أكتوبر ،إسمك الظافر ينمو في ضمير الشعب

اونجا كودلني

جموع الشعوب السودانية تمر علينا اليوم الذكرى السابع والخمسون لإنتفاضة أكتوبر المجيدة، وشأنها شأن الأحداث المفصلية في تاريخ السودان المعاصر، ظلت محورا لإختلاف السودانيين سواء على مستوى النخب السياسية المركزية الذين تعاقبوا على حكم الدولة والفكرية أو جماهير الشعب، ابتداء من اختلافهم في أكتوبر ذاتها مرورا بتقييم الأداء السياسي والإقتصادي والتنموي وصولا إلى المسؤولية عن هزيمة أهدافها الإستراتيجية ثم الإطاحة بها عبر انقلاب مايو 1969م بقيادة المجرم (حينها) جعفر محمد نميري.

ولكن ظلت ثورة ”أكتوبر” حدثا ملهما يجسد أشواق الشعوب السودانية للحرية، باعتبارهاحدثآ نوعيآ من حيث مناقشتها للقضايا الأساسية من طبيعة نظام الحكم، عملية السلام والتنمية الإقتصادية والاجتماعية، ومشاكل الوحدة الوطنية بأسس جديدة وعلاقة المركز بالأقاليم، وعلاقة الدين بالدولة إلى واجهة العمل السياسي، وما زالت كل هذه القضايا محور الصراع بل والاحتراب بين الشعوب السودانية حتى هذه اللحظة، حتى أدت هذه الإخفاقات إلى إنفصال السودان إلى دولتين، وما زالت الحروب الأهلية مشتعلة والبلاد ترزح تحت وطأة الفقر والقهر بقيادة نظام سياسي فاقد لأدنى شروط الأهلية للحكم حتى مقارنة بنظام عبود الذي أطاحت به أكتوبر أو نظام نميري الشمولي الذي أطاحت به انتفاضة 6 أبريل 1985 .
وتأسيسا على ذلك فإن روح أكتوبر النضالية مطلوبه اليوم بإلحاح أكثر من أي وقت، بل ان تفاقم الأزمة والطبيعة المتفردة من عقل العسكر الدكتاتورية الحالية من حيث استهدافهم لكل مؤسسات الخدمة العامة والتنظيمات السياسية والقوى الحية في المجتمع بالتخريب والتفكيك الممنهجين أفرز تحديات غير مسبوقة في تاريخ السودان تستوجب تغييرات جذرية في وسائل العمل من أجل التغيير في اتجاه السلام الشامل والمستدام وضمان التحول الديمقراطي في السودان.

وليست مصادفة أن يكون تاريخ “أكتوبر” المجيدة مهمشا مع سبق الإصرار والترصد في “الإعلام الرسمي”، بل يتسق ذلك تماما مع سياسات تجريف الذاكرة الوطنية لاسيما من الأحداث التى تلهم الوجدان الوطني وتشده نحو آفاق الحرية وتأسيس دولة المواطنة ودولة التعددية الثقافية وتعزز الثقة في قدرة الإرادة الشعبية على “إنجاز التغيير”، وهذه هي المعاني الخالدة لأكتوبر التي يجب ان تحرص “قوى التغيير” الإحتفاء به. لتعيد ثورة ديسمبر مجدها وتوطين شعاراتها وتجسيدها في بنية الشعوب السودانية حتى تكون سلوك إجتماعي، تمر الدولة السودانية في منعطف متشنج يعيق التحول الديمقراطي لأسباب هزيمة القوة الثورية لإرادتهم وأهدافهم التي انتفضت من اجلها الشعوب السودانية والأطاحه بنظام الانقاذ الذي تجسم في صدور الشعوب السودانية لمدة ثلاثين عاما من القهر والتشريد والتنكيل.

فلابد من قطع الطريق لكل من يحاول الإنقلاب على الثورة سواء من العسكر او التنظيمات المدنية التي المتحالفه مع العسكر، لابد من من ضرورة وجود سلام شامل ودائم يخاطب جذور المشكلة السودانية و تفكك السودان القديم وبناء الدولة العلمانية، الحديثة، وتكوين جيش قومي مهني بعقيد عسكرية جديدة، وتقديم المجرمين المطلوبين إلى العادلة، خاصة المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.