آفة (الجراد) تقضي على المحاصيل الزراعية في هذا الموسم وتُهدِّد الأمن الغذائي بالمناطق المُحرَّرة – إقليم جبال النوبة

 

تقرير أعدته الغرفة الإعلامية للحركة الشعبية لتحرير السُودان – شمال: splmn.net

جبال النوبة: الجغرافيا والسُّكَّان:
تقع منطقة (جبال النُّوبة / جنوب كردفان) جنوبي السُّودان، وتُغطِّي حوالي (88,000 كلم – ما يُعادل 30,000 ميل مربع) في منطقة سافنا مطيرة صيفاً، وتُحَد بولاية شمال كُردفان من الجهة الشَّمالية والنيل الأبيض شرقاً، ولاية جنوب دارفور من الجهة الغربية. ولها حدود كذلك مع دولة جنوب السُودان (ولاية أعالي النيل من الجهة الجنوبية الشرقية، ولاية واراب والوحدة جنوباً).

وتُغطِّي الجبال والمُرتفعات حوالي (18,5 %) من المساحة الكلية للإقليم وتُغطِّي المساحة الخصبة حوالي (45 %) من الأراضي، والتربة الرملية تُغطِّي حوالي (32 %)، وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية في الإقليم حوالي (15 %) من جملة الأراضي الزراعية في السُّودان.

الموارد الزراعية:
تُقدَّر مساحات الأراضي الصالحة للزراعة في السُّودان بحوالي (400) مليون فدان، أي حوالي (105) مليون هكتار تُعادل ما نسبته (42%) من إجمالي مساحة السُّودان – “المصدر الفاو” – وهي عادة ما تحتل مناطق السافنا الفقيرة والغنية والأقاليم الاستوائية لتشمل مناطق جنوب ووسط وشرق كردفان (منطقة جبال النُّوبة) حيث تُمثِّل احتياطياً إستراتيجياً مهماً في رصيد الإمكانات والموارد القومية السُّودانية خاصة الثروة الزراعية والغابية: فهي تحتوي على ما يُزيد عن إثنين ونصف مليون هكتار (6 ملايين فدان) من الأراضي الزراعية الخصبة المُخطَطة، وما يزيد عن عشرة ونصف مليون هكتار (25 مليون فدان) من الغابات، وبها ما يزيد عن (4) ملايين رأس من الماشية، وتُعتبر الزراعة التقليدية هي عماد اقتصاد النوبة، وهي أحدى الأشياء التي تُميِّز النوبة عن بقية المجموعات السُّكَّانية المُجاورة لهم، وتنتج منطقة جبال النُّوبة حوالي (11%) من إنتاج البلاد بالنسبة لمحصول السِّمسم و(10%) من الذرة و(4%) من الدخن، وقبل الحرب التي اندلعت بالإقليم منذ العام (1984) كانت جبال النوبة تنتج ما يقارب نسبة (45%) من الذرة المُنتج في السُّودان بعد منطقة القضارف التي تنتج (47%). كما تُمثِّل المصدر الثاني لإنتاج السِّمسم السُّوداني بعد منطقة الزراعة الآلية في القضارف. وتُمثِّل المصدر الثاني في السُّودان لإنتاج القطن بعد إقليم الجزيرة.
منذ اندلاع الحرب في الإقليم عام 2011 – بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي أعقبت اتفاق السلام الشامل (نيفاشا – 2005) سيطرت الحركة الشعبية لتحرير السُودان – شمال على مناطق واسعة من الإقليم (تعادل مساحتي رواندا وبورندي مجتمعتين) تضم أكثر من مليوني مواطن مستقر يعتمدون على الزراعة في نمط المعيشة. وتقوم السلطة المدنية للسودان الجديد بتقديم الخدمات الأخرى (تعليم، صحة، مياه، معينات زراعية.. إلخ).
النوبة اقتصاديا يُصنَّفون كـ (مُجتمعات زراعية) وتعتمد على الزراعة كمصدر رئيسي في الحياة وسبل كسب العيش، ولقد ظل السكان في مناطق سيطرة الحركة الشعبية منذ العام 2011 يعتمدون على الزراعة واستطاعوا أن يحققوا الاكتفاء الذاتي والاستمرار في الحياة طيلة السنوات الماضية.
في هذا الموسم هاجمت آفة الجراد مزارع المواطنين في مواقع تحت سيطرة الحركة الشعبية وأتلفت المزارع بصورة كبيرة، الأمر الذي يُهدِّد بوقوع كارثة إنسانية وفجوة غذائية في الشهور القادمة بعد نفاذ المخزون الإستراتيجي للمواطنين باعتبار إن هذا الموسم سيكون فاشلاً ولن يجد المواطنين ما يُبقيهم حتى الموسم القادم.
الغرفة الإعلامية للحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال قامت بإعداد هذا التقرير لتسليط الأضواء ولفت نظر الجميع وخاصة المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية تجاه هذه الكارثة الوشيكة. التقت الغرفة الإعلامية بالمواطنين والجهات المسؤولة في مجال الزراعة – وكانت الحصيلة التالية:
أثر الجراد على الزراعة بالمنطقة الغربية لجبال النوبة:

