أكثر من (11،000) أسرة (مقيمة ونازحة) في لقاوة يعانون من (المجاعة)، وفي حاجة ماسة إلى مساعدات عاجلة.

 

لقاوة : splmn.net

باب الله كجور

تقع مقاطعة لقاوة في الجزء الغربي من إقليم جبال النوبة بالمناطق المحررة، وتحدها مقاطعة السنوط من الجهة الشمالية الغربية ومن ناحية الشمال والشرق مقاطعة الدلنج ومن الجنوب مقاطعة كادقلي ويبلغ عدد السكان (475.82) الف نسمة.
وتستضيف المقاطعة عدد كبير من الأسر التي نزحت بعد أحداث مدينة لقاوة في أكتوبر 2022 والفارين من الولايات والمدن التي تقع تحت سيطرة الحكومه بعد إندلاع حرب 15 أبريل2023.

بعد أن أعلنت السلطة المدنية للسودان الجديد المجاعة في منتصف شهر أغسطس في إقليمي جبال النوبة والفونج الجديدة، قام مراسل الموقع الإلكتروني بمقاطعة لقاوة بالتعاون مع مسهلي المجتمع بجولة طاف خلالها على البيامات الأربعة (كمدا ،طبق، تلسى، لمريك)، حيث يلجأ السكان إلى تبني إستراتيجيات للتكيف مع الأوضاع بغرض الحصول على الغذاء من خلال الإعتماد على الثمار الغابية وصفق الأشجار والحشائش والنباتات التي تنبت في فصل الخريف.

أجرى الموقع الالكتروني استطلاعات مع المواطنين و لقاءات مع الإدارات الأهلية والعاملين في المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية الطوعية والمنظمات الفئوية والجماهيرية.

كانت البداية من بيام “كمدا” الذي يبعد عن رئاسة المقاطعة بمسافة تقدر ب25 كيلو متر وتضم خمس بومات (لامدرنا، لادهو، تنقيرا، الطرين، الفقرا ) وهي من أكثر المناطق تأثرا.

قالت المواطنة: حنان معلا تيه: (أن الوضع المعيشي صعب للغاية، نحن نتغذى على صفق شجر الهجليج “اللالوب” كغذاء، وزيتها كعلاج، الوضع خطير والكثير من الأسر مهددة بالموت).

وذكرت نعمات كابلوكة كافي – التي تتكون أسرتها من(8) افراد أنها لم تتذوق طعم الذرة منذ أكثر من شهرين، وأشارت إلى أن الأوضاع تمضي من سيئ إلى أسواء.

وقالت : (نستخدم أوراق شجر السدر “النبق” و”الخرووب” والحشائش كطعام، وهي غير مستساغة، ولكن نسوي شنو يا أخوي ده المتوفر بس عشان الزول ما يموت).

وأفادت أم جمعة عبد الله اللكري : (منذ الصباح الباكر يخرج أطفالي إلى الوديان والغابات القريبة لجمع ثمار شجرة “الكركر” النيئة، بسبب إنهم لا يمكن أن يذهبوا بعيدا عن قرية “الطرين”، لأنني أخشى أن يصيبهم مكروه، ويعودون عند الظهيرة أوالمساء وقد أنهكهم التعب. ومايتم جمعه نصنع منه طعاما لسد الرمق).

وجدنا كاكا ضيين تيه، وهي مسنة تبلغ من العمر 75 سنة تعد وجبة إفطار من الجراد الذي تحتفظ به منذ أشهر خلت وقالت مبتسمة: (نحن جميع أفراد الأسرة هنا، نتغذى على الجراد لأكثر من ثلاثه أشهر ، وبعد إنتهى بقت الناس تأكل صفق الشجر، نتمنى أن تنتبه الحكومة للكارثة، فالمواطنين يموتون خاصة الأطفال).

فيما أوضحت الناشطة ورئيسة جمعية (سليا) متعددة الأغراض، ومقرها في قرية “الطرين” في بيام “كمدا” – الاستاذة خديجة جمال الدين كافي لـ (الموقع الإلكتروني للحركة الشعبية – شمال)، إن حالات سوء التغذية وسط الأطفال والنساء الحمل والمرضعات في تزايد مستمر، والأوضاع تمضي من سيئ إلى أسوأ. وأفادت إن أكثر من (34) أسرة نزحوا إلى بيام لمريك “تيما” خلال شهر أغسطس الماضي.

قمنا برفع تقرير بذلك إلى الجهات المعنية في ادارة التنمية الاجتماعية بالمقاطعة، كجهة مسؤولة عن الجمعيات وبعض المنظمات وقدمنا لهم الدعوة لزيارة البيام والوقوف على معاناة المواطن.

