبيعة .
فهي ليست بأي حال من الأحوال جذر من جذور المشكلة ، فلا يوجد وصف مناسب لها في حال مثل حال بلادنا سوى أنها عبارة بلهاء يرددها جوف.

مدنية كاودا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.