انتشرت آفة الجراد في هذا الموسم بالمنطقة الغربية لإقليم جبال النوبة بصوره مُخيفة – حيث ظل الجراد متواجداً طوال مراحل العمليات الزراعية وتسبَّب ذلك في القضاء على مساحات واسعة من المحاصيل الزراعية خاصا الذرة – وهذا مؤشر مُبكِّر وناقوس يدق الأبواب ويُنذر بان هنالك خطر داهم يلوح في الأفق يتطلَّب من الجميع التحسُّب لذلك وان العام القادم سيشهد نقص حاد وشح كبير في الكميات المُنتجة من الذرة والتي تُمثِّل الغذاء الرئيسي للسكان وهذا يستدعي العمل بجدية وبأسرع ما يمكن والاستعداد والتحوُّط منذ الآن. قام الموقع الإلكتروني splmn.net بجولة لاستجلاء الأمر وأجرى مُقابلات مع عدد من المزراعين والمسؤولين بإدارة الزراعة بمقاطعة (لقاوة) وكانت الإفادات على النحو التالي:

(أبو كلام كرندا تيوك) – مواطن يسكُن قرية (مريم) بيام “لمريك” – (تيما) في إفادته قال: (خرجت من الموسم الحالي صفر اليدين بسبب الجراد حيت قمت بزراعة 4 فدان ونصف من الذرة والتي تنتج سنويا بمعدل 16 الى 20 جوال ذره للفدان الواحد ولكنني لا أتوقع أي عائد هذا العام ونطالب حكومتي المقاطعة والاقليم بالتحرك لتدارك الموقف قبل ما الفأس يقع في الرأس فالأوضاع حرجة وغير مطمئنة).

إبتدرت (غبيشة ابراهيم صلاح) وهي مزارعة وربة منزل وتسكن قرية (بلول) بيام لمريك ( تيما) حديثها مُتحسرة على المجهود الذي ضاع هباءً وقالت إنها وصلت إلى قناعة بان حصاد مزرعتها التقليدية اليدوية والتي يبلغ مساحتها نصف فدان تقريباً وتنتج عادة 7 إلى 15 كيس زنة 20 ملوه وقالت : (إنتاج السنة دي حيكون قليل شديد بنأكلو في شهرين بس أنا وأبنائي – وبنتهي).

وقال (محمد فضل الله كرتكيلا) ويسكن (كدادا) بيام لمريك : (إن قلة الأمطار والآفات وخاصة آفة الجراد تسبب في قلة الإنتاج) – وأضاف: (أنا أنتج سنوياً 13 إلى 14 كيس زنة 20 ملوة ولكن بسبب ما ذكرته فالمتوقع 3 كيس أو أقل).

وقد أوضح المشرف الزراعي لبيام (لمريك) سعيد كوكو كافى – ان الجزء الغربي والجنوبي من بيام لمريك (تيما) والذي يضم قُرى (مريم، كدادا، روا، كارا) – تضرر اكثر وتوقَّع ان يكون الإنتاج لهذا الموسم فى البيام بنسبة 25 % فقط، وهذه نسبة مُتدنية جداً بالمُقارنة مع الموسم السابق الذي بلغ 86 % – أما الجزء الشمالى والشرقى (كريكر، كيو، بلول) فالأوضاع لا بأس بها.

وقال بخيت حقار أبو سن – والذي يسكن قرية (الأغيبش) بيام طبق (تانق) – إن تأثير الآفات وخاصةً الجراد والطيور وشُح الأمطار بجانب الأوضاع الأمنية المُتردية سيؤثِّر كثيراً على الإنتاج في هذا العام – وحسب توقُّعه – فالإنتاج سيكون قليل ومُتدنِّي – وأضاف :(أنا أنتج سنوياً 6 إلى 9 جوالات، ولكن الإنتاج هذا العام لن يتعدَّى 2 جوال).