وذكر الأستاذ حمدان كمال ملين، والذي يعمل متطوع في قسم الحماية في منظمة النوبة للإغاثة وأعادة التعمير والتنمية (NRRDO) في حديثه: (في بيام كمدا هناك 250 أسرة نازحة منذ أكتوبر 2022، بسبب أحداث مدينة لقاوة، حيث شارك النازحين الغذاء القليل مع إخوتهم المقيمين، وحدثت خلال شهر أغسطس الماضي 6 حالات وفاة من كبار السن والأطفال بسبب الجوع.
وهم: رجينه داؤد تيه – وتبلغ من العمر 75 وتسكن “الطرين”، وجبريل العوض ساكو، ويبلغ 65 سنه ويسكن “الطرين” واسماعيل حسين تيسو، ويبلغ من العمر 65 ويسكن “تنقرا”، والطفل صلاح عيسى ضحية (من ذوي الإحتياجات الخاصة) ويبلغ من العمر 7 سنوات ويسكن “الطرين”، والطفل دؤاد محمد كوكو ويبلغ من 13 سنة ويسكن “لادهو”، والطفل سعيد زين العابدين ابراهيم ويبلغ من العمر 4 سنوات ويسكن “الطرين”.

و بحسب حمدان، تعرض الموسم الزراعي لعام 2023 – 2024 لصعوبات بسبب شح الأمطار، وتفشي الآفات الزر اعية (خاصة الجراد) وتردي الأحوال الأمنية، مما أدى إلى فشل الموسم.
ووجه نداء إستغاثة للمنظمات الاقليمية والدولية بضرورة التدخل لإغاثة السكان.

في غضون ذلك، صرح الضابط الإداري المكلف للسلطة المدنية للسودان الجديد في بيام “طبق”، مصطفى التوم مرسل، بأن عدم توفر الأمن ساهم في تقلص المساحات الزراعية وقلة الإنتاج الزراعي، مما أدى إلى المجاعة. وأضاف: (نحن بدورنا كممثلين للسلطة المدنية في مناطق سيطرة الحركة الشعبية أرسلنا تقارير شهرية عن الأوضاع الإنسانية بصورة منتظمة).

وقال الشيخ عبده أبكر كاركو، شيخ قرية “شنغل” إن المعاناة تصاعدت وتيرتها بسرعة. وبحسب تعبيره: (منذ شهر فبراير إلى أن وصلنا إلى هذه الحاله “الكارثية” كل الأسر فى القرية لا تملك قوت يومها حيث إضطرت بعض الأسر إلى النزوح إلى بيام “لمريك” ولدينا في هذا الشهر حالة وفاة واحدة، إمرأة تدعى قسمة حميدان أزرق ، وهي مرضعة وتبلغ من العمر (35) سنه ، وهناك حالة إجهاض واحدة بسبب الجوع).

وإبتدر شيخ بوما “كمبل” عثمان أزرق أبوقور، حديثه بإنه كشيخ لا يملك شئ يقدمه للمواطن. وأضاف: (المواطن فقد كل ما يملك من ماشية بسبب الجوع لقد فقدنا المواطنة تمبولة على بتكل، وتبلغ من العمر 70 سنه. و 2 حالة إجهاض لأمرأتين (توتوية نور الدين حكمدار، وبخيته عوض صابون).

وقال رئيس تجمع الشباب في بيام طبق عبد الله حميدة خليل: (إن عدم توفر محصول الذرة في الأسواق وإرتفاع أسعاره بصورة جنونية أثر تأثيرا بالغا على المواطن في بيام “طبق” الذي يعتمد على السوق بشكل أساسي في شراء حاجته من هذا المحصول الذي يعتبر الغذاء الرئيسي، حيث وصل سعر ملوة الذرة في سوق الثلاثاء – قبل اعداد التقرير – 1،300 جنيه وهذا السعر غالي جدا للمواطن).

وأكد رئيس إتحاد الرعاة في البيام، حمدون إبراهيم أزرق، أن حالة الفقر والمجاعة التي يعيشها المواطنين في بيام “طبق” يعود إلى إنهم فقدوا أكثر من 700 رأس من الأبقار، و 800 من الأغنام التي تم نهبها خلال العامين 2024 – 2023. كانت هذه الثروة الحيوانية كفيلة بان تخفف آثار المجاعة إذا تم بيعها والإستفادة من عائدها في شراء الطعام”.

وناشدت المواطنة خميسة حقار كوكو – وهي إمرأة مسنة وتبلغ من العمر 70 سنة، وتسكن بوما “كركور”، السلطة المدنية للسودان الجديد، والمنظمات باغاثة المواطنين. وذكرت إنها تعيش على صفق الأشجار والحشائش منذ شهر مايو هي وحفيدتها وإن كتبت لها الحياة ولم تمت بسبب الجوع، تمنت أن لا تمر بهم مثل هذه الأحوال مرة أخرى.