أفاد شيبون على خميس – الذي يسكُن قرية (كمبل) بيام (طبق) إن الجراد والطيور والحشرات قضيا على كل شى – الأخضر واليابس، وأضرت بالمحصول وأكلت صفق الأشجار وأضاف قائلاً: (أنا أنتج سنويا 7 إلى 9 جوالات ولكن الإنتاج المتوقَّع في هذا العام سيكون أقل بكثير – لن يتعدَّى 1 جوال ونصف).

وقال آدم أزيرق الرقيق – الذي يسكُن قرية (كركور) بيام “طبق” ان الإنتاج سيكون ضعيف بسبب الآفات خاصةً الجراد والطيور بالإضافة إلى قلة الأمطار – وأضاف :(أنا سأقوم برش المبيدات كآخر حل للمحافظة على ما تبقَّى من المحاصيل الحقلية والحبوب الزيتية) وأشار أزيرق – إنه سنوياً ينتج 6 إلى 8 جوالات – ولكن الإنتاج هذا العام سيكون قليل، ما بين 2 جوال إلى 3 جوالات حسب توقُّعاته.

حيدر سعدان إبراهيم – ويسكن قرية “شنقل” بيام طبق (تانق) – قال: (الإنتاج سيكون ضعيف بسب ضيق المساحة المزروعة لأسباب أمنية أضف إلى آفة الجراد، فأنا أنتج سنويا 9 إلى 10 جوالات ولكن الإنتاج هذا العام سيكون بين 1 كيس إلى 2 كيس زنة 20 ملوة).

ومن جانبه قال المشرف الزراعي لبيام (طبق) محمد أبوه عابدين :(أن الأوضاع الأمنية المُتردِّية وشُح الأمطار والآفات، خاصةً الجراد والطيور والحشرات تسبَّبت في الكارثة – فالأوضاع في الجزء الجنوبي والغربى للبيام أسوأ – وتأثرت أكثر).

وقال ككى توتو أبوشوك – ويسكن قرية (سرفاية) بيام (تلسى) – إن الأوضاع لا بأس بها، الجراد موجود ولكن ليس بالكميات الكبيرة والمُخيفة وأتمنَّى أن لا تتغيَّر الأحوال إلى الأسوأ حتى يكتمل الحصاد – وقال إنه ينتج سنوياً 40 إلى 50 جوال – ولكن الإنتاج هذا العام سيكون أقل – وبحسب تقديره سيكون 20 إلى 30 جوال.

وصفت زينب عثمان ككي – التي تسكن قريه (لاو) بيام (تلسي) الأوضاع بالكارثية، وقالت أن 75% من المزارعين فقدوا الأمل تماماً والإنتاج المتوقَّع سيكون ضعيف جداً بسب آفة الجراد وشح الأمطار – وأضافت :(إنتاجي لن يتعدَّى 5 جوال وبالمقارنة مع الموسم السابق الذي بلغ فيه إنتاجي 35 جوال – الفارق شاسع وكبير).

وقال حماد حمدان تاور – وهو نازح من لقاوة يسكن (أرشليجى) بيام (تلسي) إن قلة الأمطار وآفة الجراد تسببا في عدم الإنتاج. مُضيفاً :(زرعت 7 حبال “مقياس محلى لمساحة الأرض الزراعية” وهذه أول مرة أزرع فيها هنا، فالتربة جيِّدة، ولكن أتوقَّع أن يكون الإنتاج 3 إلى 4 كيس فقط من الذرة زنة 20 ملوة).

المشرف الزراعي لبيام (تلسي) – ضو البيت تيه أبو لغم – أكَّد أن الجزء الشمالي والغربي للبيام – قرى (لمبو، ملا، لاو، تردي، أرشليجى)، تأثَّر كتيراً بآفة الجراد وشح الأمطار ولكن الأوضاع في الجزء الشرقي والجنوبي (شوة، سعادة، سرفاية، كرلانجلا، تمبيلا) أحسن حالاً.

حمدان كمال ملين – ويسكن قرية (الطرين) بيام (كمدا)، أكَّد :(إن الأوضاع الأمنية وآفة الجراد والطيور والحشرات تسببا في الكارثة، وسيزداد الأمر سوءاً في الشهور القادمة، والإنتاج لن يتعدَّى 2 جوال، فنحن بحاجة إلى المساعدة اليوم قبل الغد).

وقال حامد قادم مكي – من قرية (نمر شاقو) إن آفة الجراد قضت على المزارع وأتلفت المحصول، وقال إنه ينتج سنوياً بمعدل 6 إلى 9 جوال ذرة ولكن هذا الموسم سيقل إلى 3 إلى 4 جوال.

يوسف الحاج إدريس – الذي يسكن قرية (الفقرة) بيام (كمدا) قال إنه كمزارع بذل مجهود كبيره ولكن ظروف شح الأمطار وآفة الجراد والطيور والحشرات سيسهم في عدم الإنتاج وأضاف قائلاً :(أنا سنوياً بنتج 6 إلى 9 جوال ولكن الإنتاج المتوقَّع هذا العام سيكون 4 جوال فقط).

المُشرِف الزراعي لبيام (كمدا) – الطاهر الفكي عبد الرحيم – في إفادته أكَّد إن الأوضاع الأمنية والظروف الطبيعية أثَّرت على كافة أرجاء البيام، وقال إن هذه الأسباب ستؤثِّر في الإنتاج بكل تأكيد ومع وجود أعداد مُقدَّرة من النازحين سترتفع الأسعار بشكل مُلاحظ وكبير.

وتوقَّع رئيس الغرفة التجارية بمقاطعة لقاوة – جابر مكي كافي – أن ترتفع الأسعار بشكل كبير. وعلى الرغم من أن الإنتاج الجديد من محصول الذرة لم يصل إلى الأسواق بعد، إلَّا أن كل الدلائل والمؤشِّرات تقول إنه سيكون هنالك مؤثِّرات على العرض والطلب وستُساهِم في إرتفاع أسعار محصول الذرة بشكل ملحوظ وكبير وهذا سيُشكِّل عبئاً اضافياً على الأسر الفقيرة.

مُدير إدارة الزراعة والأمن الغذائي بمقاطعة (لقاوة) – باب الله حماد توتو – أكَّد أن عدم توفُّر مُدخلات الإنتاج في بداية هذا الموسم، مع تدهور الأحوال الأمنية في أرجاء المقاطعة وتأخُّر صيانة الآليات الزراعية الخاصة بالمشاريع المجتمعية (سيرا / سيامي) وتذبذُب هطول الأمطار وانتشار آفة (الجراد)، وعدم توفُّر إمكانيات ووسائل مكافحته في أطوارِه الأولى، بجانب الحشرات والطيور – أدَّى إلى فشل الموسم الزراعي. وأشار حماد إلى أن إدارة الزراعة كانت تعوِّل كثيراً على الزراعة الآلية والمشاريع داخل التخطيط لأنها تُساهم بشكل كبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتغذية أسواق المحاصيل بمقاطعة (لقاوة) والمُقاطعات الأخرَى بالفائض من إنتاج الذرة وأكَّد (حماد) إن نسبة المُتضرِّرين ستبلغ 76 % من جملة سكان المقاطعة وسيمتد الأثر إلى أجزاء من بيامات مقاطعة (لقاوة) مثل بيام (أبوجنوك). وعدة بيامات في مقاطعة الدلنج – على سبيل المثال: (سلارا، كاركو، الفرشاية) لاعتمادها على الذرة المُنتج في مقاطعة (لقاوة). وأوضح حماد إن جملة المُستفيدين من المشاريع المجتمعية في المقاطعة تبلغ (880) مُزارع خرج منهم (640) في الموسم الحالي تماماً. وهذا يُعادل نسبة 77 %. وجملة المساحات المزروعة 14 % والمساحة غير المزروعة 86%. وأضاف حماد قائلاً: (إن مُقاطعة لقاوة بصفة خاصة، والمنطقة الغربية عامة تحتاج لتدخُّل إسعافي عاجل، فحسب المُلاحظات والمؤشِّرات الواردة في التقارير الشهرية للبيامات – فإن الجفوة الغذائية المُتوقَّعة ستكون كبيرة والآثار المُترتبة عليها ستكون وخيمة – ونحن كإدارة زراعة بالمقاطعة سنقوم بمسح زراعي شامل – وسيقطع نتائج هذا المسح الشك باليقين ويُحدِّد الأضرار بشكل دقيق).

المنطقة الشرقية لإقليم جبال النوبة:

شهدت مقاطعة رشاد بالمنطقة الشرقية لإقليم جبال النوبة تفشي واسع للآفات الزراعية مما أدى الى فشل الموسم الزراعي الحالي. وقال الأستاذ محمود عيسى مدير إدارة الزراعة والغابات بمقاطعة رشاد إنهم يتوقَّعون أن يواجه الموسم الزراعي الحالي بعض الصعوبات بسبب قلة هطول الأمطار. وأفاد محمود بأن الأمطار لم تهطل بالمنطقة خلال شهري يوليو وأغسطس، مما أثَّر على الزراعة، وبات من المحتمل فشل الموسم الزراعي.