العمدة والسطان السابق لمجتمع “طبق” عوض صابون علي، والذي يعتبر من المعمرين، أوضح أن المواطن لم يصل إلى مرحلة أكل القش وصفق الشجر بسبب المجاعة في تاريخ المنطقة، وتمنى أن تتحسن الأحوال. وأن تسرع المنظمات والجهات الخيريه لإنقاذ أرواح الناس.

وفي بيام “تلسي” التي تبعد من رئاسة المقاطعة 6 كيلو مترات تقريبا وتتكون من تسعة بومات (شوة، لمبو، سعادة، سرفاية، كرلانجا، تمبلا، ملا، وتردي، أرشليجي “داجو”) وصلت الأوضاع إلى حالة يرثى لها، فالمواطن يعاني الجوع والموت والأمراض الناتجة عن الجوع. وأفادت المواطنة علوية موسى كوكو، وتسكن قرية “سعادة” إنهم يعيشون على صفق الأشجار والحشائش التي أصبحت الطعام الرئيسي لها ولأفراد عائلتها، وذكرت إنه منذ أكثر من إسبوعين لم تتناول أي (كرمفي) (العصيدة بلغة مجتمع تلسى).

وقالت المواطنة أمونة بشير وتسكن “سرفاية” إنها تعيش هي وأسرتها أوضاع في غاية السوء لإنعدام ما يمكن تناوله، وأصبحت تعتمد على نبات الخضرة “الملوخية” والحشائش الأخرى، وبعض الثمار الغابية، وصفق الشجر، وثمر التبلدي النيئة.

وأوضح المواطن محي الدين عبدالله توتو، والذي يسكن بوما “شوة” ، إن معانا المواطنين بدأت فىي شهر مارس ووصلت ذروتها في شهر أغسطس، والناس تعيش الآن على صفق شجر “اللالوب” وورق اللوبيا.

وأشار أن الأسر لا تملك المقدرة على شراء ملوة الذرة التي وصلت إلى 1،300 جنيه وهذه القيمة قابلة للزيادة في ظل إرتفاع سعر الوقود وذكر أن هنالك عدد 2 حالة وفاة في البوما.

وقال الأستاذ/ عبد الرحمن تية تريمات، والذي يعمل في وحدة تنسيق جبال النوبة والفونج الجديدة بمقاطعة لقاوة، إن بيام (تلسي) سجلت حتى يوم 30 أغسطس 4 حالات وفاة بسبب المجاعة. وهم “موسى عثمان تية، ويبلغ من العمر 65 سنة ويسكن “شوة” وإبراهيم الأفندى ويبلغ من العمر 51 سنة ويسكن “شوة” والطفل يحيى إبراهيم حسن كوكو، ويبلغ من العمر 13 سنة ويسكن “لمبو” وكوة كوشي عبد الخير ويبلغ من العمر 80 سنة ويسكن “سرفاية”.
وقال إن هنالك مبادرات مجتمعية لتلافي آثار المجاعة لكنها محدودة الأثر وناشد وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى لتقديم الإغاثة بصورة عاجلة.

وأشارت سعدية عبد الله الأصفر، وتسكن بوما “لاو” في حديثها: (إن بوادر المجاعة ظهرت فى شهر أبريل ولكن إستفحلت في شهر أغسطس “الأوضاع سيئة للغاية”، الغذاء الرئيسي للمواطن في هذه القرية هو “صفق اللالوب وورق اللوبيا”، وقد ظهرت حالات كثيرة من أمراض تورم الأجسام). مع العلم إن البوما تستضيف عدد من نازحي قرية “أرشليجي” بعد الأحداث الأخيرة.

وفى بيام لمريك “تيما” التي تقع في رئاسة المقاطعة وتعتبر الأكبر من حيث عدد السكان وتشمل (8) بومات وهي (كريكر، كيو، بلول، كدادا، كارا، مريم زلطاية، تمو، رواء). قال الضابط الإدارى لبيام لمريك “تيما” – التوم محمود كنو: (أن الضغط على البيام كبير جدا بسبب نزوح عدد من الأسر من بيامات (كمدا طبق، وأبوجنوك) من مقاطعة “السنوط” بجانب نازحي لقاوة منذ العام 2022 وبعد أحداث الدلنج الأخيرة حيث أصبحت المعاناة موجودة وسط المواطنين منذ أبريل، وهذه حقيقة لا ينكرها أحد.

وقال الشيخ إبراهيم صلاح كوكو، شيخ بوما “بلول” إن البوما بها أكثر من (300) أسرة، وتستضيف عدد (50) أسره من نازحي لقاوة والدلنج، وبلغت نسبة الأسر التي تعاني من صعوبات توفر الغذاء، أكثر من (80%) من جملة الأسر، ونحن في حاجة إلى مساعدت عاجلة.