وفي ذات السياق افاد بأن المقاطعة شهدت تفشي للآفات الزراعية على نطاق واسع. وخاصة أسراب الجراد (سار الليل) والجراد (الصحراوي).

وبحسب قوله، فأن هنالك تقارير واردة كشفت عن انتشار الآفات الزراعية في جميع البيامات بالمقاطعة. وتوقع حدوث فجوة غذائية محتملة بالمنطقة الشرقية بسبب فشل الموسم الزراعي.

منسق الأمن الغذائي بمنظمة كما للمبادرات – منزول النور محمد – قال: (بعد ظهور آفة الجراد وانتشارها بالإقليم، نحن في منظمة (كما) للمبادرات وانطلاقا من رؤية المنظمة “نحو مجتمع مشارك متطوِّر، ومكتفي ذاتياً يعيش في سلام”، قمنا بتدريب عدد (8) من الشباب على مستوى بيام تنقلي كتجربة أولى على استخدام واستعمال مبيدات الرش اليدوية وطرق الحماية من آثارها السالبة. ساهمت المنظمة بتوفير المبيد وساهم شباب المنطقة بتوفير الغذاء وقامت الغرفة التجارية بتوفير الترحيل الى موقع انتشار الجراد).
وأضاف: (ساهمت المنظمة أيضاً بمبادرة في الموسم الزراعي الحالي وقد تم تدريب حوالي (79) من المزارعين على مستوى المنطقة الشرقية على زراعة الفاكهة والخضروات ودعمها بالمعدات الزراعية والبذور وساعد ذلك كثيراً في توفير الأمن الغذائي).

المنطقة الوسطى لإقليم جبال النوبة:

تضررت كذلك المنطقة الوسطى لإقليم جبال النوبة وربما تكون من أكثر المناطق تضرراً – وفي إفادته قال شيخ قرية (تمبيرة) بمقاطعة هيبان – الشيخ ابراهيم سجادة كوكو – شيخ قرية تمبيرة: (إن آفة الجراد ظهرت في قريته في بداية شهر أغسطس 2023م، وحتى الآن، ومع بداية نمو المحاصيل الزراعية خاصة الذرة بدأت تلك الأسراب بالقضاء عليها. مُفيداً بإن عدد الأسر بقريته (350) أسرة، أي ما يعادل (350) زراعة ومساحة المشروع لكل أسرة يتفاوت ما بين 3 الى 9 فدان ومتوسط إنتاجية الفدان الواحد ما بين (25-30) جوال ذرة في الموسم).

وأفاد الشيخ كذلك بأن آفة الجراد لم تظهر من قبل في منطقته إلَّا في هذا العام، وكل مواطني قريته يعتمدون على الزراعة كحرفة أولى ورئيسية في معيشتهم، والآن الجراد قضى على كل مشاريعهم الزراعية كلياً ولا يملكون قوت يوماً واحداً. وقال أيضاً إن حكومة الإقليم قامت بزيارة ميدانية للوقوف على حجم الضرر الكبير الذي أصاب المواطنين وطالب المُنظَّمات بأن تقوم بمساعدتهم.

في قسم الزراعة بالغرفة التجارية – إقليم جبال النوبة التقينا الأستاذ / حمدان عمر بخيت – حيث أفاد قائلاً: (لقد خطَّطنا لزراعة مساحات كبيرة في هذا الموسم لسد العجز في الفجوة الغذائية نسبة لزيادة عدد النازحين للإقليم نتيجة للاقتتال الدائر في الخرطوم ولكن آفة الجراد قضت على كل شي قبل تبدأ خططنا).
وأضاف قائلاً: (بعد وصول الشكاوى إلينا بانتشار آفة الجراد قمنا في قسم الزراعة بالغرفة التجارية بالإقليم بزيارة ميدانية لكل المناطق المتضررة بآفة الجراد وقمنا بمسح ميداني للمشاريع الزراعية بواسطة الجمعيات الزراعية بالإقليم ووصلتنا التقارير وكانت صادمة والكارثة كبيرة ونحن لا نملك أدنى معينات مكافحة الآفات الزراعية).

من جانبه أفاد الخبير الزراعي (كامل عمر) أن الجراد في تحرُّكاتِه أتى من الشمال وارتكز في الإقليم في المناطق ذات الأشجار الكثيفة، ووضع يرقاته في مناطق كبيرة وواسعة – وما ضاعف الأمر سوءاً قلة الأمطار في هذا الموسم مما ساعده على النمو والانتشار حول المحاصيل الزراعية في بداية النمو. وأضاف: (الجراد يتطوَّر عبر التوالُد مما أصبح مُهدِّد رئيسي للاقتصاد الزراعي بالإقليم لأن ارتكازها كان في الحدود الجغرافية لإقليم جبال النوبة والوسيلة الوحيدة لإزالة يرقاتها هي الأمطار الغزيرة والتي قلَّت نسبتها في هذا العام حيث هطلت بنسب ضئيلة جدا. أن نسبة الضرر كبيرة تُقدَّر ما بين 70- 80% وهي نسبة ضرر كبيرة بالطبع).

أما بالنسبة للزراعة الآلية – فقد أكَّد كامل أن عدم وجود الوقود وتوفُّر التراكتورات لظروف الحرب الدائرة في الخرطوم والذي نتج عنه نزوح كميات كبيرة من المواطنين الذين لم يحظو بموسم زراعي جيِّد، كل هذه العوامل تُنذر بكارثة غذائية كبيرة في الإقليم إذا لم يتم تدارك الأمر.

وأضاف قائلاً: (مُكافحة الجراد تحتاج لإمكانيات ضخمة ومُحاربته يتطلَّب رش المبيدات بالطيران، والإقليم إمكانياته محدودة، إما بخصوص المُكافحة التقليدية بالطلمبات، فلا يُمكن كذلك مُكافحة آفة الجراد على مستوى مناطق الإقليم الواسعة أو عبر سكرتارية الزراعة لمحدودية الإمكانيات. لذا نحن في حاجة لتضافر الجهود بين أبناء الإقليم بالداخل والخارج بالإضافة إلى المنظمات الدولية مثل (الفاو) باعتبارها المنظمة الوحيدة المسؤولة عن الزارعة والأمن الغذائي.

وفي ختام حديثه طالب (كامل) أبناء الإقليم بدول المهجر أن يعملوا جاهدين لتوصيل المعلومات لجهات الاختصاص عبر المجموعات التي تتحرَّك لجمع المعلومات، وحثَّ المواطنين بالتحلِّي بالصبر والتكاتُف مع بعضهم البعض في هذه الظروف والاهتمام بزراعة الخُضر لتوفير الغذاء.

الاستاذ/ عبد العظيم يعقوب – سكرتير إدارة الزراعة والأمن الغذائي بالسلطة المدنية للسُّودان الجديد بإقليم جبال النوبة – أفاد إن إدارته أعدَّت تقريراً بخصوص آفة الجراد حيث أكَّد التقرير إن الجراد أتى إلى الإقليم من اتجاه الشمال وكان ذلك في فترة الصيف بين شهر (مارس – أكتوبر) 2023 في تلك الفترة كان يُهاجم الاشجار. وبدأ يضع البيض في بداية هطول الأمطار، تحديداً في بداية شهر (مايو – يونيو). وبداء يُفقِّس في منتصف (يوليو). وبعدها بداء بمُهاجمة الزراعة في طور نمو النبات (الإنبات) في بعض المُقاطعات. في هذه الفترة حصل توقُّف في حطول الأمطار بالذات في منتصف يوليو حتى نهاية أغسطس مما شجَّع على مُهاجمة المحاصيل في بداية سبتمبر وهي في الطور (اللبني) مثل (الذرة، اللوبيا، الذرة الشامية) وأيضاً مُهاجمة الأشجار مُتغذِّياً على أوراق الأشجار – وبالأخص أشجار (اللالوب – والنبق) وهي تُعتبر من أهم الأشجار الغابية المُثمرة التي تُساعد في زيادة وتحسين اقتصاد الفرد بالإقليم.

حجم الضرر والمناطق التي تضرَّرت بفعل هذه الكارثة:

تضرَّرت مُعظم مُقاطعات الإقليم بالمنطقة الغربية بدأ الضرر منذ بداية (الإنبات) وحتى الطور (اللبني) في مقاطعات: (هبيلا، الدلنج، السنوط، لقاوة، دلامي، رشاد، هيبان، تقلي الجديدة، تلودي، توبو، الريف الشرقي، وغرب كادقلي).

نسبة 90% من مساحة الإقليم تضرَّرت بهذه الآفة.

حجم الضرر في الإنتاج يتراوح بين نسبة (70% – 75 %) من حيث الدمار في المحاصيل ونسبة (65%) ضرر في الغطاء النباتي أو الغابي مما يوثِّر سلباً في التغيير المناخي والذي يؤدِّي بدوره إلى تدهور وقلة الأمطار في الموسم القادم مما سيُفاقم حجم الكارثة ويُساهم في استمراريتها.