وقالت المواطنة زينب توتو دلدوم، من بوما “كيو”: (أن الأوضاع سئية جدا وهنالك حلات سوء تغذية وسط الأطفال “حالات هزال وضعف عام فى أجسام الأمهات والأطفال”. وأشارت إلى أن المعاناة بدأت منذ شهر أبريل، ولكن في الشهر الحالي الوضع حرج للغاية. والحمد لله لاتوجد حالة وفاة بسبب الجوع).

وذكر توتو كرم الله تية، ويسكن بوما “مريم زلطاية” وهو أب لأسرة تتكون من 11 فرد: (بسبب فشل الموسم الزراعى السابق، الناس تعبانين شديد ونحتاج إلى مساعدات).

وقال حسين بكر جمعة ويسكن بوما “كريكر”: (منذ شهر أبريل وحتى الآن توجد أسر تأكل صفق الشجر والحشائش وخاصة مناطق “لالوبا، كولو – كارتايه” التي تعني بلغه تيما “نبات، الكول والكركدي”). وأضاف: (الأوضاع سئية والناس في حاجة للإغاثة).

وقالت المواطنة مدينة جابر توتو: (إن سكان بوما “كدادا” يأكلون “الكول” وصفق “اللالوب”، المعاناة مستمرة، الأطفال يعانون من سوء التغذية، وقد ظهرت أمراض فقر الدم والتورم في الأجسام).

أما عبد الخالق كنو كافي، مسهل المجتمع ببيام “لمريك” فقد قام بجولة تفقدية بمرافقة مراسل الموقع الإلكتروني لتفقد أحوال المواطنين في البومات وبزيارة أخرى لمركز صحي “تمو”. وقال: (وجدنا أن هنالك حالات حرجة، منها 2حالة وفاة في بيام “لمريك”. مها حسين تيراب، وتبلغ من العمر 8 سنوات “ماتت غرقا”، وخير الله دهان مامور، 13سنه”الذى سقط من شجر تبلدى” كلاهما يسكنا بوما “كدادا”، لقوا مصرعهم أثناء بحثهم عن ما يسد رمقهم من الغذاء).

وأفاد مدير إدارة الخدمات الصحية بالمقاطعة، الشريف مطر زكريا، أن حالات سوء التغذية التي وصلت إلى مراكز التغذية بلغت (285) حالة، و(89) حالة فقر دم و(2):حالة إجهاض في بيام “طبق” بسب الجوع وهنالك عدد من حالات كثيرة مصابين بمرض الكواش “تكور البطن”، والبرومسمس (الهزال).

وقال المواطن يعقوب علي كوكو، إن هنالك ندرة في محاصيل (الذرة القمح، الذرة الشامي “عيش الريف). والبقوليات مثل (اللوبيا، الفول السوداني) في أسوق المقاطعة الأربعة الكبرى الإسبوعية (الثلاثاء – لمريك” و “السبت – رأس الفيل” و “الأحد – شوة و”الأربعاء سرفاية”. وحتى إن وجدت الإحتياجات، ولكن أسعارها مرتفعة، لان هنالك زيادة في أسعار السلع الإستهلاكية والموداد الغذائية خلال شهر أغسطس). وأشار إلى أن عدد كبير من الأسر الضعيفة والفقيرة في مقاطعة لقاوة ممن ليس لديهم المقدرة على توفير هذه الإحتياجات وليس لديهم المخزون الغذائي منذ شهر يوليو المنصرم. وبلغت الذروة في شهر سبتمبر الحالى، ويحتاجون إلى مساعدات عاجلة.

وأوضح مدير الوكالة السودانية للإغاثة وأعادة التعمير (SRRA) كافي كوكو كجام، أن (95%) من جملة سكان لقاوة من الأسر المقيمة والنازحة – والتي تبلغ وفقا لإحصائيات الوكالة (304 ،11) أسرة تحتاج إلى المساعدات.

وأشار إلى إن عدد حالات سوء التغذية في المراكز الصحية بمناطق (تمو، سعادة، كمبل) بلغت (285) حالة.

وأفاد إن سعر ملوة الذرة في سوق الثلاثاء اليوم (لحظة إعداد هذا التقرير) بلغ (14،000) جنيه وسعر ملوة الفول السوداني (5،000) جنيه، وإن أكثرا البيامات تأثرا هي (كمدا، طبق، تلسى، ولمريك).

وأشار في حديثه إلى إن هنالك (13) حالة وفاة في شهر أغسطس. وناشد كوكو المنظمات وأبناء جبال النوبة بدول المهجر بتقديم الدعم ومساعدة المواطنين.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.