الجهود الرسمية والحكومية في السودان الجديد لمكافحة الجراد:

الجراد آفة قومية تُكافح من دولة إلى دولة وعن طريق رش المبيدات بالطيران، لذلك كان دور الحكومة بالمناطق المحررة ضعيفاً نسبة لعدم وجود هذه الإمكانيات الكبيرة لمكافحة هذه الآفة. وصلت التقارير إلى حكومة الإقليم من المُزارعين بانتشار آفة الجراد وطالبوا بتدخُّل السُلطات المُختصَّة ولكن لم تتمكَّن من التدخُّل لإنقاذ الموقف بسبب عدم توفُّر مثل هذه الإمكانيات.

السلطة المدنية للسُّودان الجديد بالإقليم وضعت خطة لمُجابهة تداعيات هذه الكارثة، خاصة الانخفاض في الانتاج – وتمثَّلت الخطة في الآتي:

1/ توعية المواطنين بخطورة حدوث الكارثة (نقص في الغذاء)، المواكبة وكيفية مواجهة هذه الكارثة باستخدام واستهلاك ما يملكونه بالطريقة المُرشَّدة (عدم الإفراط في الاستخدام).

2/ دعوة المُنظَّمات المحلية والدولية العاملة في مجال الأمن الغذائي للتدخُّل لإنقاذ هذا الموقف الكارثي (مثل مُنظمة الأغذية الزراعية الأممية، منظمة برنامج الغذاء العالمي) والمنظَّمات الأخرى
مخاوف من حدوث فجوة الغذائية:

العام 2024 يُنذر بحدوث كارثة وفجوة غذائية للأسباب التالية:

1/ اندلاع حرب 15 أبريل 2023 في الخرطوم سبب في نزوح أعداد كبيرة من المواطنين إلى داخل الإقليم مع عدم توفير الغذاء من أي جهة أخرى غير الجهود المحلية وخاصة المواطنين، فقط طيلة هذه الفترة كانوا يعتمدون على أسرهم وأقربائهم في حصولهم على الغذاء وغيره من المُتطلبات ممَّا أثَّر على اقتصاديات الأُسر المُستضيفة.

2/ تذبذب الأمطار بسبب التغيير المناخي أثَّر على الإنتاج والإنتاجية.

3/ انتشار آفة الجراد في كافة مُقاطعات الإقليم والتي قضت على المحاصيل في هذا الموسم.

الأسباب المذكورة أعلاه أدَّت إلى تدنِّي الإنتاج والإنتاجية لهذا الموسم الزراعي بنسب تتراوح بين (70% – 75%).

تأثير آفة الجراد على اقتصاديات سكان المناطق المُحرَّرة:

الغرفة الإعلامية للحركة الشعبية – شمال splmn.net التقت بالخبير الاقتصادي – وليد علي خميس – مدير عام إدارة الاقتصاد والموارد المالية بإقليم جبال النوبة وسألته عن تأثير آفة الجراد في هذا العام على اقتصاديات سكان المناطق المُحررَّة – فكانت إفاداتِه على النحو التالي:

(من المعروف ان المناطق المُحرَّرة تعتمد اعتمادا كلياً على الزراعة التي تُمثِّل الحرفة الرئيسية لغالبية السُّكان – لكن في هذا العام بعد ظهور آفة الجراد، فإن كثير من المناطق ستخرج من الموسم الزراعي بدون إنتاج لأن الجراد قضي على جميع المحاصيل المزروعة خاصة في المنطقة الغربية من الإقليم وأجزاء واسعة من المنطقة الشرقية وأجزاء من المنطقة الوسطى ولذلك فإن هذه المناطق ربما تكون مُهدَّدة بالمجاعة).

وأردف بقوله: (المشكلة الأساسية تكمُن في إن هذا الجراد ليس هو بالجراد الوافد لأنه أتى في العام السابق، ثم وضع البيض واستوطن في هذه المناطق حتى اكتملت دورة حياته فخرج ليلتهم كل الإنتاج الزراعي دون رأفة – فالأزمة الحقيقية تكمُن في إن الجراد المُستوطِن ربما يمكُث سنوات.. وسنوات في هذه المناطق وربما ينتقل إلى المناطق الأخرى فضلاً عن ان طُرق المُكافحة ما زالت تقليدية – جدا لذلك هذه الكارثة لها آثار اقتصادية سيئة علي حياة المواطنين. فمعروف اقتصاديا عندما تكون هنالك نُدرة أو شُح في سلعة مُحددة – الذرة مثلا – فان أسعار هذه السلعة ترتفع لأن العرض الكلي لا يكفي لمُقابلة الطلب الكلي، وهذا بدوره يؤدِّي إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطنين. فبالتالي هذا له تداعيات خطيرة على معاش الناس ويتمظهر ذلك في حالة الهلع والخوف والتذمُّر لأن النُدرة تجبر المواطنين والتُجَّار على تخزين ما لديهم من سلعة خوفاً من المستقبل).

كما أكَّد وليد علي: (إن خروج بعض المناطق من الموسم الزراعي أثَّر كذلك على متوسط دخل الفرد خاصة الذين تجاوزوا الزراعة التقليدية “الاكتفاء الذاتي” وأصبحوا يمارسون حرفة الزراعة من المنظور الاقتصادي “الإنتاج بغرض البيع أو التصدير” لذلك هذا الوضع ينذر بكارثة حقيقية إذا لم يتم التحرُّك السريع لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه).

وأضاف: (يجب على سكان المناطق المُحرَّرة الاعتماد على أنفسهم بالدرجة الأولي وذلك بزيادة الرقعة الزراعية وتعبئة مواردهم الذاتية كي يتم تجاوز مرحلة الاكتفاء الذاتي وذلك بزيادة الانتاج. فيما يلي الجانب الحكومي فأننا نعمل على تمويل الاستحقاقات الهامة في إطار الموازنة وتثبيت الاقتصاد الكلي عن طريق تفعيل المواعين الإيرادية غير النشطة وزيادة الجُهد الضريبي لمُقابلة الاحتياجات الأساسية للمواطنين).

وأخيراً ناشد مدير عام إدارة الاقتصاد والموارد المالية بالإقليم – كل المُنظَّمات العاملة في المجال الإنساني بعدم التعامل بازدواجية المعايير في التعاطي مع القضايا الإنسانية وأضاف: (ذلك يتنافى مع مبدأ الأخلاق، عوضاً عن ذلك فإننا نرَى ان كل المُنظَّمات العاملة في المجال الإنساني تُسخِّر كل جهودها وإمكانيتها لخدمة مناطق مُحدَّدة من مناطق النزاعات في العالم أوكرانيا، اليمن، فلسطين …إلخ. علماً بأن المناطق المُحرَّرة منذ العام 2011 تعيش في هذه المأساة، ولكنها لم تجد الاهتمام الذي يرتقي إلى مستوى مُعاناة الناس وهذا في حد ذاته يقدح في مصداقية المنظمات العاملة في المجال الإنساني. ولكن بالرغم من ذلك فالفرصة لازالت مواتية لهذه المنظمات لكي تلتقط القفاز وتلعب دورها المنوط به في تخفيف مُعاناة الناس وذلك بتوفير الاحتياجات الأساسية في الحد الأدنى، والَّا سيكون ذلك وصمة عار على جبين الإنسانية).

أخيراً:

طيلة السنوات الماضية استخدمت الحكومة السودانية الغذاء كسلاح لمحاربة المواطنين في مناطق سيطرة الحركة الشعبية، حيث منعت عنهم الإغاثة والمساعدات الإنسانية – فاعتمد المواطنين على أنفسهم من خلال الزراعة كحرفة يتقنونها. ولكن هذا العام وبعد مُهاجمة آفة (الجراد) على المزارع والقضاء على المحاصيل فإن وقوع الكارثة الإنسانية مسألة حتمية خصوصاً بعد لجوء أعداد كبيرة إلى مناطق سيطرة الحكومة فراراً من الحرب الدائرة في الخرطوم وغيرها من المدن التي تقع تحت سيطرة الحكومة.

إذاً الكارثة قادمة ما لم تقم المنظمات الدولية والإقليمية العاملة في المجال الإنساني بوضع خطتها لإغاثة المواطنين بالأراضي المحرَّرة وتُقدِّم المُساعدات الإنسانية لمواجهة الخطر الحتمي القادم. حيث يمكنها زيارة المناطق تحت سيطرة الحركة الشعبية – شمال ومُقابلة المواطنين وحكومة الإقليم والمنظمات المحلية وإجراء المسوحات وغيرها من التدابير الضرورية.

للتواصل والمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة الموقع الإليكتروني الرسمي للحركة الشعبية – شمال -splmn.net.

الإيميل: [email protected]
واتساب: +211921290612

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.